"سيرافيم البراموسي" يغرّد..والأساقفة صامتون
مدرسة الإسكندرية تنتظر حسم مصيرها بعد دارسة تواضروس للمخالفات
في مارس الماضي، رفعت عدة مذكرات-من متخصصين في علم اللاهوت- للمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، تطالب بموقف جاد إزاء ما أسموه-مخالفات مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية، تحديدًا ممارسات الراهب سيرافيم البراموسي- أحد أبرز العاملين بها.
تضمنت المذكرات ما يقرب من 18 مخالفة، أولها (أن الصليب ليس من أجل فساد الطبيعة بالخطية الأصلية-وفق المعتقد المسيحي-، وإنمّا من أجل الخطية الخاصة)، مرورًا بـ(المعمودية، الدعوة إلى قراءة الكتاب المقدس بفكر معاصر، شهادة أب الاعتراف على التوبة)، وانتهاءً بـ(استعانته بأشخاص تخالف تعاليم الكنيسة).
موقف الكنيسة
وأصدرت الكنيسة بيانًا مطلع أغسطس الماضي معنون بـ(بخصوص مايدور من نقاش حول تعليم ما يسمى بـ"مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية، وما يتبعها وما جدّ من طرفهم خلال الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي) قالت فيه: اجتمعت اليوم الأربعاء 3 أغسطس، اللجنة التحضيرية للجنة الإيمان، والتشريع بالمجمع المقدس، وذلك بالتنسيق مع البابا تواضروس الثاني، وبحضور الأنبا إيسيذورس رئيس دير البراموس، والقمص بفنتيوس البراموسي، وقد رفعت اللجنة تقريرًا بالأخطاء التعليمية، والعقائدية، لهذه المدرسة، وبعض المنتسبين لها، للإحاطة، واتخاذ اللازم).
ضمت اللجنة-بحسب البيان- كلًا من : "الأنبا موسى أسقف الشباب، الأنبا إيسيذوروس أسقف ورئيس دير البراموس، الأنبا مكاريوس أسقف المنيا، والأنبا زوسيما أسقف أطفيح".
خلال سيمينار-اجتماع المقدس المنعقد بدير الأنبا بيشوي-بوادي النطرون-مطلع نوفمبر الجاري، توقع البعض اتخاذ قرار نهائي بشأن عمل المدرسة، وفقًا لتقرير تسلمه البطريرك قبل عدة أشهر.
حيال جدلية حسم ملف "مدرسة الإسكندرية"، قال الأنبا مكاريوس أسقف المنيا، وتوابعها، وعضو لجنة الفحص، إنّ التقرير النهائي على مكتب البابا تواضروس.
وأضاف في تصريح لـ"مصر العربية": لا أستطيع الإدلاء بأية تصريحات بشأن موقف الكنيسة من مدرسة الإسكندرية، قبل إعلان البابا تواضروس قراره النهائي.
في شارع الفاطميين المتفرع من شارع عمر بن الخطاب بميدان الإسماعيلية-مصر الجديدة، تقع مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية، ظاهريًا يسير العمل داخل المدرسة بشكل طبيعي، حيث عروض إصداراتها، وتوافد المريدين من الباحثين، دون أثر لإرهاصات المنع الكنسي من مزاولة النشاط، على خلفية مذكرة مخالفات طرحت على البابا تواضروس.
هاتفيًا، تواصلت "مصر العربية" مع المدرسة بشأن ما إذا كان قد تم إبلاغهم بقرار(توقف) من المقر البابوي، فقالت مسئولة العلاقات العامة –رافضة ذكر إسمها-، إن المدرسة تحترم قدسية الكنيسة، وليس لديها تعقيب على ما يجري من أحداث، داخل أروقة المجمع المقدس بشأن المدرسة.
معارضو سيرافيم البراموسي
أما سيرافيم البراموسي (أحد أبرز الرهبان بالمدرسة، والمتهم بمخالفات عقائدية تسببت في تشكيل لجنة فحص كنسية)، لجأ إلى صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي –فيس بوك-، للدفاع عن آرائه ومنهجه في دراسة الكتاب المقدس، ورد على بيان الكنيسة-الصادر في أغسطس الماضي بشأن تشكيل لجنة فحص للمخالفات-، ببيان مواز لدير البراموس الذي يشرف على (مدرسة الإسكندرية)، يتضمن نفيًا قاطعًا لأية مخالفات عقائدية، مستشهدًا بالقيادات الكنسية المشاركة في إدراتها.
حاولت (مصر العربية) التواصل مع سيرافيم البراموسي على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي-فيس بوك-، عطفًا على التواصل مع دير البراموس، دون جدوى، لكنّ المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية القس بولس حليم، رفض أيضًا الإدلاء بأية تصريحات في سياق الموقف النهائي لـ"لجنة الفحص".
مخالفات سيرافيم البراموسي-حسبما يراها الباحث القبطي مينا أسعد كامل، تأتي في تنقله بين المدارس المختلفة، وإقامة شراكات مع هيئات غير أرثوذكسية من بينها (كنيسة اليونان)، لافتًا إلى أنه لايجوز إقامة بروتوكولات تعاون مع كنائس مخالفة إلا بموافقة الكنيسة.
وقال : إنه رصد مخالفات أخلاقية لبعض تلامذة المدرسة، جاءت في تطاولات على الأساقفة، والبابا تواضروس.
وأضاف في تصريح لـ"مصر العربية"، أن الأنبا بيشوي أسقف دمياط وكفر الشيخ، رد على مقدمة (سيرافيم البراموسي) بكتاب (اللاهوت الأرثوذكسي في القرن الحادي والعشرين)، على النحو الآتي " إن كل من المترجم والمقدم لهذا الكتاب فاته أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العريقة لا توافق على العديد من العقائد التي ترد في كتب بعض (الخلقيدونيين البيزنطين القديمة منها والحديثة)، كما أن الكنيسة منذ عصور(منذ القرن الخامس الميلادي) لم تعترف بقديسيهم، ولا تطلق على كُّتابهم لفط (كاتب) أرثوذكسي، دون ذكر كونه (بيزنطي).
تدوينات الراهب
التدوينات كانت طريقة الراهب في الرد على مهاجميه، اتساقًا مع رفضه للتواصل الإعلامي، قال البراموسي-في أبرز تدويناته-: (يرى البعض أنه لا يجب أن أدعو الناس إلى تنمية المهارات الفكرية النقدية (التحليلية) ، ولا يجب أن أشجع الشباب على الإبداع، يمكن كلمة نقد ونقض اختلطت عنده ...، الأولى تعني تمييز وتحليل والتانية تعني هدم ... ولقد استخدمت الأولى، ولم استخدم الثانية.
في وقت السجال القبطي بشأن مخالفاته، وتزامنًا مع التدخل الكنسي عبر تشكيل لجنة فحص، جاءت تدوينته بعنوان (لماذا أكتب الآن؟) على النحو الآتي:
أولاً : لأني وعدت بعض الآباء الأساقفة الأجلاء إني سأوضح الحقيقة (لن أذكر الأسماء والملابسات الآن) ...
ثانيًا : لأن الصمت أحيانًا يكون حكمة وأحيانًا يكون خوف ، ولا يجب أن يخاف من يشهد للحق حينما يكون هناك تعمد لتزييف الحقائق ...
ثالثًا : من أجل الكثيرين الذين طالبوني أن أوضح الأمور ، لأن التزييف وقطع الحقائق من سياقها سبب للبعض حيرة وتشكك ..
رابعًا : من أجل كل من يعمل في المجال البحثي والدراسي ، حتى لا يُمَارَس عليه إرهابًا فكريًّا فيمنع من التفكير والبحث ...
خامسًا : من أجل محبتي لكنيسة الآباء التي كانت على الدوام منارة في الحوار والتفكير الجاد والبحث الدؤوب، وحينما كان هناك خلاف كان يناقش على مستوى علمي أكاديمي، وبروح مسيحية وبتقوى أرثوذكسية.
سادسًا : من أجل الشباب الذي يتألم ممّا يحدث، وبعضهم بدا له أنّه لا أمل
وتابع: (أقول لهم الكنيسة حية، والأرثوذكسية بهية، ومتألقة، واللاهوت السكندري عميق، والثقافة القبطية مزينة بدماء الحبّ، أقول لهم الكنيسة حيّة على الدوام ).
وفي سياق رده على اتهامه بالاقتباس من الفلاسفة، قال الراهب: يرى البعض أنه لا يجب أن أقتبس من فلاسفة ملحدين مثل هيجل؟!!
واستطرد، السؤال هو: ما هو محور الاقتباس؟ هل هو الاتفاق معه على فكره إلحادية ؟ أم اختلاف معه أبدأ منه الحوار ؟ أم اتفاق معه على فكرة إنسانية عامة؟ .....محتوى الاقتباس هو المهم ...
ولو أخذنا اتجاه ضد الاقتباس، من أي حد خارج الإيمان، كيف سنتواصل مع الآخرين، وكيف سنقدم إيماننا لمن لم يقرأ إلا لهؤلاء، وكيف نثبت أن إيماننا صامد إن كنا لم نقرأ لهؤلاء، ومع ذلك متمسكين بما نؤمن به ..
لن يكون "متى المسكين"
سعى البعض للربط بين الأب متى المسكين، ومسلك (سيرافيم البراموسي)، لكن الراهب باسيليوس المقاري –أبرز تلامذة متى المسكين-، قطع الطريق على المزايدين-حسب قوله-، وقال في تصريح لـ"مصر العربية"، إنه لا يعرف شيئًا عن مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية، رافضًا الزج باسم الأب متى المسكين في أمر كهذا.
واستطرد قائلًا: ( الأب متى المسكين مش لعبة، ولو حد قال الكلام ده يبقى كذاب، حيث أن الراهب الراحل تحتفي بدراساته أكبر جامعات العالم).
يشار إلى أن لجنة فحص مخالفات مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية سلمت تقريرها لـ"البابا تواضروس"، ومن المنتظر إعلان موقف نهائي بشأنها.