يعرض في «شومان الثقافية»
«جاك دي نانت».. لقطات سينمائية خلدت قصة حب ونجاح مخرج فرنسي شهير
"ما أجمل أن يأت العرفان والتقدير من أقرب الناس إليك.. وخاصة في أحلك الظروف" هذا ما فعلته المخرجة الفرنسية "اغنس فاردا"، عندما قررت أن تخرج وتكتب فيلم "جاك دي نانت" Jacquot de Nantes تتناول فيه حياة زوجها المخرج الفرنسي المشهور جاك ديمي.
وتحكي المؤلفة عن كواليس فيلم "جاك من مدينة نانت" (أو ابن مدينة نانت)، الذي أنتج عام 1991، وتعرضه لجنة السينما بمؤسسة عبدالحميد شومان، غدًا الثلاثاء 25 سبتمبر، قائلة، إنها كتبت الفيلم وأخرجته استنادًا لما حدثها به زوجها، وكانت تلك الفترة حرجة لكلا الزوجين.
وأشارت إلى أن زوجها "ديمي" كان يعاني، في هذه الفترة، من ورم خبيث ومتقدم في الدماغ ولم يكن قادرًا على المساهمة في إتمام الفيلم، حتى أنه لم يحضر لمواقع التصوير الذي جرى في أماكنه الحقيقية التي عاش بها إلا مرات قليلة، مشيرة إلى أن "جاك ديمي" توفي قبل عرض الفيلم.
وكانت "فاردا" في سباق مع الزمن لإنهاء الفيلم تكريمًا وتخليدًا لزوج فنان عاشت معه ثلاثين سنة قبل أن يغادر نهائيًا، فكانت تعلم أنه سيفارقها خلال فترة قليلة.
واستعانت "فاردا بثلاثة" من الفتيان صغار السن لتجسيد طفولة "ديمي" حسب المرحلة العمرية، واستعانت بأكثر من مصور، كما نلاحظ من تترات الفيلم، وذهبت بالكاميرا إلى كل زاوية عاش بها أو مر بها "ديمي": منزله، كراج ابيه، صالون والدته لتصفيف شعر السيدات، وصورت مشهد مغادرة لمدينته خلال الاحتلال النازي لفرنسا، وغيرها من المشاهد.
كما أنها تعاملت بعمق مع علاقته مع عائلته وأقرانه وصورت كيف تعلق وهو في سن مبكرة بفن السينما وقدم تجارب لصنع أفلام قصيرة.
صور الفيلم بمجمله بالأبيض والاسود، لكن "فاردا" كانت تنتقل فجأة لاستعمال اللون، كما أنها كانت تنتقل من صورة فوتوغرافية ثابتة إلى لقطات متحركة، ومن لقطات قريبة إلى متوسطة وبعيدة أحيانًا، بالإضافة لمشاهد قليلة يظهر بها "ديمي" نفسه.
كما استخدمت المخرجة مقاطع من أفلام زوجها، استعاد فيها مشاهد عاشها في طفولته وأشخاص عاش بينهم في مدينة طفولته وصباه "نانت"، ومنها مثلا مشاهد من فيلمه الشهير "مظلات شيربورغ" الذي كان أول فيلم سينمائي من نوعه يعتمد الحوار المغنى كليًا.
هذه الانتقالات لم تؤثر في انسيابية شريط الفيلم بل زادت من الأثر النفسي لدى المشاهد، كما لعب التوظيف الذكي لموسيقى وأغاني كانت سائدة في فرنسا في اربعينات القرن الماضي نفس الأثر.
ومن أجواء الفيلم، نلاحظ إلى أي مدى تسيطر عاطفة الحب الصادق الإنساني على "فاردا"، خاصة إذا عرفنا إنها سبق وأخرجت فيلمًا عن الشاعر الفرنسي العظيم "اراغون" وحبيبته "السا"، اللذان عاشا معا ما يقارب الأربعين سنة، كما أنها أخرجت فيلما قصيرا -حوالي عشر دقائق – عن قصة حب رقيقة تجري في "اصفهان" بين سائحة فرنسية ومواطن إيراني.