12 شهرًا ثقيلاً.. ملخص أزمات مصر في 2016
ما بين تحرير سعر صرف الدولار واختفاء السكر من الأسواق إلى ضريبة القيمة المضافة، ثم أزمات متواصلة مع المملكة العربية السعودية أو أزمات بسبب المملكة مع المواطنين والدولة، إلى جانب أزمات النقابات المصرية أو عدم وجود الدولار والدواء واختفاء لبن الأطفال من الأسواق، وغيرها كلها أزمات شهدتها مصر عام 2016 الذي قارب على الانتهاء ووضعت الكثير من الأعباء على المواطنين.
تحاول إضاءات أن ترصد أبرز تلك الأزمات التي مرت بها مصر خلال عام 2016.
يناير/كانون الثاني 2016: نقابة الأطباء أول أزمات العام
كانت أولى أزمات العام عندما اعتدى ثمانية أمناء شرطة على طبيبين بمستشفى المطرية التعليمي يوم 28 يناير/ كانون الثاني 2016؛ مما دفع نقابة الأطباء إلى أخذ العديد من الخطوات التصعيدية، خاصة بعدما أخلت النيابة سبيل أمناء الشرطة بعدما استغل أمناء الشرطة نفوذهما من أجل إجبار الأطباء على التنازل والتصالح معهم.
وفي يوم 12 فبراير/ شباط 2016 عقدت نقابة الأطباء جمعية عمومية طارئة، وقد حضرها أكثر من 10 آلاف طبيب، واتخذت النقابة العديد من القرارات الهامة أهمها:
1. امتناع الأطباء عن تقديم الخدمة الصحية للمواطنين بأي مقابل وأن يتم تقديم الخدمات بالمجان.
2. تحويل الوزير الدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة إلى لجنة التأديب بالنقابة بسبب موقفه من عدم الدفاع عن الأطباء.
على إثر ذلك تحول هؤلاء الأمناء إلى المحاكمة وصدر حكم عليهم يوم 21 سبتمبر/ أيلول 2016 بالحبس لمدة ثلاث سنوات وغرامة خمسة آلاف جنيه لكل منهم.
فبراير/شباط: الباحث الإيطالي واستمرار الأزمات
أزمة جديدة لاحت في الأفق المصري في 3 فبراير/ شباط 2016، لم تكن الأزمة هذه المرة بين النظام والمواطنين وإنما بين الدولة المصرية ونظيرتها الإيطالية. ففي 3 فبراير /شباط تم العثور على جثة الباحث الإيطالي جوليو رجيني والذي أتى لمصر على خلفية قيامه برسالة الدكتوراه الخاصة به عن النقابات العمالية في مصر.
كانت جثة رجيني عليها آثار تعذيب واضحة مما دفع وزير الداخلية الإيطالي للقول بأنه تعرض لعنف حيواني غير إنساني. كان رجيني قد اختفى منذ يوم 25 يناير/ كانون الثاني 2016 حتى موعد العثور على جثته، وكانت الاتهامات تتجه نحو الداخلية المصرية حيث أن آثار التعذيب التي أوضحها تقرير الطب الشرعي تشير إلى تعذيب ممنهج.
على خلفية تلك الأحداث توترت العلاقات بين مصر وإيطاليا، إذ قامت الأخيرة بسحب سفيرها بمصر، كما طالب البرلمان الأوروبي بمراجعة المساعدات التي تقدم لمصر فيما يخص الأدوات العسكرية، وسافر الوفد المصري يوم 7 إبريل/ نيسان 2016 ليقدم للجانب الإيطالي تطورات التحقيق في مصر، إلا أن الجانب الإيطالي شعر بعدم حسن نية الجانب المصري في التحقيقات؛ إذ سلم الوفد ملفًا مكونًا من 3000 صفحة باللغة العربية؛ مما يطيل الوقت المتاح لترجمته والاطلاع عليه.
مارس/آذار: اختطاف الطائرة لقبرص
شهدت مصر أزمة جديدة في 29 مارس/ آذار 2016 عندما تم اختطاف طائرة ركاب مصرية من مطار برج العرب بالإسكندرية وتوجيهها إلى مطار لارنكا بقبرص بدلاً من مطار القاهرة الدولي.
كانت الرحلة رقم MS181 التابعة لشركة مصر للطيران قد تم اختطافها من أحد الركاب ويدعى «سيف الدين مصطفى» الذي زعم أنه يرتدي حزامًا ناسفًا. لم تكن أسباب الاختطاف واضحة، فزعم البعض أنه فعل ذلك بنية الضغط على الحكومة للإفراج عن بعض السجينات المصريات، والبعض الآخر ذهب إلى أنه يريد لقاء زوجته القبرصية، إلا أن الرئيس القبرصي قد نفى وجود أية صلة بين الحادث والإرهاب.
لم يصب أي من ركاب الطائرة البالغ عددهم 56 راكبًا بأي أذى، إذ تم التفاوض مع الخاطف بأن يسلم نفسه فتمت محاصرة الطائرة من قبل قوات الشرطة القبرصية، كما تم غلق المطار وتحويل الرحلات إلى مطارات أخرى؛ مما دفع الخاطف إلى إطلاق سراح المختطفين ثم تسليم نفسه في اليوم ذاته.
إبريل/ نيسان
تيران وصنافير وأزمة ترسيم الحدود البحرية
في التاسع من إبريل/ نيسان 2016 أعلنت الحكومة تابعية جزيرتي تيران وصنافير للملكة العربية السعودية، وذلك بعدماوقعت مصر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية وأن الجزيرتين واقعتان داخل المياة الإقليمية للمكلة، وذلك خلال زياة الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر.
أدت تلك الاتفاقية لغضب آلاف الشباب، وهو ما أدى لتظاهر الآلاف يوم 15 إبريل/ نيسان 2016 فيما سمي بـ«جمعة الأرض»؛ مما أدى إلى اعتقال المئات من الشباب وتحويلهم للمحاكمة. لم يتوقف رد الفعل المعارض على التظاهر ضد الاتفاقية بل قام عدد من المحامين برفع دعاوى قضائية ضد الحكومة.
صدر الحكم الأول من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة يوم 21 يونيو/ حزيران 2016 بمصرية تيران وصنافير وبطلان اتفافية ترسيم الحدود، تلا هذا الحكم طعن من هيئة قضايا الدولة، وفي آخر الجلسات التي عقدت يوم 5 ديسمبر/ كانون الأول تقرر تأجيل نظر القضية ليوم 19 من الشهر ذاته.
أزمات النقابات تعود من جديد
مع أزمة تيران وصنافير عادت من جديد أزمات النقابات المصرية ولكن هذه المرة كانت الأزمة مع نقابة الصحفيين. فمع حملات إلقاء القبض على متظاهري جمعة الأرض، صدر أمر ضبط وإحضار لكل من الصحفيين «عمرو بدر» رئيس تحرير بوابة يناير، والصحفي «محمود السقا» بتهمة الدعوة إلى التظاهر ونشر أخبار كاذبة.
عقب أمر الضبط الصادر يوم 30 إبريل/ نيسان 2016 لجأ الصحفيان إلى مقر نقابة الصحفيين والاعتصام بداخلها، ودعوا زملاءهم الصحفيين للتضامن معهم، وفي اليوم التالي قامت قوات الأمن باقتحام مقر النقابة وإلقاء القبض عليهم، وهي المرة الأولى في تاريخ النقابة التي يتم فيها اقتحامها من قبل قوات الأمن واعتقال أحد الصحفيين.
لم تتوقف الأزمة عند ذلك ففي يوم 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 تم إصدار حكم بالحبس ضد نقيب الصحفيين «يحيى القلاش» وعضوي مجلس النقابة «خالد البلشي» و«جمال عبد الرحيم» بالحبس لمدة عامين وغرامة 10 آلاف جنيه لكل واحد منهما بتهمة إيواء مطلوبين أمنيًا بمقر النقابة يوم 30 إبريل/ نيسان الماضي .
مايو/ أيار
الأشهر الماضية شهدت في بعض الأحيان وجود أكثر من أزمة خلال شهر واحد، خاصة إذا كانت الأزمات مرتبطة ببعضها مثل قضية تيران وصنافير واقتحام نقابة الصحفيين. إلا أن شهر مايو/ أيار تفرد هذه المرة بوجود أزمتين في يومين متتالين، ففي 19 مايو/ أيار تحطمت إحدى طائرات مصر للطيران، كما شهد يوم 20 مايو/ أيار وجود حادثة طائفية بالمنيا.
تحطم الطائرة في رحلتها رقم MS804
أقلعت الطائرة من مطار «شارل ديغول» بباريس إلا أنها لم يكتب لها الوصول إلى مطار «القاهرة الدولي»، إذ اختفت الطائرة فوق البحر الأبيض المتوسط وعلى متنها 66 راكبًا. اختفت الطائرة المصرية بعد دخولها المجال الجوي المصري. كانت أجهزة الرادار المصرية قد فقدت الاتصال بالطائرة في الساعات الأولى من يوم 19 مايو/ أيار.
وفي 16 يونيو/ حزيران 2016 ظهرت نتائج الصندوق الأسود للطائرة والتي أفادت بأن التحطم جاء نتيجة حريق، إلا أنه لم يتم بعد معرفة سبب ومكان الحريق. جاءت نتائج التحقيقات تلك بعد العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة في منتصف يونيو/ حزيران.
تعرية سيدة وإحراق المنازل بأبو قرقاص بالمنيا
شهدت قرية «الكرم» بمدينة أبو قرقاص بالمنيا حادثة طائفية جديدة يوم 20 مايو/ أيار 2016؛ حيث قامت مجموعة مكونة من ما يقرب 300 شخص، الساعة الثامنة مساءً، بالتعدي على سبعة منازل للمسيحيين وحرق بعضها وسلب ممتلكات البعض الآخر. لم يتوقف الأمر عند ذلك بل اقتحم عدد من المتجمهرين منزل إحدى السيدات المسنات بالقرية وقاموا بتجريدها من ملابسها كاملة والاعتداء عليها بالضرب.
وكانت قد اندلعت تلك الأحداث على خلفية شائعات بوجود علاقة عاطفية بين أحد الشباب المسيحيين وامرأة مسلمة متزوجة؛ مما دفع ذلك الشاب لترك مدينته والفرار يوم 19 مايو/ أيار، إلا أن فراره لم يمنع المحتشدين من إلحاق الأذى بوالدته وتعريتها كما طال الأذى الكثير من مسيحيي القرية.
يونيو/ حزيران: أزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة
شهدت امتحانات الثانوية هذا العام أكبر الأزمات التي مرت بالتعليم المصري، حيث شهدت تسريب خمسة امتحانات قبل بدئها؛ وهم امتحانات «الديناميكا – التربية الدينية – اللغة العربية – الاقتصاد – اللغة الفرنسية»، كما تم تسريب تسعة امتحانات بعد بدء امتحانها لدقائق؛ وهي امتحانات «التاريخ – الجيولوجيا – الجبر – الهندسة الفراغية – الكيمياء – التفاضل والتكامل – الفلسفة والمنطق – التربية الوطنية – الإحصاء».
لم يتوقف أمر التسريب عند تسريب الامتحانات وفقط بل شمل تسريبًا لنماذج الإجابات المختومة بختم الوزارة، وهو ما دفع الوزارة إلى إلغاء أكثر من امتحان على رأسهم امتحان الديناميكا الذي تكرر تسريبه (7)، كما فشلت الوزارة في معرفة القائم بتسريب الامتحانات والذي اتخذ لنفسه اسمًا مستعارًا وهو «شاومنج».
وفي يوم 26 يونيو/ حزيران 2016 اتجه الآلاف من طلاب الثانوية العامة إلى ميدان التحرير رافعين مطالب عدم إلغاء أي امتحان قام بتأديته الطلاب، وعدم تأجيل الامتحانات إلى مدد زمنية طويلة، إلا أن تظاهراتهم تلك قوبلت بالعنف من قبل قوات الأمن وتم فضها سريعًا وملاحقة الطلاب المتظاهرين.
سبتمبر/ أيلول: عندما تمس الأزمات حياة المواطنين؛ ثلاثة أشهر من الغلاء
شهد شهر سبتمبر/ أيلول 2016 أول تلك الأزمات الطاحنة عندما تجمهرت عشرات الأمهات بطريق كورنيش شبرا، وكان هذا التجمهر على خلفية قرار بحظر بيع لبن الأطفال المدعم بمقرات «الشركة المصرية لتجارة الأدوية» وقصره على البيع بمنافذ وزارة الصحة؛ مما كان له أثره السلبي على الأمهات والأطفال.
لم تكن معاناة وقوف الأمهات بالساعات حاملين أطفالهن أمام مقار الشركة المصرية كافيًا ليأتي ذلك القرار ويزيد معاناتهم، إذ تبع ذلك القرار زيادة في أسعار لبن الأطفال سواء المدعم أو غير المدعم، كما تبعه نقص منافذ بيع الألبان، فبعدما كانت تنتظر الأمهات بالساعات أمام 65 ألف صيدلية على مستوى الجمهورية أصبحت منافذ الانتظار 1005 منفذ فقط مما يعني زيادة في أوقات الانتظار أيضًا.
وفي الوقت الذي كانت تعاني أسر الأطفال من أزمة اللبن، تفاقمت أزمة جديدة في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2016 عانت منها الكثير من الأسر وما زالت آثارها مستمرة حتى الآن؛ وهي أزمة السكر، إذ اختفى السكر في كثير من المناطق كما تبعه ارتفاع في أسعاره مبالغ فيه، فقد بلغت نسبة العجز في السكر 70% على الرغم من التزام التجار بصرف الحصص المخصصة لكل أسرة من السكر، خاصة بالنسبة للتجار التموينيين وتجار المجمعات الاستهلاكية. أما في الأسواق الخارجية فارتفع سعر الكيلو إلى 7 و 10 جنيهات، وهو الأمر الذي وضع عبئًا كبيرًا على المواطنين.
نوفمبر/ تشرين الثاني: زيادة أعباء المواطن وتحرير سعر صرف الدولار
3 نوفمبر/ تشرين الثاني أعلنت الحكومة المصرية تحرير سعر صرف الدولار، وقام البنك المركزي بخفض قيمة الجنيه المصري بنسبة 32.3% ليصل سعر الجنيه المصري 13 دولارًا أمريكيًا. جاء ذلك الإعلان عقب أزمة نقص الدولار وارتفاع أسعاره في السوق السوداء، تلك الأزمة التي استمرت لعدة أشهر، فكسر سعر صرفه بالسوق السوداء حاجز الـ10 جنيهات بينما تحرك في السوق الرسمية حول سعر 8 جنيهات.
ترتب على ذلك القرار ارتفاع أسعار الكثير من السلع بجميع تصنيفاتها سواء كانت سلعًا أساسية كالطعام والدواء، أو السلع الترفيهية. لم يكن ذلك الارتفاع على السلع وفقط بل شمل بعض الخدمات؛ مثل التعليم عندما قامت الجامعة الأمريكية بالقاهرة بقرار رفع المصاريف الدراسية وهو ما أدى لإحتجاج مئات من طلاب الجامعة.
وواحدة من تلك الأزمات التي ارتبطت بشكل كبير بأزمة الدولار هي أزمة الدواء التي شهدتها مصر على فترات متقطعة من العام، إلا أنها بلغت ذروتها عندما تم تحرير سعر الصرف. فعقب الإعلان عن ذلك القرار أبلغت الشركات الموزعة للأدوية الصيدليات بأن كل صيدلية سوف يكون لها حصتها المحددة، كما شهد سوق الأدوية المصري اختفاء ما يقرب من 146 نوعًا من الأدوية المستوردة والتي لا بديل لها في السوق المصري.
ديسمبر/ كانون الأول: انفجار كنيسة البطرسية
شهد صباح يوم 11 ديسمبر/ كانون الأول 2016 انفجارًا كبيرًا بالكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية المرقسية المقر الباباوي بمصر، حيث تم زرع قنبلة داخل الكنيسة في صفوف صلاة السيدات لقي إثرها 25 شخصًا مصرعهم وإصابة 35 آخرين كان أغلبهم من السيدات والأطفال.
وعلى إثر ذلك تجمهر العديد من المسيحيين أمام المقر الباباوي معلنين احتجاجهم ورفضهم لما حدث رافعين هتافات ضد الرئيس السيسي وجهاز الداخلية. وفي اليوم التالي وعند الصلاة على الضحايا بالكنيسة أعلن الرئيس السيسي الكشف عن هوية الفاعل «محمود شفيق محمد مصطفى» وأنه ما زال البحث جاريًا عن باقي المتورطين بالتنفيذ.