نيويورك تايمز: الأزمة القطرية تسعد إيران
"بالنسبة لإيران، فإن الأزمة القطرية تمثل إلهاء مرحبًا به".
عنوان تقرير بصحيفة نيويورك تايمز للصحفي توماس إردبرينك حول موقف طهران من أزمة مقاطعة تحالف من الدول لقطر.
وإلى النص الكامل
اتسمت ردود فعل قادة إيران في الأزمة القطرية بالتحفظ على نحو ملحوظ، ولأسباب وجيهة بحسب محللين.
قادة إيران لا يرحبون بالأزمة فحسب، لكنهم سيشعرون بالسعادة إذا طال مداها بهدوء.
وقطعت كل من السعودية والبحرين ومصر والإمارات العلاقات التجارية والدبلوماسية مع قطر الشهر الماضي متهمين إياها بتمويل الإرهاب والتعاون الوطيد مع إيران.
وبعد ذلك، سلمت الدول الأربع للدوحة 13 مطلبا رفضتها قطر، واعتبرتها انتهاكا خطيرا لسيادتها، وهددت بفرض عقوبات أكثر إذا لم توافق عليها، ثم مددتها 48 ساعة أخرى حتى نهاية يوم الثلاثاء.
وبالنسبة لملالي إيران، فإن توقيت المواجهة بين من يفترض أنهم حلفاء خليجيون جاء في وقت ميمون كان قد شهد اصطفاف العالم العربي السني بأكمله ضدهم بعد زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية في مارس الماضي.
الصحفي الإيراني ماشاء الله شمس الواعظين قال بضحكة مكتومة: “لقدا أرادوا إضعافنا، لكنهم يبدون الآن وقد خسروا أنفسهم".
وبينما تتقاسم إيران وقطر أحد أكبر حقول الغاز في العالم، وترتبطان بعلاقات دبلوماسية فإن الدوحة تمثل أهمية إستراتيجية ضئيلة أو منعدمة بالنسبة لطهران.
واكتفت إيران بملاحظة لطيفة من الرئيس حسن روحاني حيث قال لأمير قطر تميم بن حمد: “المجال الجوي والبحري والأرضي الإيراني سوف يكون مفتوحا لقطر، الجارة والدولة الشقيقة".
وبعد زيارة ترامب للسعودية، كانت طهران تتأهب لمواجهة تحالف محتمل من الأقطار الخليجية الثرية والمجهزة جيدا لعزل طهران بدعم حماسي للولايات المتحدة.
وابتاعت السعودية أسلحة بقيمة إجمالية تساوي 100 مليار دولار وشكلت شراكة وطيدة مع ترامب ضد طهران.
الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل تصور إيران باعتبارها المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة، ودولة تدعم الجماعات الإرهابية في اليمن ولبنان وغزة وتقاتل من أجل حكومة الرئيس بشار الأسد في سوريا.
بيد أن الطريق لتكثيف الضغوط على إيران الغريم الطائفي الممقوت من السعودية، لنسختها من الإسلام السياسي بدا مفتوحا، لكن دول الخليج بدأت بعد ذلك في الاقتتال ضد بعضهم البعض.
ونقل تقرير نشر على الموقع الرسمي لوكالة الأنباء القطرية، ووصفته الدوحة لاحقا بالمفبرك ، عن أمير قطر قوله أن يرغب في تهدئة التوتر مع إيران.
وكان رد فعل السعودية والإمارات غاضبا، وشرعا في حصار دبلوماسي وتجاري ضد الدولة الثرية، مع قائمة تتضمن 13 شرطا.
الطلب رقم 13 دعا الدوحة للموافقة على كافة الشروط.
ومنعت السعودية والإمارات مواطنيها حتى من ارتداء قميص برشلونة لأنها تحمل شعار "الخطوط الجوية القطرية".
أحد الشروط المذكورة تطالب قطر بإغلاق قاعدة جوية تركية، لإقصاء أنقرة عضو الناتو وحليف السعودية في سوريا.
حميد رضا تاراجي، المحلل الإيراني المحافظ قال: “بدلا من تشكيلهم ناتو عربي، يخلقون المزيد من الأعداء، وفي نهاية المطاف تبدو أمريكا المستفيد الأول عبر بيع أسلحتها إلى هذه البلدان".
ولكن حتى في الولايات المتحدة، فإن المواجهة الخليجية تثير بعض المخاوف بالنسبة للبنتاجون الذي يدير الحملة الجوية في سوريا من قاعدة العديد في قطر.
لقد كانت الأزمة بمثابة تحول مألوف للأحداث لقادة إيران الذين تعني منافستهم الإقليمية مع السعودية والدول العربية الأخرى أحيانا مجرد انتظار الخصم لإطلاق النار على نفسه.
وتبدو تلك الإستراتيجية أكثر ملاءمة مع صعود محمد بن سلمان، 31 عاما، ولي العهد السعودي الجديد صاحب سمعة وضع سياسات خارجية كريهة لا تعمل وفقا لما هو مخطط لها.
بن سلمان هو مهندس الحرب السعودية على اليمن، التي كان يفترض أن تكون خاطفة تنتهي في يومين، لكنها تدخل عامها الثالث، وتسببت في كارثة إنسانية مروعة.
والآن، يبدو ولي العهد السعودي القوة الدافعة لجهود عزل قطر.
وفي ذات الأثناء، تتحدث وسائل الإعلام الإيرانية بابتهاج عن كيفية تنامي رسوم الاستخدام المتزايد لمجالها الجوي من الطائرات القطرية.
وعلى مدى سنوات، تفضل إيران لعب المباريات طويلة المدى، وتتعاون مع وكلاء محليين بدلا من تحقيق انتصارات سريعة.
وعلى سبيل المثال، عندما هددت قوات تدعمها السعودية نظام الأسد، زجت طهران في صمت بمئات ثم الآلاف من القوات في الصراع، واعتمدت على مصادر شيعية عديدة من حزب الله والعراق وأفغانستان.
ولا تستطيع قطر أن تتوقع دعما من إيران بخلاف الإمدادات الغذائية.
إنه موسم الكرز في إيران، لذلك فإن المرجح الآن أن يكون القطريون يلوكون تلك الثمار.
حسين شيخ السلام، مستشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال: “مصالحنا تُخدم أكثر إذا لم تحدث حرب أو صراع أو أي توترات إضافية في المنطقة، نحاول التعامل العقلاني لأن الخصوم بالمنطقة شباب غير ناضج وغير عقلاني في نهجهم تجاه قطر".
مشاهدة الأمور من الخطوط الجانبية بينما يتقاتل الأعداء يمكن أن يجلب فوائد.
تاراجي أضاف: “الأمر يشبه الوضع عندما غزا صدام حسين الكويت عام 1990، حينما اتخذ عدونا خطوة أضعف بها نفسه بنفسه".
الشي ء الوحيد الذي فعلته إيران في تلك القضية تمثل في فتح مجالها الجوي عندما احتاج حسين ملجأ آمن لطائراته بعد غزو الولايات المتحدة لبلاده.
وأرسل صدام 100 طائرة حربية إلى إيران، فقال الإيران "شكرا" ولم يقوموا بإعادتها مجددا.
وواصل تاراجي: “لقد ظللنا محايدين وانتصرنا في النهاية".