فاينانشيال تايمز: بالإصلاحات القاسية.. السيسي يعيد المستثمرين
أعمال العنف تعرقل السياحة، لكن تعويم العملة وإصلاحات السيسي ترفع النظرة المستقبلية للاقتصاد المأزوم.. جاء هذا في سياق تقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز البريطانية بعنوان " مصر تجذب المستثمرين"
في التقرير سلطت الصحيفة الضوء على حزمة الإصلاحات القاسية التي طبقتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الشهور الأخيرة، وفي مقدمتها تعويم العملة، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير العملة الصعبة في أعقاب 6 سنوات من الاضطرابات التي أثرت سلبًا على السياحة والنمو الاقتصادي بوجه عام.
وإلى نص التقرير:
حينما وقع التفجيران اللذان هزا كنيستين مصريتين وتحديدًا في طنطا والإسكندرية في أبريل الماضي، تحولت احتفالات الأقباط بـ "أحد الشعانين" إلى مأتم، بعد أن قتل 47 شخصًا وأصيب 100 آخرين. وسلطت أحداث العنف تلك الضوء على المخاطر والتهديدات التي يواجهها البلد العربي بسبب الإرهاب. وقلصت أعمال العنف تلك الآمال في حدوث تعافي في صناعة السياحة المترنحة بفعل الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد منذ ثورة الـ 25 من يناير 2011.
وارتفع عدد السياح الوافدين إلى مصر في مارس بنسبة 46% من الشهر ذاته في العام 2016، ما يزيد إمكانية عودة الزائرين الأجانب لمصر بعد 6 سنوات من اندلاع الثورة وارتفاع وتيرة الأعمال الإرهابية. لكن من المتوقع أن يحجم هؤلاء السياح في القدوم لمصر الآن.
لكن هذا المشهد الضبابي لم يكن، من حسن الطالع، هو السمة السائدة في كافة القطاعات. فالمستثمرون يعودون بالفعل إلى مصر منذ نهاية العام الماضي. ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري، زادت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية إلى 1.2 مليار دولار في يناير الماضي، بزيادة من 30 مليون دولار قبل عام، لكن لا يزال هذا الرقم منخفضًا عن أعلى مستوياته في 2010 (11.4 مليار دولار).
وقال أندرو برودنيل، رئيس قطاع الأسواق الحدودية في مؤسسة "أشمور" البريطانية المتخصصة في النص اﻷصلي
إدارة الأصول بالأسواق الناشئة:" بالنظر إلى حجم مصر، وجغرافيتها ومستوى التعليم بها وثمار الإصلاحات القليلة- من حيث الفرصة على المدى البعيد، فإنها من أكبر البلدان التي تتيح الفرص."
وتمتلك "أشمور" عددا من صناديق الاستثمار في مصر، من بينها الصندوق الحدودي العالمي والصندوق الإفريقي وصندوق مينا الذي ارتفعت فيه الأصول المصرية المقومة بالجنيه من 3.8% في نهاية نوفمبر إلى 8.3% في أبريل.
كان معظم المستثمرين قد غادروا مصر أو حتى قللوا استثماراتهم بها في أعقاب ثورة يناير التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك بعد 30 عامًا قضاها في سدة الحكم. وتسبب ذلك في حصول اضطرابات قادت في النهاية إلى عزل المؤسسة العسكرية الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعد خروج مظاهرات حاشدة رافضة لحكمه.
ثم عانى الاقتصاد المصري من القلاقل وانخفاض العملة الأجنبية في ظل هروب المستثمرين وتسارع وتيرة العنف والعمليات الإرهابية، مثل سقوط الطائرة الروسية في سيناء في الـ 31 من أكتوبر 2015 ومقتل كافة ركابها الـ 224، ما زاد الطين بلة في القطاع السياحي.
في غضون ذلك، تباطأ نمو التجارة العالمية، ما يعني تراجع عائدات قناة السويس، مصدر آخر للدخل الأجنبي مع السياحة. ومع اتساع عجز الموازنة وانخفاض الاحتياطي النقدي، فرض البنك المكرزي ضوابط رأسمالية أسهمت بدورها في نقص العملة الصعة في القطاع الخاص، والتأثير سلبا على عدد من الصناعات.
وسمح الرئيس عبد الفتاح السيسي للشركات التابعة للجيش بسد الفجوة التي ظهرت في المعروض الغذائي ومجالات أخرى كانت في العادة خاضعة لسيطرة القطاع الخاص.
ولمواجهة تلك الأزمة، اتجهت الحكومة المصرية لصندوق النقد الدولي. وفي نوفمبر الماضي، أقدمت الحكومة، بطلب من الصندوق، على تحرير سعر صرف العملة أمام العملات الأخرى فيما يُعرف بـ "تعويم الجنيه"- واحدًا من الإصلاحات العديدة المؤلمة التي نفذتها حكومة السيسي. وانخفضت قيمة الجنيه بمعدل النصف تقريبًا، وحصلت القاهرة على الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد البالغ قيمته 12 مليار دولار على 3 سنوات.
وكان قرار تعويم العملة بمثابة العامل الذي غير من قواعد اللعبة بالنسبة لكثير من المستثمرين. وقال أخيليش بافيجا، مدير الحافظة في صندوق "تشارلمان ماجنا مينا":" بعد تعويم الجنيه، أصبحنا أكثر تقاؤلا إزاء الوضع في مصر."
ويستثمر صندوق "تشارلمان ماجنا مينا" في مصر منذ أكثر من 10 سنوات، حيث يدير أصولا في البلد العربي تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار.
وتابع بافيجا:" أعتقد أن العملة المصرية استعادت توازنها." وأتم:" لقد تخطينا الأسوأ."
واتخذت الحكومة المصرية هذه الحزمة القاسية من الإصلاحات وسط موجة غضب تجتاح الشارع.
فـ 28% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، وتلامس البطالة قرابة 40%، وارتفع معدل التضخم السنوي إلى 31.5% في أبريل، وقفزت أسعار السلع الغذائية بنسبة 43.6% قبل حلول شهر رمضان نتيجة ارتفاع الطلب على السلع في هذا الوقت من العام.