لوس أنجلوس تايمز: بعد زيارة السيسي.. هل تتخلى أمريكا عن «حقوق الإنسان»؟
هل تخلت أمريكا عن التزامها بحقوق الإنسان؟ هكذا عنونت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية مقالا للكاتب الصحفي دويلي ماكمانوس والتي سلطت فيه الضوء على التحول الكبير الذي تشهده السياسة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب الذي يبدو غير مكترث بحقوق الإنسان أو إرساء قيم الديمقراطية، بعكس أسلافه من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والذين حافظوا على هذا التوجه لعقود.
وإلى نص المقالة:
تعتقل السلطات المصرية ما لا يقل عن 40 ألف سجين سياسي وناشط علماني إضافة إلى أشخاص آخرين محسوبين على التيارات الإسلامية.
وقد استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره السيسي الاثنين الماضي في البيت الأبيض، ووصفه بالبطل، قائلاً: "نقف بقوة وراء الرئيس السيسي. لقد أدّى مهمة عظيمة في وضع صعب للغاية."
وفي العلن، لم يتفوه أي مسؤول أمريكي بكلمة واحدة حول حقوق الإنسان، ورفض الناطق باسم ترامب التعليق حول ما إذا كانت هذه القضية المهمة قد طُرحت على الطاولة سرًا مع السيسي خلال زيارته الأخيرة.
وليس السيسي هو الزعيم القوي الوحيد الذي يلقى مباركة مع جانب الإدارة الأمريكية. فالرئيس الصيني شي جين بينج سيقوم بزيارة للمنزل الذي يقضي فيه ترامب عطلته في منتجع "مار ألاجو" بولاية فلوريدا الأمريكية اليوم الخميس، ولن ينصت الرئيس الأمريكي على الأرجح كثيرًا إلى أية أمور تتعلق بحقوق الإنسان في البلد الأسيوي.
والأسبوع الماضي، أبلغت إدارة ترامب الكونجرس أنها تنتوي رفع القيود المتعلقة بحقوق الإنسان والتي كانت قد فرضتها على البحرين، ومنعت بموجبها بيع طائرات مقاتلة من طراز "إف-16" إلى بريطانيا.
ولا يخفى على أحد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان موضع ثناء من جانب دونالد ترامب على قوته، برغم أن نظام الأول ليس لديه أي مشكلة في تصفية المعارضين والزج بالمحتجين في السجون.
وأكّد ترامب صراحة خلال حملته الانتخابية أنه يكترث بالقوة العسكرية والاتفاقيات التجارية بدرجة أكبر من إرساء مبادئ الديمقراطية.
لكن هذا التوجه للإدارة الأمريكية الجديدة يمثل تحولاً خطيرًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة التي طالما حافظ عليها رؤساء الإدارات المتعاقبة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لعقود.
فلطالما تشدق الرؤساء الأمريكيون السابقون بعبارات الحرية والديمقراطية لأكثر من نصف قرن، ورفع جيمي كارتر منزلة حقوق الإنسان وجعلها أولوية كبرى في العام 1977.
وبالمثل، أبرز الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان هذه القضية في ثمانينيات القرن الماضي أثناء حملته الرامية إلى تقويض الإمبراطورية السوفيتية. وحتى بعد انقضاء الحرب الباردة، حافظ خلفاؤهم من الرؤساء الأمريكيين على هذا النهج وبدرجات متفاوتة من الحماسة- حتى وصل ترامب إلى سدة الحكم.
ولا يعرف الرئيس الأمريكي الجديد سياسته الخارجية بأنها "أمريكا أولاً" فقط، ولكنه صرّح في إحدى المرات أنه لا يرى فرقًا كبيرًا بين الديمقراطية الأمريكية وسلطوية بوتين.
وجدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حديثه لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية في فبراير الماضي أن يحترم نظيره الروسي فلاديمير بوتين، حتى على الرغم من كون الأخير "قاتلاً".
وعند سؤاله من قبل مُضيفه بيل أورايلي عما إذا كان يحترم بوتين، ردّ ترامب: "بالفعل أحترم بوتين". وتساءل أورايلي: "على الرغم من كونه قاتلاً؟
فأجاب ترامب: "هناك الكثير من القتلة. لدينا الكثير من القتلة. ماذا، هل تعتقد أن بلدنا بريء للغاية؟"
وغالبًا يتفاخر ترامب بأن سياسته الخارجية تتمحور حول "القوة الصلبة"- الأصول العسكرية والقوة المالية- وليست "القوة الناعمة"- القيم والتحالفات. لكن الخبير الاستراتيجي جوزيف ناي من جامعة هارفارد والذي صاغ مصطلح "القوة الناعمة" قال إنها ليست هذا أو ذاك. ويعتقد ناي أن الدولة الناجحة ستجد مزيجًا مؤثرًا من كلا النوعين من القوة.
وإذا ما كنا جادين في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، فربما تتحالف معنا الدول الأخرى لأنها تشترك في نفس الأهداف. أما إذا تخلينا عن تلك القيم، ونقلنا فكرة أننا لا نختلف حقًا عن روسيا في عهد بوتين أو الصين في عهد شي جين بينج، فإننا نلقي بالقوة الناعمة جانبًا.
وأسوأ شيء أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ربما لا يدرك هذا الأمر.