حازم حسني: تهمة عبدالرحمن يوسف لا نظير لها في أي بلد ديمقراطي
انتقد حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الحكم الصادر ضد الشاعر عبد الرحمن يوسف، بالحبس 3 سنوات، لاتهامه بالسخرية من رئيس الجمهورية ونشر أخبار كاذبة.
وقال حسني في تدوينة عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "لم أكن فى يوم من الأيام من المعجبين بشخصية الشاعر عبد الرحمن القرضاوى، وإن كنت أستحسن قسطاً من شعره ولمحاته الذكية، لكننى ضحكت ضحكة مُرة حين قرأت اليوم أن القضاء المصري - الشامخ وغير المسيس - قد أدانه غيابياً وحكم عليه بالسجن بتهمة غريبة، ليس لها نظير في أي بلد ديمقراطي، هي التحريض ضد النظام السياسي بغرض إثارة الفتنة، والإساءة للرئيس السيسي ولرموز الدولة خدمة لتنظيم الإخوان!".
وتابع: "تبدو لي بعض مفردات الاتهام هنا تفتيشاً في النوايا، مثل الحديث عن الغرض من التحريض على النظام، أو الإساءة لرموزٍ خدمةً لتنظيم الإخوان! كنت أربأ بالقضاء المصري أن يتورط في مثل هذا الخلط، فالتحريض ضد النظام السياسي آلية من آليات النظم الديمقراطية لحشد المؤيدين للنظام البديل، وإلا فكيف يكون البديل؟ وكيف ستكون الانتخابات الرئاسية القادمة إذا لم يكن من حق المرشحين المنافسين للرئيس بيان عوار أفكاره وسياساته وتحريض الناخبين على إسقاطه، بل ومحاكمته على جرائمه إن كان قد ارتكب جرماً يبرر محاكمته؟".
وأضاف: "أما إذا كانت المحكمة ترى في النظام البديل الذي يدعو إليه عبد الرحمن القرضاوي مناهضةً للدولة - لا لنظامها السياسي - فللتعامل مع ذلك آليات ومسارات تفكير أخرى غير التفتيش في النوايا، وغير تحصين الرئيس ورجاله وكأنهم ذوات مقدسة لا يجوز الاقتراب منها بالنقد، أو حتى بالهجوم الشرس عليها وفق التقاليد الديمقراطية، أما إذا كانت الدولة - وكان قضاؤها - لا يؤمنان بالديمقراطية، ولا يعترفان بآلياتها باعتبارها نظاماً يقوم على التوازن بين سلطة الحكم وسيادة الشعب، فليعلنوا هذا صراحةً كي نعرف في ظل أية دولة نعيش، ولأي نظام حكم نخضع، ومع أية أفكار وتصورات نتعامل!".
وواصل: "كنت أربأ بالقضاء، الذي هو - من حيث المبدأ - سلطة توازن السلطتين التنفيذية والتشريعية، استقاء أحكامه من اقتباس مفردات رئيس الدولة الذي نفى في خطاب سابق له وجود فرق بين النظام السياسي وبين الدولة، وادعائه بأن العمل على إسقاط النظام السياسي هو عمل على إسقاط الدولة! كما كنت أربأ به أن يعتبر أقوال وأفعال رئيس الدولة - ومعه باقي من يشغلون مناصب فى منظومة الحكم - أقوالاً وأفعالاً محصنة ضد النقد - اللاذع إذا اقتضى الأمر - دون أن يرى فيهم شخصيات عامة تخضع لتشريح أفكارها وأفعالها، بل ولحق الشعب في المطالبة بعزلها من مناصبها إن هي تخطت صلاحياتها الدستورية، أو أخلت بواجباتها الوظيفية".
واختتم : "مرة أخرى، فالقضية ليست قضية عبد الرحمن القرضاوي الذي قد أعتبره من خصومي السياسيين، وإنما هي قضية نظام يصادر عبر آليات غير دستورية أية أفكار وأية أقوال وأية أفعال تنازعه السلطة ولو عبر الوسائل الدستورية، مصر ليست نظامها السياسي، والدولة ليست شخص الرئيس ومن يوصفون إدعاءً بأنهم رموز الدولة، نحن لا يوجد لدينا رجال دولة أصلاً، وإنما فقط رجال سلطة لا يليق بدولة بحجم مصر أن تجعلهم من رموزها كالعلم الذي يريدون محو ألوانه بغير خجل من خريطة تيران وصنافير !".
وقضت محكمة جنح الدقي غيابيًا، أمس الإثنين، بحبس عبدالرحمن يوسف القرضاوي 3 سنوات مع الشغل والنفاذ، لاتهامه بنشر أخبار كاذبة تهدد أمن البلاد، والتحريض على مؤسسات الدولة.
وحسب نص الدعوى، فإن الحكم "الأولي"، جاء على خلفية "قيام القرضاوي في حلقة برنامجه (مصر البعيدة) المذاع على قناة الوطن التي تبث من خارج مصر بتاريخ 21 يوليو الماضي، بالتحريض على مؤسسات الدولة، والدعوة لإحداث ثورة ضد النظام الحالي والسخرية من رئيس الجمهورية، وإسقاط النظام وإثارة الفتنة لإشاعة الفوضى في البلاد".