«كتاب اليوم» يحتفي بانتصارات أكتوبر
باعترافات العدو.. القوات المصرية أنهت أسطورة الجيش الذي لا يقهر
"حرب أكتوبر شهادة إسرائيلية" عنوان الكتاب الذي صدرت طبعته الثانية عن "كتاب اليوم"، تزامنًا مع احتفالات الذكرى الخامسة والأربعون على نصر أكتوبر، للكاتب الصحفي وجية أبو ذكري.
سطر المؤلف في صفحات كتابه، اعترافات القادة الأسرائيليين عن حرب أكتوبر، وأوضح أبو ذكري، أن الجيش المصرى وقيادته واجه بعد حرب الأيام الست عام 1967 حربًا نفسية شديدة ولم تسلم كتابات العرب والأجانب من الاستخفاف بالجيش المصري.
وأشار إلى أن كتابات هؤلاء المراسلين لم تكن منصفة للقوات المسلحة المصرية بل كانت منحازة على طول الخط للجيش الإسرائيلى، وسط هذه الحرب النفسية كانت مصر تجهز نفسها للحرب سرًا وفي السادس من أكتوبر عام 1973 انطلقت كل طاقات مصر لتعزف في تنسيق عظيم ملحمة أكتوبر الخالدة.
يتضمن الكتاب ست شهادات إسرائيلية عن حرب أكتوبر، لم تستطع إخفاء بسالة الجيش المصرى ونهاية أسطورة الجيش الذى لا يقهر أمام تصميم وعزيمة المقاتل المصرى.
جولدا مائير لكيسنجر: أنقذونا.. إسرائيل تحتضر
وتتناول هذه الشهادة جزء من مذكرات رئيسة الوزراء الإسرائيلية "جولدا مائير" التى نشرتها في كتاب "حياتى" والتى افردت لها الفصل الرابع عشر من الكتاب.
وتقول مائير: "لن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أمر متروك للأخرين ولكنى سأكتب عنها ككارثة وكابوس عشته بنفسى وسيظل معى طول العمر".
وتوضح مائير، فى هذه المذكرات أن السفينة العسكرية الإسرائيلية كادت أن تغرق تمامًا وأنها طلبت من الرئيس "نيكسون" إنقاذ إسرائيل من الهلاك وأنها لم تشعر بالإرتياح إلا بعد وصول الدعم الأمريكى إلى مطار "الليد".
وفي النهاية تشير جولدا مائير، أن "موشى ديان" وزير الدفاع الإسرائيلى - رمز الأمن فى إسرائيل - كان متشائماً وقدم إستقالته مرتين أثناء الحرب وتقول دخل على ديان المكتب وظل واقفًا وقال لي: "هل تريدين إستقالتى فأنا مستعد لتقديمها" فأجبته بكل أسف لابد أن يبقى وزير الدفاع فى منصبه ووقف يشرح لى الوضع على الجبهة الجنوبية وكنت أستمع إليه بفزع واشمئزاز شديدين.
وتضيف مائير أنها فكرت فى الانتحار فى الأيام الأولى للحرب وصرحت فى أكثر من مرة قبل حرب أكتوبر أن مصر لا تملك القدرة على شن حرب ولا يوجد فى مصر القائد الذى يستطيع إتخاذ قرار حرب وإلا أرسل شعبه للهلاك.
الجنرال الأعور إبتلع الطعم وسقط فى مصيدة المصريين
وتتضمن الشهادة اعترافات "الجنرال الأعور" موشى ديان، كما لقبته الصحافة الغربية عن حرب أكتوبر والذى صرح من خلال التحقيقات أن حرب أكتوبر أثبتت للعالم أننا لسنا أقوى من مصر كما أن هالة التفوق الإسرائيلى التى أوهمت إسرائيل بها العالم بأنها أقوى من العرب عسكريًا وسياسيًا انهارت تماماً يوم السادس من أكتوبر عام 1973.
كما تحدث ديان، بحسرة: "أسأت فهم قدرة القوات المصرية على بناء الجسور والعبور بكفاءة خلال ساعات قليلة للضفة الشرقية للقناة.
ويؤكد "ديان" في التحقيقات التى أجريت معه بعد الحرب أن إسرائيل فقدت أى أمل فى القيام بهجوم مضاد لتجبر به مصر على التراجع عن الأراضى التى حررتها شرق القناة كما اعترف ديان أن إسرائيل خسرت فى الحرب عدداً هائلاً من الطائرات والدبابات.
ويضيف في اعترافاته أنه كان هناك سوء تقدير للموقف على كل المستويات، قائلًا: "كنا جميعاً نعتقد أنه يمكن صد المصريين فى اليوم الأول من الحرب وإعادتهم للضفة الغربية للقناة فكانت هذه عقيدة سابقة على قيام الحرب للجيش الإسرائيلي".
ويشير أبو ذكري، أن مذكرات "موشى ديان" صدرت بعد الحرب بثلاث سنوات وحاول من خلالها أن يجمل صورته أمام الرأى العام الإسرائيلى، ونسى "ديان" وهو يكتب مذكراته أنه أراد الاستسلام عندما قدم إستقالته ثلاث مرات لرئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير ، كما نسى أن أقارب قتلى حرب أكتوبر منعوه من إلقاء محاضرة فى جامعة تل أبيب عام 1974 وطالبوا بمحاكمته وأطلقوا عليه "وزير العار".
"المحدال" كتاب يكشف عار اليهود على الجبهة مع مصر
وهذا الكتاب يعد وثيقة تاريخية، وكشف كتاب "المحدال" وهو يعنى بالعبرية "التقصير" كفاءة الجندى المصرى ومهارته فى التعامل مع العدو، وفى نفس الوقت شهادة إسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر ما هو إلا أسطورة حطمتها شجاعة المقاتل المصرى وأن انتصارهم فى حرب يونيو 67 كانت بسبب عيوبنا وليس بسبب فروسية ومهارة الجندى الإسرائيلي.
كل هذا كشفه الكتاب بالرغم من مروره على الرقابة العسكرية الإسرائيلية وحذف فصولاً كاملة منه.
بارليف: كان بإمكان المصريين تصفية الثغرة لولا وقف إطلاق النار
وتتحدث الشهادة الرابعة عن حكاية الثغرة والتي كان الهدف منها هو محاصرة الجيش الإسرائيلي للقوات المصرية التى عبرت شرق القناة إلا أن هذا الهدف لم يتحقق بل وقعت كل القوات الإسرائيلية في الثغرة تحت سيطرة الجيش المصري وتمت محاصرتها تمامًا.
ليس هذا فحسب، بل تم إعداد خطة عاجلة لتدمير هذه الثغرة بقيادة اللواء سعد مأمون وكانت الخطة تقتضي تفتيت الجيب الإسرائيلي إلى مواقع منعزلة ومحاصرتها ثم تدمير كل موقع على حدى.
كما كلفت القوات الجوية والصاعقة والضفادع البشرية بنسف الجسر الذى يربط ممرات القوات الإسرائيلية فى سيناء وقواتها غرب القناة وبعد مناقشة الخطة من قبل مجلس الحرب الأعلى للقوات المصرية تم التصديق عليها.
وعلى الجانب الآخر، في هذا الوقت كانت الولايات المتحدة تدخلت لإنقاذ إسرائيل حيث رصدت الأقمار الصناعية صور لتحرك قوات اللواء "سعد مأمون" للقضاء على الثغرة، وحضر الثعلب اليهودي "هنرى كيسنجر" وزير الخارجية الأمريكي، إلى مصر، والتقى بالرئيس السادات وأخبره بتحرك القوات المصرية تجاه الدفرسوار ولمح له بأنه لو تم الهجوم فسوف تدخل أمريكا طرفاً فى النزاع العسكرى.
وتوقفت مصر عن تدمير الثغرة ويقول "حاييم بارليف" عن الثغرة: "عملية الدفرسوار كانت مغامرة انتحارية لقد كان بإمكان المصريين القضاء على قواتنا فى ساعات وتكبيدنا ألاف القتلى وكان احترام القادة المصريين لقرار وقف إطلاق النار بمثابة رصاصة الرحمة لجنودنا وضباطنا".
ويقول "أرييل شارون" عن الثغرة: "إننى أدرك أن كل القوات الإسرائيلية الموجودة فى غرب القناة ستكون رهينة فى أيدى الجيش المصرى لو أن القتال تجدد مرة أخرى".
ويؤكد أبو ذكري، في النهاية، أن حرب أكتوبر كانت نصرًا عظيمًا للعرب حتى من خلال اعترافات قادة إسرائيل أنفسهم فما حدث فى أكتوبر 73 لم يحدث فى كل تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث أكدت شهادات العدو على قدرة الإنسان المصري على العطاء والمقاومة ومعايشة الأهوال لتحقيق الأهداف الكبرى.