حوار| الفائز بجائزة الشيخ زايد لأدب الطفل: الكتابة أقوى ممارسات الضعف

كتب: حوار- آية فتحي

فى: ميديا

18:22 25 مارس 2019

وصف الروائي والقاص الكويتي حسين المطوع الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب لأدب الطفل والناشئة عن قصته "أحلم أن أكون خلاط أسمنت" الجوائز الأدبية بأنها ظاهرة صحية للكتابة ومهمة جدًا للكاتب، خصوصًا فيما يتعلق بإبرازه وإبراز عمله للعالم.
 

حاورت "مصر العربية" المطوع، للحديث عن قصته الفائزة، وعن علاقته بالكتابة للأطفال، وعن عمله الأدبي القادم.
 

وإلى نص الحوار

انطلاقا من مباركتنا بالفوز بجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب فرع أدب الطفل.. ما هو رد فعلك على الفوز.. وهل كنت تتوقعيه؟

 تخيلي؛ عدّاء تدرب لسنوات، ثم شارك في ماراثون للمسافات الطويلة وجرى ساعات، في الأمتار الأخيرة كان محاذيًا لمنافسيه قريبًا منهم، يتقدم تارة ويتأخر أخرى.. شعوري يشبه شعور ذلك العداء وهو يلتقط أنفاسه لحظة تجاوزه خط النهاية فائزًا. إنه شيء أكبر من السعادة أعقد من الفرحة.
 

وفي الحقيقة كان لدي إحساس منذ البداية أنني سأحقق الفوز، أؤكد: إحساس وليس توقعًا أو تنبؤًا قائمًا على رؤية أو دراية، شيء يشبه الشعور الخفي والذي قد لا يعدو كونه حيلة تمارسها النفس لتستمر بالحلم.
 

وإلى أي مدى تمثل لك الجوائز الأدبية أهمية؟

من الصعب أن نتحدث عن الجوائز الأدبية بإطلاق وتعميم، فكل جائزة مختلفة عن الأخرى في جوانب وأمور متعددة. لكن إن أردنا الحديث عن فكرة " الجائزة الأدبية" كفكرة عامة مجردة ونعرفها بأنها: المردود المادي والمعنوي الذي يحصل عليه كاتب ما بعد أن رأت لجنة تحكيمية محايدة أن عمله المقدم للجائزة هو أكثر عمل مطابق لمعايير اللجنة ومقاييسها.

بهذه الحالة سأقول أن الجوائز ظاهرة صحية للكتابة ومهمة جدًا للكاتب خصوصًا في ما يتعلق بإبرازه وإبراز عمله للعالم. بالنسبة لي الجوائز الأدبية وسيلة وليست غاية، فهي رغم قيمتها الذاتية العالية إلا أن قيمتها الأكبر في الأبواب التي تفتحها أمام الكاتب والطرق التي تختصرها له. ولذلك على المبدع أن يكون حذرًا في تعامله مع الجوائز، الفوز لا يعني الوصول للنهاية إنما هو خطوة أكبر وأسرع.
 

حدثنا بشيء من التفصيل عن كتابك الفائز "أحلم أن أكون خلاط إسمنت"؟

 اعتمدت قصة " أحلم أن أكون خلاط إسمنت" على أنسنة الآلة وجعل الشاحنات البنائية هم شخصياتها. وتدور الأحداث حول الشاحنة الطفل "هدام" والذي يرفض أن يسير على خطى أسرته بعملهم في الهدم، ويكون حلمه في الحياة أن يتحول إلى خلاط إسمنت. ينطلق هدام ويقطع أحداث القصة سعيًا لتحقيق حلمه، يواجه العقبات والصعوبات الخارجية والذاتية.. هل يتجاوزها؟ هل ينجح؟ هذا ما تعالجه القصة.
 

هل تتميز الكتابة للأطفال بطابع صعب عن باقي الكتابات؟

صعوبة الكتابة للطفل كصعوبة أية كتابة أدبية أخرى، على الكاتب أن يكون ذا وعي ومعرفة، مجيدًا للغة، متمكنًا من الأدوات والتقنيات الكتابية. عليه أن يطور من نفسه دائمًا ويجرب أدوات وأساليب متجددة. الطفل قارئ ومتلق ذكي كالكبار، يريدك أن تقنعه، أن تجذبه وتشده للقصة.. لا تجعله يشعر بالملل فهناك الكثير من الأشياء الممتعة والمسلية حوله والتي لن يضحي فيها من أجل قصة مملة.
 

"إن الرواية والقصة هي أداة الإنسان لفهم الحياة، فالإنسان يتعامل مع الرواية كعالم، ويتعامل مع العالم كرواية، نحن نفهم الكون وحركته وتطوره كقصة، كحدث، كبناء سردي".. قرأت لك هذا الوصف للرواية.. حدثنا عن قيمة الرواية من منظورك أكثر؟

أظن الاقتباس الذي تفضلتم بإيراده في السؤال يلخص رؤيتي التي أنطلق منها في التعامل مع الرواية من حيث قيمتها المعرفية. وهذه الرؤية تتمحور أساسًا حول فكرة "الفهم" كقيمة جوهرية للرواية وباقي الأنماط السردية. في الرواية يقدم لنا العالم بعناصره وأشيائه موزعة وممفصلة في بُنى متكاملة ومنسقة. لكل شيء موقعه المنفرد، لكل شيء قيمته وصوته الخاص. وهذا ما يفرق السرد عن الشعر.

 

إذا كان لكل كاتب هدف من كتاباته.. ما هو هدف الكتابة لديك؟

 يؤسفني القول أنني أرى الكتابة أقوى ممارسات الضعف.. صناعة العالم الحقيقي في مكان آخر؛ حيث السياسة والاقتصاد يرسمان ملامح الحياة الواقعية، حيث ينتج البؤس والفقر والدمار، حيث يتواجه الموت والحياة مواجهة مباشرة. تأتي الكتابة - والفنون بشكل عام- في ظل كل هذا القبح والبشاعة لتخلق مقاومة من نوع آخر، كمن يزرع وردة في غابة من الجثث ومخلفات الصواريخ. نحاول أن نعطي المهمش والمسحوق والمظلوم صوتًا بعدما انتزع العالم حنجرته. نقول للأجيال القادمة: كان هناك من يرفض كل ما حدث..

هل سيكون هناك أجيال قادمة؟ هل سيصلهم صوتنا؟ هل لنا صوت أصلًا؟ لا أعرف..أكتب لعلني في يوم ما أعرف.
 

ما هي أهم المراحل الأدبية التي مررت بها في مشوارك الأدبي حتى الآن.. وحدثنا عنها؟

 لم أدخل الثلاثين بعد، رحلتي قصيرة وليست ذات قيمة مقارنة بعدد كبير من الكتاب والمبدعين. لكن هناك لحظات مهمة بالنسبة لي شخصيًا وإن كانت لا تعني شيئًا لغيري: اللحظة التي قررت فيها تغيير تخصصي الدراسي والانتقال لكلية الآداب بعد ثلاث سنوات من دراسة المحاسبة. لحظة استقالتي من وظيفتي لأجل التفرغ للأدب والكتابة. واللحظة التي أعلن فيها فوزي بجائزة الشيخ زايد للكتاب. وهذه اللحظة الأخيرة أكدت لي أن قراري في المرتين اللتين ذكرتهما كان سليمًا.
 

ما هي أعمالك الإبداعية القادمة؟

 القادم هو القراءة والقراءة ثم القراءة، أحتاج أن أشتغل على نفسي أكثر وأطور من نفسي أكثر. في هذه المرحلة قد أبدأ بكتابة رواية، قصة طفل، أو كتاب نقدي.. لا أدري الباب مفتوح.

 

اعلان