في حوار سابق لـ«مصر العربية»

نبيل فاروق: «رجل المستحيل» هدد إسرائيل.. ودفعت ضريبة انتقادي لـ «مبارك»

كتب: أجرت الحوار: آية فتحي

فى: ميديا

22:18 09 ديسمبر 2020

تودع "مصر العربية" الكاتب نبيل فاروق، الذي فارق عالمنا اليوم الأربعاء 9 ديسمبر 2020، بعدما وضع بقلمه حجر الأساس لواحدة من أوائل السلاسل العربية المختصة بأدب الخيال العلمي على الإطلاق، والتي حملت اسم "ملف المستقبل"، واجه بأوراق سلسلة "رجل المستحيل" أجهزة استخباراتية عالمية مثل الموساد، من خلال شخصية رجل المخابرات المصري "أدهم صبري"، وتنقل بقلمه مبدعًا بين الأدب البوليسي، الخيال العلمي، الكتابة السياسية، وأحيانًًَا الاجتماعية الرومانسية.

 

وتنشر "مصر العربية" حوارًا سابقًا مع الكاتب نبيل فاروق، تحدث خلاله عن علاقته بالمخابرات المصرية، وأعماله القادمة، ورؤيته للوضع المصري الحالي، وتقييمه ﻷوضاع الثقافة المصرية.

 

ما بين كتابة القصة البوليسية والرواية الاجتماعية والكتابة السياسية.. أي الألوان الأدبية يميل قلم نبيل فاروق؟

أنا غير مقتنع بتخصص قلم الكاتب، فمثلًا إذا كنت أكتب أدبا بوليسيا وظهرت بعقلي قصة رومانسية لن أمنع قلمي، الكتابة "مود" يتغير، أنا كاتب محترف لا أملك عملا آخر، كل ما يأتي بذهني خلال 24 ساعة أكتبه، بصرف النظر عن تخصصه.

 

كتبت إحدى الجرائد الإسرائيلية أن «رجل المستحيل» جعل جيلاً لم يعش الحرب يكره إسرائيل.. كيف ترى رؤيتهم لأعمالك؟

أنا شخصيًا لا أكره إسرائيل كدولة أكرها كأفعال، لديهم الجيد والسيئ، ولكن عندما أجد دولة تحتل دولة أخرى فهذا أمر يجب أن لا أتقبله، وأكتب عنه، وعند كتاباتي كنت أرى أن العدو الأساسي هو الموساد، فانعكس ذلك على كتاباتي، فكانت رؤيتهم أني تسببت في كره الناس لليهود، كتاباتي ﻻ يوجد بها كره ولكن يوجد بها صراع، وعندما تابعوا كتاباتي وجودوا أن شخصية أدهم صبري جذبت الانتباه، ومع نجاحها استشعروا أنها خطر عليهم.
 

 

من هم الأدباء الذين أثروا في شخصيتك الأدبية؟

الكثير فتوفيق الحكيم، يجذبني بأفكاره غير التقليدية، إحسان عبد القدوس يغوص في المشاعر الإنسانية، عبد الحميد جودة السحار أسلوبه سلسل، وكتاب أجانب مثل جول فيرن، هربرت جورج ويلز، الذي يضع فلسلفة بأعماله، وناهد شريف صاحب الخيال المصري المعاصر.
 

لكل كاتب هدف من كتاباته ما هو هدف الكتابة لدى نبيل فاروق؟

أرغب أن أعطي قيمة للخيال العلمي، وإدراك قيمة الوطن، وتوصيل رسالة تفيد أن الأخلاقيات أهم شيء بالحياة، ومن أهدافي نشر العلم بطريقة سهلة.

 

كيف بدأت علاقتك بالمخابرات؟

بدأت علاقتي بهم منذ كنت في العام الدراسي الأول بكلية طب عن طريق عملية جاسوسية اشتركت بها، فقد كان متورطا بها 2 إنجليز في بلدي بطنطا، وطُلب مني التعاون مع أجهزة أمنية لجمع معلومات عنهم، ومن يومها أدركت أننا نملك جهازا قويا بهذا المجال وميزتهم أنهم ﻻ يعلنون ذلك، على الرغم أنهم يضحون بالكثير.
 

وخرجت من التجربة مبهورا، وبدأت أفكر لماذا ﻻ يوجد بطل معاصر مستوحى من هؤلاء الأبطال، وفكرت في صنع شخصية تنافس الشخصيات العالمية وتكون بقوة الشخصيات الأجنيبة التي نقرأها، وبدأت أضع أول هيكل للشخصية المعاصرة وأنا بكالوريوس طب، وحاربت لنشرها، فلم يقتنع به الناشرون في بداية الأمر، لدرجة أن هناك ناشر قال لي: "تلك الأعمال ﻻ تنجح في مصر"، وقابلته بعد مرور 12 عامًا وأبدى ندمه الشديد.

 

هل مازلت متحفظا على الإفصاح عن شخصية أدهم صبري؟

وسأظل، من الممكن أن يعرف الجمهور الشخصية الحقيقة بعد وفاتي، الفضول علامة على أن الناس تعلقت بالشخصية جدًا، وهذا يعتبر نجاحا.
 

هل شخصية أدهم صبري استوحيتها من ضابط مخابرات واحد فقط؟

استوحيت الفكرة من مجموعة أفراد بجهات أمنية متعددة أخذت أمهر شيء في كل شخص.

وما تعقيب أدهم صبري الحقيقي على القصص التي كتبتها برجل المستحيل؟

كان شايف إني بهرج وأبالغ، ﻷن هذه الشخصيات تعمل بعقلها أكثر من عضلاتها، كنت أشرح له أن هناك فرقا بين الحقيقة والرواية.
 

هل مازال على قيد الحياة؟

توفي في فبراير 2015..
 

إلى أي مدى استمرت علاقتك بالمخابرات؟

إلى الآن، أي أمر أكتبه عن المخابرات ﻻبد أن أحصل على موافقة منهم، ولي صداقات كثيرة هناك، 32 عامًا من العلاقات.
 

وجهت إليك انتقادات بأنك "صنيعة المخابرات" كيف كنت تواجه تلك الأمور؟

أنا ﻻ أنكر أو أؤيد عملي في المخابرات، وأنا أستعجب فكرة أني صنيعة المخابرات للتأثير على الشباب، فكيف لها أن تتمكن من هذا التأثير لمدة 32 عامًا.
 

وما هي المشاكل التي جنتها من خلال العمل مع المخابرات؟

ﻻ توجد أي مشاكل والمخابرات من أكثر الجهات المثقفة الواعية الهادئة، كنت أناقشهم وارتحت جدًا في العمل معهم، ولولا المخابرات لم أكن وصلت لما أنا به.

 



هل تملك نية لعودة سلسلة "ملف المستقبل" و "رجل المستحيل

لن يعودا أبدًا اعتزلتهم تمامًا وانا لدي 60 عامًا، يكفي على الشخصية 32 عامًا من تصدر الأكثر نجاحًا بالوطن العربي.
 

ما هي العلاقة التي تربط بين الأدب والطب؟

ﻻ يوجد علاقة، أنا دخلت الطب بسبب مجموعي بالثانوية، كان اتجاهي الأساسي فنون جميلة، ﻷني أحب الرسم، ولكن عائلتي عارضت الأمر بسبب مجموعي العالي، وعندما ﻻحت لي فرصة الكتابة تقدمت باستقالتي من الوزارة بعد أن حصلت على تكليف الطب.
 

وكيف فادتك دراسة الطب بعملك الأدبي؟

في التفكير العلمي، فتمكنت من تشخيص أعمالي بمنهجية، ولذا تمكنت من كتابة الخيال العلمي والأدب البوليسي، الأدب البوليسي يشبه التشخيص الطبي، من حيث مواجهة حالة غامضة، والسير وراء الأدلة والبراهين حتى تصل لحل.
 

ألم تمر عليك لحظات حنين للطب؟

إطلاقًا.
 

لماذا اخترت أدب الخيال العلمي عند إطلاقك مسابقة تحمل اسمك؟

ﻷن عشقي الأول أدب الخيال العلمي، وأنا لدي اهتمام شديد بالعلم، والأدب البوليسي كان نتاج تجربة، وقرأت الكثير عن المخابرات لدرجة أني أصبحت باحثا في الشئون الجاسوسية والمخابرات، ولكني أعشق الخيال العلمي أكثر.
 

دائما ما يدفع الكاتب ضريبة مهاجمته للنظام.. ما هي الضريبة التي دفعتها وقت انتقادك لنظام مبارك؟

كنت أنتقد بعنف، وكتبت كتاب "يا عيني يا مصر" و"عزبة أبوهم" كانوا موجهين مباشرة لمبارك، ولم أقابل أي رد فعل غير قانوني، خلال 30 سنة عملت خلالها بالصحافة، ُرفع علي 24 قضية "سب وقذف" وأخذت براءة، وﻻ أعرف السبب وراء ذلك، على الرغم أني كنت أسمع بالتضييق الذي كان يعانيه الكثير من الكتاب.
 

وما هو الفرق بين حرية الكتابة خلال عصر مبارك ومرسي والسيسي؟

ﻻ يوجد فرق، أنا تعلمت المنطقية خلال كتاباتي بسبب عملي مع المخابرات، كل أعمال كانت تذهب للمخابرات أولا، وتعلمت أن الانفعال أيًا كان خطأ، والنقد في الوقت الحالي غير منطقي وغير موضوعي.

إلى أي مدى تمثل لك الجوائز الأدبية أهمية؟

ﻻ أهتم بالشهادات والجوائز والإعلام، أهم جائزة هي التي يعطيها الجمهور للكاتب، مثل أن أكون أعلى الكتاب مبيعًا لمدة 30 عامًا.
 

هل تحب الكتابة للدراما؟

الكاتب المحترف ﻻ يكون سعيدا بالعمل في الدراما، فهو ككاتب إمبراطور من أول كلمة للآخر حرف، ﻻ يتدخل أحد بعمله، أما في الدراما يدخل في منظومة يفرض خلالها الكثير رأيهم، عندما أكتب رواية أشعر أني ملك، عندما أكتب سيناريو أشعر أني عسكري.
 

ما سبب الخلاف مع مخرج "من الجاني"؟

أنا أكتب عملا بوليسيًا أهم ما فيه كيف توصل الجمهور إلى الجاني، والمخرج حذف ذلك الجزء تمامًا من السيناريو، ولم يخبر الجمهور بكيفية الحل، وخرج من إطار المنهجية إلى إطار الاستبدادية، غير في عملي دون الرجوع لي، حتى فريق العمل لم يشاركني في اختياره.
 

كيف ترى عودة الأعمال الدرامية والسينمائية المأخوذة عن الروايات؟

أعظم أفلام في تاريخ السينما هي المأخوذة عن الروايات، وأعظم سينما هي التي تخرج عن نصوص أدبية، وإذا عادت سيكون هناك تطورات بالسينما، الفيلم المحترم في وقتنا مأخوذ عن رواية، ودائما السينما عقب النكسات تنحدر ومع الاستقرار تتقدم، ونحن نحتاج وقتا.
 

هل ترى أن الدولة ترعى الأدب والثقافة بالقدر المطلوب؟

الدولة ترعاهم بقدر ما تستطيع، ولكنها ﻻ تسطيع أن تصل بهم للدرجة القصوى، زمان كان في المؤسسة المصرية العامة للسينما وهي التي صنعت أفضل أفلام السينما، ومنذ أن انسحبت أصبح التجاري فقط هو الموجود، ومن المفترض أن تهتم وزارة الثقافة بربح الإنسان وليس الربح المادي، والوزارة بحاجة لتثقيف الشعب، ولكنها لا تمتلك أي برنامج يسعى لنشر الثقافة.
 

وهل ترى أن الثقافة مستغلة بالشكل الأمثل للقيام بدورها في مواجهة الإرهاب؟

لم نحسن استغلاهم حتى هذه اللحظة، في ثورة 52 الفن هو الذي جعلها تصل للعالم العربي كله، نحن غير مدركين قيمة الثقافة في النجاح، محتاجين نهتم بالفن ونعتبره أحد أهم سفرائنا بالعالم، مثل الهند التي حصلت على مكانة عالمية بسبب السينما، فمثلًا حتى هذه اللحظة ﻻ نمتلك فيلما ذا قيمة عن حرب أكتوبر.
 

بصفتك كاتبا سياسيا ما هو تقييمك للأوضاع في مصر حاليًا؟

نحن نمر من عنق الزجاجة، خارجين من ميراث سيئ جدًا، لابد أن نغير الكثير من القوانين، مثل أن ينتهي الدعم ﻷنه يلتهم ثلث ميزانية مصر، حتى لو في جيل هيتعب، فنحن نمر بأصعب مرحلة بتاريخ مصر، مرحلة تحتاج تضحية من الشعب كله، نحن نزرع ولم يعد وقت الحصاد.

 

اعلان