تعرف على أبرز ملاح الخطاب السياسي لـ«مارين لوبان»

كتب: إضاءات

فى: مقالات مختارة

09:23 11 ديسمبر 2016

لقد كشف المؤتمر السنوي لحزب الجبهة الوطنية اليميني في فرنسا، الذي عُقِد في مدينة فريجوس في سبتمبر/أيلول الماضي، عن ملامح سياسات زعيمة الحزب مارين لوبان، التي ستخوض الانتخابات الرئاسية مرشحة عن الحزب العام المقبل.

 

ويتناول الصحفي السدير ساندفورد بالتحليل في مقال له على شبكة «يورو نيوز» ما تعكسه تصريحات لوبان عن ملامح سياساتها ورؤيتها المناهضة للهجرة والاتحاد الأوروبي والعلاقات مع روسيا.

ويستهل ساندفورد مقاله بالقول: «إن انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة بث الخوف في نفوس قادة الاتحاد الأوروبي بينما كانوا يرسلون له رسائل التهنئة، لتتكشف أيضًا خلافات وسط محاولات إيجاد رد فعل مشترك حيال انتخاب ترامب». مشيرًا إلى أن ثمة مخاوف من أن يؤدي فوز ترامب إلى تقوية براثن التيارات الشعبوية داخل أوروبا.

 

ويؤكد ساندفورد أن الشخصيات المعادية للمؤسسية في أوروبا برزت على السطح لتتعامل مع نتائج الانتخابات الأمريكية بمشاعر الغبطة، على عكس الاتجاه السياسي السائد الذي يتسم بالحذر داخل أوروبا، وكانت «لوبان» أول المهنئين لترامب و «للشعب الأمريكي الحر». مؤكدةً أن النتيجة حملت أنباء جيدة لفرنسا.


 

ويضيف أنه من المتوقع أن تصل ماري لوبان لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التي تقام الربيع المقبل في فرنسا، لا سيما في أعقاب وقوع هجمات إرهابية على الأراضي الفرنسية تحت مسمى «الإسلام السياسي»، ويظل السؤال الذي يُطرح في الأوساط السياسية هناك حول إمكانية فوزها بمنصب الرئاسة.

ويرى الكاتب أن فوز لوبان، التي تُعد بلدها إحدى المكونات الرئيسية للاتحاد الأوروبي، مع وجود رغبة قوية لديها في هدم الاتحاد، يُعد بمثابة ضربة قاضية للتكتل الأوروبي.

 

ويشير إلى أن الجبهة الوطنية، التي تتزعمها لوبان، ستصدر بيانها الخاص بالانتخابات الرئاسية في شهر فبراير/شباط المقبل، مع التذكير بأن برنامجها لا يزال على موقع الحزب منذ عام 2012.

 

ويوضح أن حزب الجبهة الوطنية لا يشكل كتلة متجانسة، فهناك نوعين من المنتمين للجبهة؛ الأول في شمال فرنسا ويتصف بمناهضته للدين والتزامه بمبادئ الاشتراكية واليسارية، والآخر في الجنوب ويقبل التعامل باليورو ويلتزم بمبادئ الليبرالية والكاثوليكية.

 

لكن الشيء الوحيد الذي يجمع بين الاتجاهين هو طموح تحقيق الفوز، بحسب الكاتب الفرنسي آلان مينك. ووفقًا لذلك، هناك أصداء لدى أجندة الجبهة الوطنية على الاتجاهات اليمينية واليسارية السياسية داخل فرنسا.

 

الجماهير ضد النخبة

يطرح ساندفورد وجهة نظر لوبان حول انتخاب ترامب، حيث ترى أن انتخابه كان بمثابة انتصار فعلي لإرادة الجماهير ضد النخبة، وهو ما جاء في تصريحاتها لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في وقت سابق من الشهر الفائت. معربة عن أملها في أن يتكرر ذلك في فرنسا، وأن يقوم الشعب بقلب الطاولة التي تلتف حولها النخبة لتقسيم ما ينبغي أن يذهب للشعب الفرنسي.

 

وأوضح أنها تحدثت خلال خطابها أمام مناصري الحزب في سبتمبر/أيلول الماضي بفريجوس جنوب فرنسا مرارًا عن «الجماهير» ووصفت نفسها بأنها مرشحة الشعب وصورت فرنسا بالبلد الأعزل في مواجهة الليبرالية الاقتصادية والتعددية الثقافية المفروضة عليه من الخارج لا سيما من الاتحاد الأوروبي.

 

اليمين الفرنسي في مواجهة اليمين البريطاني

يقول ساندفورد: «إن لهجة لوبان التي تذكرنا بأنصار بريكست والمناهضين للمؤسسات ببريطانيا، لا تعكس حقيقة سياسات حزب الاستقلال اليميني الذي نأى بنفسه تمامًا عن سياسات الجبهة الوطنية».

ويؤكد أن زعم لوبان بعدم وجود فوارق كبيرة بين الحزبين، رد عليه الحزب البريطاني بتوجيه انتقادات لها حيال موقفها المناهض للهجرة والتي أكدت خلالها على موقفها بعدم قبول أي مهاجرين جدد.

 

لكن سوزان إيفانس المرشحة لزعامة الحزب البريطاني وصفت تصريحات لوبان حول المهاجرين بـ«المفزعة». مؤكدةً أن ذلك الأمر بعيد كل البعد عن سياسة الحزب وأمر لا يمكن تصوره، لتوضح أن حزبها سيرحب بالمهاجرين على أساس نظام النقاط.

 

وينوه عن أن بيان الجبهة الوطنية في الانتخابات الأخيرة شمل مقترحات لخفض معدلات الهجرة الشرعية سنويًا بحد أقصى 10 آلاف شخص بنسبة 20% من إجمالي المهاجرين، مع ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وحظر الاحتجاجات المناصرة لهم، وتشديد القوانين على الجنسية، ومعاقبة التيارات العنصرية بشدة إذا كانت مناهضة لفرنسا.

 

كما تضمنت المقترحات أيضًا إعادة التفاوض على اتفاقات اقتصادية مع دول الشمال الإفريقي، مع الوضع في الاعتبار وقف تدفق المهاجرين من تلك الدول إلى فرنسا.

 

الهوية الوطنية والتعددية الثقافية والهجرة

فيما يتعلق بمسألة الهوية الوطنية والتعددية الثقافية، أشار ساندفور إلى أن لوبان وجهت في خطابها بفريجوس انتقادات لاذعة للهجرة الجماعية إلى فرنسا وربطتها بمسألة الهوية الوطنية، كما وجهت انتقادات إلى سياسة الهجرة والتعددية الثقافية.

 

ويوضح «ترى لوبان أن تداعيات جميع ما سبق قد تؤدي إلى اندلاع حرب أهلية بين المجتمعات داخل فرنسا، ما جعلها تتحدث مرارًا عن ضرورة وجود لغة وثقافة موحدة كأمر بالغ الأهمية للكرامة الإنسانية داخل مجتمع وطني موحد – على حد وصفها».

 

ويشير إلى أن تصريحاتها السابقة عن المسلمين أوقعتها في مأزق (لا سيما تشبيهها المصلين في شوارع فرنسا بالاحتلال النازي)، مادفعها لتغيير خطاباتها لاحقًا لتخلو من كلمات مثل إسلام أو إسلامي بحسب منتقديها. وبدلا من ذلك، تحدثت عن مجموعة من الأشخاص تختلف معتقداتهم وقيمهم وممارساتهم عن الشعب الفرنسي وعدم وجود ما يستدعي بقائهم داخل فرنسا.

 

الاتحاد يعيقنا

فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، يوضح ساندفورد أن بيان الجبهة الوطنية عام 2012 تضمن تعهدات بزيادة الحد الأدنى للأجور وخفض سن التقاعد إلى 60 عامًا، والحد من أسعار الطاقة والضرائب، وتطبيق الحواجز التجارية جنبًا إلى جنب مع التدابير الرامية إلى مساعدة الشركات الصغيرة بدلًا من الكبيرة، وإعطاء الأولوية للفرنسيين في العمل.

 

ويقول الكاتب أن لوبان رسمت صورة اقتصادية قاتمة لبلد أُجبِر على الاستسلام لقوى الليبرالية العالمية الجديدة، كما دافعت بشدة عن تدخل الدولة في الشئون الاقتصادية وانتقدت الاتحاد الأوروبي لحظره القومية الاقتصادية.

 

كما أكدت لوبان على الحاجة إلى وجود سيطرة من الدولة على الاقتصاد من أجل تطوير سياسات واسعة النطاق في الصناعة والمجالات الاقتصادية الأخرى.

 

تنحية الاتحاد جانبًا لصالح السيادة الوطنية

يؤكد ساندفورد أن حملة «البركسيت» كانت لها أصداء على برنامج الجبهة الوطنية عام 2012 مع تواتر الحديث عن الاستعانة بالمادة 50 من معاهدة لشبونة للخروج من الاتحاد الأوروبي.

 

ويوضح أن لوبان ترى أن ثمة إمكانية في أن تسيطر فرنسا على حدودها وعملتها في حين تقوم مؤسسات الاتحاد الأوروبي بتمهيد الطريق أمام الشراكات الطوعية بين الدول الأعضاء.

 

ويشير إلى أن لوبان تعهدت بطرح مقترح لإجراء استفتاء حول إعادة العمل بالفرانك الفرنسي، إلى جانب اليورو، الذي قد يصبح العملة المشتركة وليس الوحيدة في التعاملات.

 

وينوه عن أن لوبان تحدثت مؤخرًا عن رغبتها في إجراء مفاوضات مكثفة بين الدول الأعضاء بالاتحاد للاستغناء عن اليورو والعودة إلى نظام الثعبان الأوروبي (خط تعادل العملات الأوروبية) الذي أنشئ عام 1972 بين دول السوق الأوروبية المشتركة آنذاك، بغرض الحفاظ على استقرار أسعار الصرف بين العملات الوطنية.

 

روسيا: الممول والصديق

مع ورود شكاوى من التمييز الذي تمارسه البنوك داخل فرنسا، بدأت الجبهة الوطنية توجيه ناظرها إلى روسيا للحصول على قروض منها، وتضمنت الخطة التي وردت في بيان الحزب عام 2012 شراكة أوروبية مع الدول القومية ومن بينها روسيا، مع عدم إقرار شراكة مع تركيا.

 

في لقاء سابق لمارين لوبان مع (بي بي سي)، أشادت زعيمة الجبهة الوطنية بسياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «الحمائية». مؤكدةً أنه يعتني من خلالها بمصالح بلاده ويدافع عن هويتها.

 

ويقول ساندفورد: «مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في فرنسا، تستمر المعركة المستعرة في الإعلام الفرنسي حول الكيفية التي سيتم من خلالها التعامل مع الجبهة الوطنية». ويضيف أن البعض يبدون قلقهم من أن يؤدي عزوف وسائل الإعلام عن منح الجبهة الوطنية منصة للتعبير إلى استعداء الناخبين بشكل أكبر.

 

ويشير: «على الجانب الآخر، ترفض صحيفة لوموند عرض أية رسائل للوبان دون أن تخضع أولًا لتدقيق شامل». ويورد ما قالته الصحيفة في إحدى افتتاحياتها عن لوبان حيث أوضحت أنها تتشاطر مع والدها الهواجس نفسها ومفادها أن الدولة على وشك الغرق نظرًا لتهديدات تفرضها قوى شر داخلية (الهجرة) وعدو خارجي (أوروبا) فضلًا عن تعرضها للخيانة من قبل أفراد نخبتها.

 

النص الأصلي اضغط هنـــــــــــــــــــــا

اعلان