في حواره مع «مصر العربية»...
السيد نجم: تجربتي الحربية أثرت في أعمالي الأدبية.. والكتابة للأطفال صعبة
أبدع قلمه في مجالات أدبية متعددة، قدم 22 عملاً في أدب الأطفال منها "سامح يرسم الهواء"، و"وحيد لا يحب الوحدة"، كما غاص في عالم الرواية والقصة القصيرة ومن أشهر أعماله بها "السمان يهاجر شرقًا"،"أيام يوسف المنسي"، و"عودة العجوز إلى البحر"، فضًلا عن ما قدمه في أدب المقاومة والحرب فقدم دراسة "الحرب:الفكرة- التجربة- الإبداع"، و كتاب "المقاومة والحرب في الرواية العربية"، إنه الكاتب السيد نجم.
حاورت "مصر العربية" السيد نجم، للحديث عن بداياته الأدبية، وتجربته الحربية وتأثيرها في إبداعه الأدبي، وعن أدب الطفل في أعماله، وعن مشاريعه الأدبية القادمة.
وإلى نص الحوار...
في البداية نرغب في الحديث عن بدايات السيد نجم مع الأدب؟
البدايات بعيدة وبالتواريخ.. تم نشر أول قصة قصيرة لي بعنوان (ليلة من ألف وخمسمائة ليلة) بمجلة روزاليوسف عام 1972م، ونشر أول مقال (الخصائص الفنية للخندق فى الرواية) مجلة القاهرة عام 1983م، أول رواية كتبت (السمان يهاجر شرقا) وهي الرواية الثانية فى النشر عام 1995م، نشر أول رواية (أيام يوسف المنسى) عام 1990 ضمن مطبوعات جماعة نصوص 90 الأدبية.
لكل كاتب هدف من أعماله ما هو هدف الكتابة لدى السيد نجم؟
مفاهيم الانتماء والانخراط فى الجماعة المجتمعية والبعد عن الذاتية والانتماء إلى فكرة الخلاص الجماعى فى مواجهة المشاكل وليس الهروب الفردى على حساب الآخر، هكذا تبدو الأهداف هدفا واحدًا، وهو الانتماء ومقاومة العدائية والعدوان.
يحتل أدب المقاومة والحرب منزلة كبيرة بين إبداعات السيد نجم.. لماذا جذبك هذا النوع من الأدب؟
الحقيقة لم أتعمد اختياره، بل هو من اختارنى حتى أن أول قصة قصيرة نُشرت لي عام 1972م كانت على علاقة به، عنوانها "ليلة من ألف وخمسمائة ليلة" حول رفض سيدة مصرية استلام مكافأة أو تعويض من القوات المسلحة عن زوجها المفقود فى معارك 1967م بعد مضى أربع سنوات حسب القانون حينها.
كما أنه تم تجنيدي فى عام 1971م وعشت التجربة الحربية حتى عام 1975م، خلال فترة ساخنة من تاريخ مصر، وهو ما جعلنى أقول أنها تجربة جيلى كله.
فلما كانت قصص تلك الفترة غالبا لها علاقة بالأحداث العامة وأخبار مواجهة العدو الإسرائيلى، بدأت تتشكل لدي مجموعة من الأعمال بين الرواية (السمان يهاجر شرقا) ومجموعة من الروايات القصيرة فى كتاب بعنوان (يا بهية وخبرينى)، بالإضافة كذلك لمجموعة قصص (أوراق مقاتل قديم)، والقسم الثاني من مجموعة قصص (عودة العجوز إلى البحر) وغيرها من القصص التى نشرت، وبالعموم ما من رواية التى بلغت عشر روايات ﺇلا وبها شخصية تماست مع التجربة الحربية بشكل ما.
فلما انتهت المعارك بعد أكتوبر 73م شرعت فى التنظير لمصطلح أدب الحرب ومنه ﺇلى مصطلح أدب المقاومة.. ونشر الكتب التالية: (الحرب:الفكرة-التجربة- الإبداع)- (المقاومة والأدب)- (المقاومة والحرب فى الرواية العربية)- (المقاومة والقص فى الأدب الفلسطينى.. الانتفاضة نموذجا).
وبذلك ﺇرتبط اسمى بما قدمته فى مجال التجربة الحربية، مع العلم أننى كتبت 10 روايات و7 مجموعات قصصية وأيضا 22 كتابا فى أدب الطفل.. بالاضافة ﺇلى الكتب التنظيرية فى أدب الحرب وأدب المقاومة.
وما بين الكتابة للأطفال والروايات والقصص وأدب المقاومة.. إلى أيهم يميل قلمك؟
الحقيقة أن الكتابة عندى لها بوصلة وهى الاهتمام بالهم العام ومصائر الأفراد والجماعة فى مصر، ومن هنا تكون الفكرة هى من تحدد الشكل الذى يمكن أكتب به العمل، وربما أيضا الحالة النفسية لها دورها لأنه بلا شك هناك لقطات تكون أنسب للطفل مثلا، وأفكار لا تصلح إلا بالمعالجة الروائية وهكذا.
وبصفتك أحد المبدعين في مجال الكتابة للطفل.. ما هي صعوبة الكتابة للأطفال؟
هى صعوبات البدايات، حيث يظن البعض أن الكتابة للطفل سهلة ويمكن الكتابة بلا محاذير وأن الطفل لن ينتبه، بل على العكس لا بد من التوثيق لكل معلومة ترد بالعمل، وأهمية توظيف المشاعر المعتدلة وتزكية أعمال العقل والقلب، كما أن الكتابة العلمية مهمة الكاتب الحصيف وغيرها من الاشتراطات والتحفظات.
ما هو تقييمك لأدب الأطفال في الوقت الحالي؟.. وما هي المشاكل والتحديات التي تواجهه؟
أدب الطفل بخير بداية.. إلا أن السوق وغياب دور الدولة مع كتاب وفنون الطفل هو سبب الترهل والغياب الذى نستشعره مع أدب وإبداع الطفل، هناك بلاد نهضت برصد جزء من ميزانية الدولة من أجل الطفل من حيث الصحة والتعليم والثقافة وبعد 15 سنة أنجزت مشروع المستقبل، وتولى الصغير المعد بطريقة سليمة كل مسئوليات المهن والحرف والإنتاج فى البلاد.. وهى تجربة ماليزا.
أدب الطفل بين التراث والمعاصرة.. ما هي الفروق التي ترصدها من وجهة نظرك؟
هذا السؤال ممكن أجيب عليه من الزاوية التى رصدها الناقد الشاب د.محمد هندى في دراسة له حول أعمالى للطفل والتى بلغت 22 كتابا، وكتبت بعضا منها بمعالجة لفكرة تراثية ومجموعة أخرى بتوظيف نمط الخيال العلمى وخصوصا مع توظيف التقنية الرقمية.
هل كان الأدب هو سبب هجرك للطب؟
ظللت أعمل كموظف حتى الستين اى منذ عشر سنين، وتفرغت للنشاط الثقافى بعد الستين، لكن الحقيقة لم أنفصل عن النشاط الثقافى طوال عمرى ومنذ حصلت على ليسانس الآداب فلسفة عام 1980م أى بعد تسريحى من القوات المسلحة بعد التجنيد خلال سنوات ما قبل وبعد معارك اكتوبر73.
ومن وجهة نظرك.. كيف يمكن أن تؤثر الثقافة في مواجهة الأزمات التي تواجه الدول مثل الإرهاب؟
لا شك أن الثقافة هى خط الدفاع الأول فى مواجهة كل الأفكار المتطرفة وغير المتوافقة مع الرؤية المجتمعية، وهو ما يتبدى على جانبين: الجانب الأول.. الثقافة تمنع دخول البعض والمزيد من الشباب فى دهاليز التطرف، والجانب الذتى فتح باب مراجعة الذات للمتطرف نفسه وقبل أن يتحول إلى إرهابى فبداية الإرهابى فكرة متطرفة.
نبارك صدور عملك الحديث "ضجيج الضفادع" .. حدثنا عن تفاصيل العمل؟
يصعب سرد تفاصيل رواية ما، خصوصا اذا كانت من النوع البعيد عن الحكايات بشكلها المباشر، لكن ممكن أشير الى بعض المحاور حولها: مثلا عندما بدأت الكتابة فى عام 2013م كان وراء دافع الكتابة حالة ذهنية ونفسية استشعرت معها وكأن مصر أصبحت طيقا ممتلىء بالحلوى وعلى الجميع اقتناصه!
الامر الذى انعكس فى معالجة الشخصيات، حيث الأب أو مهندس الري عبدالوارث المصرى وزوجته والنوبية جميلة ثم ثلاثة أولاد الجنرال (رامز)- الإعلامى (علام)- طالب كلية الحقوق (عصام).
أما الخط الواضح فى الحكي فهو بسيط ودال حيث يكلف مأمور قسم الشرطة مهندس الري بتبنى الطفلة النوبية مجهولة الاسم (رفضت الافصاح عنه) فاطلقوا عليها فى محضر التسليم (جميلة)، حيث سلمتها أمها لسيدة على متن مركب ينهض عليه النوبيين من النوبة إلى أسوان أثناء بناء السد العالى، وفيما بعد ينجب المهندس الأبناء الثلاثة، وتتولى جميلة رعايتهم خصوصا بعد وفاة الأم أو الزوجة (هانز).
هذا المناخ وتلك الشخصيات وعمل عبدالوارث كان وراء تناول الكثير من الحقائق التاريخية والعلمية وحتى الأساطير والحكايات وعناصر التراث المتعلقة بالمياه وبنهر النيل، حيث لم يعد ينتبه المصريون لنظافته ورعايته، ويتم سرد خطر تفاعلى مع الأحداث الجارية خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما يكشف عن تغلب الأنانية والذاتية على سلوك البعض.
هذا ما تم التعبير عنه من خلال الفلاش باك واستحضار عبدالوارث الأحداث مع نقيق الضفادع وعلى جالسا على شاطىء ترعة المنصورية حيث يقيم.
ما هي مشاريعك الأدبية القادمة؟
لدى العديد من الكتب أرجو أن أتمكن من نشرها سواء فى مجال القصة القصيرة أو دراسات أدب المقاومة.