يعرض في مؤسسة شومان

«صمت البحر» رواية وُزعت سرًا.. وفيلم رسالته صالحة لكل الأزمان

كتب: كرمة أيمن

فى: ميديا

13:26 27 يونيو 2018

تعرض لجنة السنما في مؤسسة عبد الحميد شومان، الفيلم الفرنسي الكلاسيكي "صمت البحر" الذي تم إنتاجه في 1949، هو أول فيلم روائي للمخرج الفرنسي "جين بيير ملفيل".


وحظي فيلم "صمت البحر" بنجاح كبير حين عرضه على المستويين النقدي والجماهيري، وأعتبر علامة من علامات السينما الفرنسية.

يحمل الفيلم في طياته دعوة للدفاع عن الوطن ومقاومة المحتل بشتى الوسائل المتاحة، لتبقى رسالته صالحة لكل زمان مكان. 

 

"صمت البحر" إنتاج 1949، هو أول فيلم روائي للمخرج الفرنسي جين بيير ملفيل، مبني على رواية بذات الاسم للكاتب الفرنسي جان بريله، والتي نشرها موقعة باسم مستعار هو "فيركور".



 

وتدور الأحداث في العام 1941 إبان الحرب العالمية الثانية، وتحديداً أثناء الاحتلال النازي لفرنسا وهو نفسه زمن كتابة الرواية التي كانت توزع سرًا على الناس واعتبرت نموذجًا هامًا لأدب المقاومة.

 

يقفز فيلم "صمت البحر" عن سرد وقائع الاحتلال، ولا يتتبع ما كان يعانيه الفرنسيون في ظلّه، كما لا يتوقّف السرد عند تمثّلاتِ وجودِ النازيين في المدن الفرنسية، إنّما يشكل البيت البسيط لأسرة فرنسية -رجل عجوز وإبنة أخيه اليافعة- مدخلاً أساسياً لرصدِ ردِّ فعلِ الشخصين حيال الإحتلال الجاثم على صدر فرنسا، إذ يحلُّ الضابط الألماني "فرنر فون أبرناك" «ضيفاً».



 

على منزلِ واقعٍ في إحدى مناطق فرنسية، وعلى جري عادةِ الألمان آنذاك الذين فرَضوا على السكّان استقبالَ الجنود الألمان في بيوتهم في القرى والمدن التي لا يتوفّر فيها مكان إقامة لهم.

 

يقدم الرجل الفرنسي العجوز وإبنة أخيه الخدمة المطلوبة منهما لإيواء الضابط المحتل عندهما، ولكنهما بذات الوقت على المستويين؛ المجازي والحرفي، يواجهان وجود الضابط بالصمت، ويتعاملان وكأن وجوده غير ملحوظ، وهنا تقدم كل من الرواية والفيلم شكلاً جديداً من أشكال المقاومة، حيث يغدو الإعتصام بالصمتِ، وهدم جسرِ التواصل الكلامي مع المُحتلّ هو الشكل المختلف للمقاومة.

 

"صمت البحر" يركّزُ على العلاقة الهامدة ظاهرياً بين الضابطِ الألمانيّ بوصفِه ممثّلاً للغزو الأجنبي وبين الأسرة الفرنسية، لإظهار أعراض الإحتلال والهزيمة على المستوى الروحي. 



طوال الوقت، يتعامل الضابط مع المنزل بأدب، ويتصرف كضيف في فندق على الرغم من أنه يقيم لفترة طويلة، ويبدأ بممارسة روتين يومي مع مضيفيه؛ فيقرع باب الغرفة التي يجتمعان فيها كل مساء -رغم معرفته المسبقة بأنهما سيتجاهلان وجوده ولن يفتحا له الباب-ثم يدخل الغرفة بعد وقت قصير، ويجلس معهما لمدة لا تزيد عن خمس دقائق قبل أن يتمنى لهم أمسية طيبة عندما يخرج.

 

خلال هذه الزيارات -التي كان يحرص على ألا يرتدي فيها زيه العسكري-كان يحدثهما عن ثقافته، وعن الموسيقى والأدب على وجه الخصوص لأنه مؤلف وموسيقي، وكذلك يتحدث عن كبريائه الوطني، وعن الآمال المنعقدة على نتائج الحرب، وعن حرية فرنسا ومحبته لها، وكيف أنها ستخرج وهي في حضن ألمانيا أقوى مما كانت عليه قبل الحرب، وكيف أن التزاوج بين الثقافتين الفرنسية والألمانية سيثري حياة كل الأوروبيين.

يتحدث من طرف واحد بإسهاب دون ان ينتظر تفاعلا أو ردة فعل من العجوز الذي يتابع التدخين من غليونه وابنة أخيه المستغرقة في أشغال الصوف.



يمضي أبرناك في المنزل ستة أشهر، وينتهي الأمر بالتأثير الخفي للضابط الألماني على العم وإبنة أخيه، على الرغم من أن هذا التأثير لم يتم الإعتراف به إلى حد كبير، كما أن إقامة الضابط في فرنسا هذه المدة، كان لها تأثير عميق عليه، وتفتحت عيناه على حقائق أخرى أثناء مدة الإجازة التي قضاها في باريس، حين سخر أصدقاؤه من تصديقه لِما شاع في بداية الغزو عن التلاقح بين الثقافتين، الألمانية والفرنسية، وحين عَلِمَ بقرار سلطة الإحتلال الألماني بحظرَ وصولِ المؤلفات الثقافية الصادرة من فرنسا إلى بلدان أخرى، كل هذا جعله يراجع نفسه، فلم تعد رؤيته للأمور هي ذاتها حين دخل فرنسا.

 

اعلان