كاتب بريطاني: باستمرار الاستبداد .. مصر تضع مصيرها على المحك

كتب: جبريل محمد

فى: صحافة أجنبية

10:31 29 مارس 2017

تحت عنوان "مصر تتأرجح بين التطرف والاستبداد".. نشر الكاتب "ديفيد جاردنر" مقالاً في صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية تحدث فيه عن اﻷوضاع التي تعيشها مصر حاليًا، والمخاطر التي تحيط بها، والمنطقة في ظل تخلي الغرب عن سياساتها السابقة في دعم الحكام العرب المستبدين.


 

وفيما يلي نص المقال

 

حسني مبارك، رئيس مصر السابق لمدة ثلاثة عقود حتى ثورة 25 يناير 2011، خرج من السجن الأسبوع الماضي، وفي الأسبوع المقبل، يعتزم الرئيس عبد الفتاح السيسي زيارة البيت الأبيض، بدعوة من الرئيس دونالد ترامب، الذي وصفه العام الماضي بأنه رجل رائع.

 

فرعونا مصر الحديثان يتشابهان في وضع العوائق أمام التحول من الاستبداد، وفي الوقت نفسه طرد البرلمان الشهر الماضي النائب محمد أنور السادات ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات الذي اغتيل عام 1981، وواحد من النواب المعارضين، بجانب وجود آلاف من الشباب الذي شاركوا في احتجاجات التحرير في سجون مصر.

 

مصر في حالتها الصعبة الحالية، من غير المرجح أن تكون محور اهتمام سياسي ﻷي شخص في الشرق الأوسط، ومع ذلك تبقى حقيقة تاريخية، وهي موقعها الجغرافي، وعدد سكانها الذي يبلغ 100 مليون شخص يجعلها - افتراضيًا-  إذا لم يكن هناك شيء آخر، مركزا لأي حسابات إقليمية.

 

الولايات المتحدة، والاتحاد اﻷوروبي، وجيرانها العرب لا يزالون بحاجة إلى إعادة النظر في مراجعة ماذا يمكن لمصر أن تقدم لهم، وعلامات الحكم بسيطة، وليست جيدة.

 

على مدى عقدين من الزمان حتى طرد الرئيس السادات المستشارين الروس عام 1972، كانت مصر مركزا للسوفيت في الشرق الأوسط، وبعدما وقع السادات معاهدة كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل عام 1979، أصبحت مصر ركيزة إقليمية للسياسة الأمريكية.

وفي أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي يصفان البلد بأنها مختبر إقليمي للإصلاح الاقتصادي، وفي الواقع، كان نظام مبارك يستعد لتوسيع دائرة الرأسمالية المحسوبة، مما مهد الطريق إلى التحرير.

 

جاءت خطوة الرئيس السيسي عام 2013 بعد احتجاجات جماهيرية ضد الرئيس محمد مرسي، الذي فازت جماعته الإخوان المسلمين بسلسلة من الانتخابات بعد فشل القوى اليسارية، والليبرالية الذين لعبوا دورا في احتجاجات التحرير.

 

الإخوان، بعد سنة في السلطة، أساءوا استخدام تفويض الثوار.

 

ومن وجهة نظر الرئيس ترامب، السيسي تمكن بعد عام اﻹخوان من "السيطرة على مصر .. حقًا سيطر عليها ".

 

وهناك وجهة نظر أخرى تراه منقذ البلاد من العودة للماضي، الجيش راسخ في مواجهة الإسلاميين المتطرفين على نحو متزايد.

 

ويقول مسؤول سابق: إن السيسي يأمل أن ظهوره مع ترامب يحدث تغييرًا جذريًا في السياسة الغربية، التي اعتبرها حكام مصر تخلت عنهم واستجابوا للاضطرابات المدمرة المسماة "الربيع العربي".

 

وأضاف المسئول :" أجهزتنا العسكرية والأمنية تعتقد حقا أنها (الربيع العربي) مؤامرة كبيرة، هدفها تدمير الجيوش العربية"، وهذا يظهر ليس فقط في القمع الشامل للحريات المدنية، ولكن في عدم كفاءة اﻷجهزة الذي يزعزع الاستقرار.

 

وفي وقت متأخر من العام الماضي، أقر البرلمان قانونًا يضع جميع المنظمات غير الحكومية في مصر تحت سيطرة الحكومة، وكل ذلك يقطع عنها التمويل الأجنبي.
 

هذا القانون فتح النار على المنظمات غير الحكومية، منها نحو 200 منظمة تدافع عن حقوق الإنسان، وإذا طبق هذا القانون فسوف تمحو ما تبقى من منظمات المجتمع المدني، فضلًا عن تقليص خدمات الرعاية التي لا تستطيع الدولة تقديمها.

 

ولم يوقع الرئيس بعد على القانون الذي قال وزير سابق إنه قدمته الحكومة الحقيقية في مصر، اﻷجهزة اﻷمنية- إلى مجلس الوزراء ﻹقراره، وهو ما أدى إلى طرد النائب السادات، نموذج الحكم في مصر، اﻹقرار أولا، دون مناقشة، ثم دراسة ما يعنيه.

 

الرئيس السيسي تمكن من علاج العلاقة الوحيدة الأكثر قيمة لمصر مع السعودية والتي قطعت بلايين الدولارات من المساعدات، وكان أحد أسباب الخلاف تنازل القاهرة عن جزيرتين في البحر الأحمر للسعودية، مما أثار رد فعل قومية وأكبر احتجاجات منذ أحداث 2013.

 

وبعدما خسرت مصر حليفتها السعودية، اضطرت إلى تسريع وتيرة الإصلاح للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لسد العجز الذي تعاني منه البلاد.

 

وشملت التدابير المتأخرة والمتسرعة تحرير سعر الصرف وتخفيض قيمة العملة، وتخفيض الدعم الذي تسبب في احتجاجات الخبز.

 

قد لا يكون هناك بديل عن الرئيس السيسي، إلا رجل آخر جيد في اﻹدارة - على الأقل في الوقت الراهن، لكن فكرة الرئيس ترامب بأن الزعيم المصري "حقا" يسيطر على اﻷوضاع ولا يتأثر بتراكمات الحطام السياسي، حتى أن دبلوماسي غربي يقول "المشكلة هي أنهم يمارسون سياسة من دون سياسة، والتي يعتبرونها فئوية، ومضادة للتفكك والتخريب".

 

وإذا لم تتمكن مصر من رسم طريق للمضي قدما بين التطرف والاستبداد، فإن آفاقها، وكذلك آفاق المنطقة قاتمة، ولن يراها الغرب الذي تراجع عن دعم المستبدين العرب.

 

التشجيع على الحكم الاستبدادي يخاطر بـ إرجاع البلاد إلى الوراء لأنها قد تتعرض للانضمام إلى الدول الفاشلة في المنطقة.

 

الرابط اﻷصلي

اعلان