في اليوبيل الذهبي

احتفالًا بشخصية المعرض.. «ثروت عكاشة» عاشق الثقافة

كتب: كرمة أيمن

فى: ميديا

21:20 27 يناير 2019

«لم أدعُك لشغل وظيفة شرفية، بل إننى أعرف أنك ستحمل عبئا لا يجرؤ على التصدى لحمله إلا قلة من الذين حملوا فى قلوبهم وهج الثورة حتى أشعلوها، وأنت تعرف أن مصر الآن كالحقل البكر، وعلينا أن نعزق تربتها ونقلبها ونسويها ونغرس فيها بذورًا جديدة لتنبت لنا أجيالًا تؤمن بحقها فى الحياة والحرية والمساواة»... بكلمات الزعيم جمال عبدالناصر، تراجع ثروت عكاشة عن اعتذاره لشغل منصب وزير الثقافة والإرشاد القومي. 

واستطاع ثروت عكاشة، أن يحدث تغييرًا جذريًا في المشهد الثقافي في مصر أدى إلى نهضة ثقافية حقيقية خاصة على المستوى الفكري، ويراه الكثيرون الشخصية الثقافية الأولى في مصر، وكان اسمه يتردد صداه على امتداد الوطن العربي الكبير، وفي عواصم الثقافة بأوروبا. 

وتحت عنوان »ثروت عكاشة.. تجربة وإرادة»، أقيمت ندوة ضمن نشاط شخصيتا المعرض والأحداث المئوية، شارك فيها كل من الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق، والدكتور أبو الفضل بدران، وأدارها الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق، وذلك في قاعة ثروت عكاشة بالقاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب. 



وتحدث الدكتور محمد صابر عرب؛ وزير الثقافة الأسبق، في البداية قائلًا: إن الدكتور ثروت عكاشة حينما تولى مسئولية وزاة الثقافة التي كانت تسمى وزارة الإرشاد القومى جاء بفكرا مختلفا عن جيله ومن قبله فقد جاء بثقافة الفن الرفيع، ولم يكن له طموحا سياسيا، ولكن طموحه كان منصبا على تحقيق انجازات فى المجال الثقافى. 

وأضاف أن أصعب فترة في تاريخ ثروت عكاشة فى وزارة الثقافة فترة 1958 حتى 1962 حيث كان ثروت عكاشة يواجه حروب ضروس بسبب توليه وزارة الثقافة والرجل لم يكن أبدا يرغب فى الاستمرار وتقدم باستقالته لجمال عبد الناصر مرات متتعددة إلا أن جمال عبد الناصر رفض قبول الاستقالة وابلغ "عبد الحكيم عامر" أن يبلغ "ثروت عكاشة" ان حكومة الثورة لا تقبل استقالة أيا من أعضائها، واستمر ثروت عكاشة فى منصبة حتى قام بملحمة إنقاذ آثار النوبة. 

وأشار إلى أن ثروت عكاشة كان شخصا محبا للناس حتى الأشرار منهم، وحتى من أضروه لم يعبأ بهم فقد كان لديه روح إنسانية شفافة محبة للجمال، فروحة كانت لا ترغب ولا تعبأ برؤية القبح وهذا ما أدى إلى عدم اهتمامه وإكتراثه بأعدائه فلم يكن يستطيع ثروت عكاشة بروحه الإنسانية الراقية أن يحمل ضغينة لأحد وهو ما ظهر جليا فى كتاباته ومسيرته الشخصية .
 

ولفت إلى أن ثروت عكاشة كان يرغب فى أن تصل الثقافة إلى القرى والنجوع من خلال قصور الثقافة وبذل فى سبيل تحقيق هذا الإنجاز من خلال قصور الثقافة مجهودات كبيرة، وما يجب التأكيد عليه أن فكرة قصور الثقافة وجدت مكتوبة فى أوراق ومذكرات جمال عبد الناصر بخط يده والتى أهدتها أسرته لدار الكتب والوثائق القومية، وهو ما يؤكد أن فكرة قصور الثقافة أتى بها جمال عبد الناصر وتلاقى فى الأفكار والرؤى مع الدكتور ثروت عكاشة الذى أشرف على تنفيذها.



 

وفي كلمته، أكد الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق، أن ثروت عكاشة الذى نحتفى به اليوم كاحد شخصيتا معرض القاهرة الدولى للكتاب فى يوبيله الذهبى ، هو واحد من البنائين الكبار فى الثقافة المصرية والتى ترعرت فى ظل ثورة 1919 وأزدهرت أكثر فى ظل ثورة  1952، ومشروعاته الثقافية وانتاجه الثقافى غزير، وكان دائما يمزج فى مشروعاته الثقافية بين الرؤية والإنجاز، وساهم وقوف القيادة السياسية فى ذلك التوقيت برئاسة الزعيم جمال عبد الناصر داعمة لجهود ثروت عكاشة فى إنجاز العديد من المشروعات .

 

وتابع: "ساهم "ثروت عكاشة" فى تأسيس فرقة "الموسيقة العربية"، فرقة "باليه القاهرة"، ومشروع الصوت والضوء، فضلا عن اسهاماته الكثيرة فى إنقاذ اثار النوبة وتطوير معبد الكرنك ومعبد الدير البحرى، فضلا عن تطويره لأكاديمية الفنون وتطوير عددا من المتاحف على رأسها متحف مراكب الشمس ومتحف النسجيات وإسهاماته الكبيره فى تطوير دار الكتب. 

ولفت إلى أن كل هذه الاسهامات الثقافية، لم تمنعه من استكمال مشروعه الخاص ولم يتوقف عن الكتابة والترجمة طوال فترة توليه الوزارة، وكتب "ثروت عكاشة" عن التاريخ الإسلامي، الفن العراقى والفن الفارسى والفن الإسلامى والفن الوصفى، والقيم الجمالية فى العمارة المصرية .

 

وتطرق للحديث عن نظرية ثروت عكاشة حول الفن، مشيرًا إلى كتاباته حول الفنون حيث كان لدية رؤية حول النقد الثقافي، وكان يتحدث عن الفنون فى عصر ما ويقدم اسباب تتطور الفنون فى هذا العصر من كل الجوانب الأدبية والفنية والثقافية، ويعتبر ثروت عكاشة واحد من اهم مؤرخى الفنون حول العالم، ومكانته فى تأريخ الفنون لا تقل أبدًا عن مكانة المؤرخ العالمى "هاوزر" .



 

وأوضح أن ثروت عكاشة كان مهتمًا بالفلسفة والموسيقى والفنون، وكان متذوقًا للموسيقى وتناول الموسيقى فى كتاباته ومشروعاته بمختلف انواعه، وفي مجال الأدب كان مولعًا بـ"برنارد شو" وترجم عنه الكثير من الكتب، كما كان مولعًا بمؤلف الموسيقى الألمانى "فيرنار"، وكان مهتما ايضا بموضوع وحدة الفنون باعتبار أن الفنون متكاملة ولا تتجزأ ويجب أن يكون الفنان عارفًا عن فروع الفنون المختلفة .

 

ولفت إلى أن ثروت عكاشة كان منصبا فى كتاباته عن الموسيقى حول توضيح الفروق بين الموسيقى ذات الإيقاع البسيط، والموسيقى ذات الإيقاع المركب، باعتبار أن الإيقاع هو الوسيط بين الموسيقى والفكر، وكان يترجم الأعمال الشعرية المرتبطة بالقطع الموسيقية .

 

وأشار إلى أن إنجازات "ثروت عكاشة" الثقافية لا نستطيع أن نحيط بها من خلال ندوة أو حتى عشر ندوات، خاصة أن ثروت عكاشة لم يكن فقط مثقفًا ولكنه كان مفكرًا كبيرًا .

 

ومن جهته، قال الدكتور أبو الفضل بدران، أنه كان محظوظا بلقاء الراحل العظيم ثروت عكاشة فى أبو ظبي بعد أن حصل على جائزتى "العويس الثقافية" وجائزة "الشيخ زايد الثقافية".

وتابع: "فيهذا اللقاء تعرفت فيه عن قرب أسباب مدى ارتباطه وحبه لقصور الثقافة التى اشرف على إنشاءها، حيث أخبرنى أنه أنشأها من أجل نشر العدل الاجتماعي فى وصول الثقافة للجماهير، وكان مؤمنًا بأن قصور الثقافة ليس دورها نقل الثقافة الحكومية إلى الجماهير ولكن دورها الحقيقي هو نقل ثقافة الجماهير إلى الحكومة .

 

وأضاف، أن ثروت عكاشة كان عاشقا للثقافة وكان عاشقًا لمهمته كوزير للثقافة ومثقف، وكان يطوف بلدان العالم من أجل أن ينقل مظاهر الحضارة والثقافة إلى مصر بما يساهم فى إحداث نهضة حضارية وثقافية فى مصر. 

 

 

 

 

اعلان