فورين بوليسي:«عباءة الشعبوية».. كلمة السر في طوارئ ترامب
اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة الطوارئ دليلا على رغبته في إرضاء قاعدته اليمنية والحفاظ على عباءته الشعبوية خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ووقع ترامب يوم الجمعة مرسوم حالة الطوارئ لتأمين تمويل قدره ثمانية مليارات دولار لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك.
وقالت المجلة في تقرير نشرته على موقعها الإليكتروني :"لقد كان (إعلان الطوارئ) أحدث علامة على أن ترامب ينتوي أن يفعل أي شيء يستطيعه من أجل استرضاء قاعدته اليمينية والاحتفاظ بعباءته الشعبوية في انتخابات 2020، في الوقت الذي تحاول فيه قوة ديمقراطية ناشئة انتزاعها منه عبر اقتراحات جديدة مثل ضريبة الثروة واتفاقية جديدة خضراء".
والشعبوية عبارة عن فلسفة سياسية، أو نوع من الخطاب السياسي اليساري الذي يستخدم إثارة عواطف الجماهير بعيدا عن الأرقام والحقائق لكسب تأييدهم السياسي وللحفاظ على نسبة جماهيرية معينة تعطيهم مصداقية وشرعية.
ويرى خبراء سياسيون أن القضية الأكبر بالنسبة لترامب هو أنه يعلم أنه في الأغلب ليس لديه فرصة في انتخابات 2020 دون الحصول على الدعم الكامل من قاعدته المتحمسة والتي استجابت لدعوته الشعبوية بأعداد كبيرة في 2016 والتي تضم ديمقراطيين ساخطين ومستقلين.
ويعتبر الخبراء أن هذا كفاح من أجل الفوز بتصويت الطبقة المتوسطة الذي يعتمد بشكل شبه كامل على من ينجح في التأصيل لنقاش حول عدد من القضايا.
وقالت المجلة:" خلال أقل من شهرين في عام 2019 أصبح من الواضح ما سيكون عليه الجدال في 2020، فترامب يواصل إلقاء اللوم على الهجرة غير الشرعية واتفاقيات تجارية سيئة في أنها تكلف الأمريكيين الحقيقيين وظائفهم".
وخلال هذا الأسبوع اعتبر مشرعون جمهوريون أن الحزب الديمقراطي قد تحول إلى اشتراكي، مشيرين إلى تبني كامالا هاريس وكيرستن جيليبراند العضوتان بالحزب الأهداف العريضة للاتفاق الأخضر الجديد، وهو عبارة عن برامج مقترحة لعلاج الآثار السلبية للتغير المناخي وعدم المساواة الاقتصادية.
وكان الديمقراطيون يعارضون ذلك، ولكن بعد تبنيهم لهذه البرامج قد يصبحون شعوبيين أفضل من ترامب، ويمكنهم حل المشاكل الحقيقية للطبقة الوسطى، بحسب المجلة.
وعلق قال باتريك موراي مدير معهد الاستطلاع في جامعة مونموث:" ما هو الإطار الذي سيقبل عليه الجمهور؟.. سؤال حقيقي في الوقت الذي نتجه فيه نحو 2020".
وأضاف:" ولو نجح الديمقراطيون في التأصيل لقضاياهم على أنها شعبوية محضة ربما يكونون قادرون على توسيع قاعدتهم".
وتمثل خطوة الرئيس الجمهوري لتخطي الكونجرس نهجًا جديدًا للوفاء بتعهد قطعه خلال حملته الانتخابية في 2016 لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين على البلاد إذ يقول ترامب إنهم يأتون ويجلبون معهم المخدرات والجريمة.
ويجازف ترامب بقرار إعلان حالة الطوارئ بالدخول في معركة تشريعية وقانونية طويلة الأمد مع الديمقراطيين والتسبب في انقسام بين الجمهوريين.
وتقدم 15 ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الحزب الجمهوري بتشريع يوم الخميس لمنع ترامب من تفعيل سلطات الطوارئ لتحويل أموال لبناء الجدار من أرصدة خصصها الكونجرس بالفعل لمشروعات أخرى.
وقال ترامب متوقعًا المعركة القانونية "أتوقع أن تتم مقاضاتي. لا ينبغي أن يحدث ذلك... سننتصر في المحكمة العليا".
وأوضح ترامب خلال إعلانه الطوارئ عند حدود الولايات المتحدة مع المكسيك إنه بحاجة لاستدعاء الجيش للمساعدة "بسبب خطورة الوضع الطارئ الحالي".
وأضاف "الوضع الحالي على الحدود الجنوبية يمثل (تهديدًا) لأمن الحدود وأزمة إنسانية تهدد مصالح الأمن القومي الأساسية وتشكل حالة طوارئ وطنية".
ويمكن للكونجرس بمجلسيه إصدار قرار يلغي أي حالة طوارئ بتصويت بالأغلبية لكن هذا القرار سيُرسل بعد ذلك لترامب الذي من المرجح أن يعترض عليه بحق النقض (الفيتو). ويتطلب تخطي هذا الفيتو تصويتًا من المجلسين بموافقة الثلثين على القرار.
وذكر ديمقراطيون أن الرئيس اختلق "أزمة" على الحدود لتبرير الحصول على تمويل بطريقة غير دستورية.
وقالت ولايتا كاليفورنيا ونيويورك يوم الجمعة إنهما ستتخذان إجراءات قانونية ضد إعلان ترامب حالة الطوارئ الوطنية.
وقالت الديمقراطية ليتيشا جيمس النائب العام لولاية نيويورك "لن نقبل انتهاك السلطة هذا، وسنقاوم بكل الأدوات القانونية التي تحت تصرفنا".
ووصف جافين نوسم حاكم كاليفورنيا المنتمي للحزب الديمقراطي حالة الطوارئ الوطنية بأنها إجراء مصطنع. وقال نوسم "رسالتنا للبيت الأبيض بسيطة وواضحة: كاليفورنيا تنتظرك في المحكمة".
وحالة الطوارئ حق يمنحه الكونجرس للسلطة التنفيذية -وعلى رأسها الرئيس- للتعامل مع الأزمات الطارئة بسرعة وحسم، ويحق له أن يتجنب أي قيود أو حدود على قراراته المتعلقة بالتعامل مع الأزمات.
ويتطلب إعلان "قانون الطوارئ القومي" أن يبلّغ الرئيس الكونجرس بوجود أزمة طارئة وإعلان ما يتطلب للتعامل معها، ويفرض على الرئيس أن يبلغ دوريا الكونغرس بمستجدات الأزمة.
ومن أشهر حالات الطوارئ التي عرفتها الولايات المتحدة إعلان الرئيس باراك أوباما حالة الطوارئ القومية بسبب انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير عام 2009، وإعلان الرئيس جورج بوش الابن الطوارئ عقب هجمات 11 سبتمبر 2001.