بعد ارتفاع الدين الخارجي لـ 71.8 مليار دولار| خبراء: بسبب القروض.. ونحتاج حكومة حرب
أرجع خبراء اقتصاديون ارتفاع الدين الخارجي لمصر إلى 71.8 مليار دولار فى فبراير الماضى بهذا النحو إلى القروض التي حصلت عليها مصر في الفترة الماضية من الخارج، مؤكدين أن بديل الاقتراض الوحيد هو الإنتاج وليس أى شئ آخر.
وتوقع الخبراء ارتفاع الدين العام لمصر خلال الفترة المقبلة فى ظل استمرار الحكومة فى سياساتها المالية الحالية لأنها لا تجد سبيلاً لسد العجز وللإنفاق علي الاستيراد إلا بمزيد من الاقتراض.
وباعت مصر في يناير الماضي سندات دولارية دولية بقيمة 4 مليارات دولار على 3 شرائح، ثم باعت سندات جديدة 3 مليارات دولار في مايو الماضي، كما أنها حصلت على عدة قروض دولية، أبرزها تلك التي كانت من جانب صندوق النقد والبنك الدوليين والبنك الافريقي للتنمية.
2.6 تريليون جنيه ديون
قالت الدكتورة هالة السعيد، وزير التخطيط، إن الدين العام فى نهاية فبراير الماضى وصل إلى 2.6 تريليون جنيه، ويمثل ذلك 81 % من الناتج المحلى الإجمالى، مضيفة أن الدين العام الخارجى وصل إلى 71.8 مليار دولار، بنسبة 13.7% من الناتج المحلى الإجمالى، وبهذا فإنه يكون ارتفع بنحو 4.478 مليار دولار في يناير وفبراير من 67.322 مليار دولار نهاية ديسمبر.
وفى هذا الصدد قال الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، إنه يتوقع أن تستمر الحكومة في نفس النهج وستزيد من الاقتراض الداخلي والخارجي علي حد سواء.
وأكد أنه في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية لن تجد الحكومة سبيلاً لسد العجز وللإنفاق علي الاستيراد إلا بمزيد من الاقتراض بسبب استمرارها في نفس الفلسفة المالية القديمة.
وأوضح سلامة في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن الحكومة ذكرت في البيان المالي ومنشور إعداد مشروع الموازنة الجديدة أنها تسعى لأن يصل حجم الدين العام الي ٩٥٪ من الناتج العام الذي قدرته بنحو ٤.١ تريليون جنيه، بما يعني أنها تتوقع أن يصل حجم الدين العام الخارجي والداخلي إلي ٣.٩ تريليون جنيه.
ورأى سلامة، أن الوضع الحالي يحتاج لحكومة حرب لا تكتفي فقط بوضع الحقائق بمنتهى الوضوح أمام الشعب، ولكن تضع خطط واضحة بمنتهى الشفافية للخروج من المأزق من خلال ضغط إنفاقها غير الرشيد.
وتابع، "لابد من ضم الصناديق الخاصة بالكامل وليس ١٥٪ فقط من موارد بعض تلك الصناديق كما خططت الحكومة بالموازنة الجديدة"، كما أنه لابد كذلك من إلغاء بغند الاحتياطيات العامة وضغط نفقات المستشارين وفرض ضرائب تصاعدية حقيقية وضرائب علي الثروة وعلي العقارات غير المأهولة وتحصيل فروق أسعار الأراضي التي بيعت برخص التراب أيام الرئيس الأسبق مبارك.
الإنتاج هو الحل
وأرجع وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع الدين العام الخارجي بهذا النحو إلى القروض التي حصلت عليها مصر في الفترة الماضية من الخارج، وأنها ستظل في ارتفاع طالما ظل الاقتراض قائمًا.
وأوضح النحاس في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أننا بالفعل نحتاج إلى الاقتراض من الخارج لأن السوق متعطش للعملة الصعبة التي نحتاج إليها بالإضافة لانخفاض سعر الفائدة في الخارج.
وأشار النحارس، إلى أن بديل الاقتراض هو الإنتاج، وهي مرحلة بعيدة في الوقت الحالي، وأنه للحد من هذا الارتفاع لابد للحكومة أن تعمل على تحريك الأسواق وتنشيطها، لخلق الطلب، لأن حينها ستبيع المصانع وبعدها ستنتج ثم ستحقق اكتفاء ثم تصدر للخارج وبالتالي توفير عملة صعبة للبلاد، مؤكدًا أنه طالما لا يوجد إنتاج فالأمور صعبة.
تحدى كبير
من جانبه، رأى محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، أن حجم الدين العام وأعباء خدمته يمثل تحديًا كبيرًا أمام مصر مقارنة بالدين الخارجي والذي يمثل نسبة أقل من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمتوسط منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح عادل، في تصريحات سابقة لـ«مصر العربية»، أنه لا يمكن التحكم في حجم الدين دون التعرض لعجز الموازنة المزمن الذي عانت منه مصر على مر أعوام ومازالت تعاني منه خصوصًا خلال الأعوام الأربعة الأخيرة والتي انخفضت فيها الإيرادات وزادت المصروفات بشكل مضطرد، بينما يمكن محاولة تخفيض أعباء خدمة الدين عن طريق الإدارة الجيدة لمحفظة الدين الحكومي.
وقال عمرو الجارحي وزير المالية، إن المصروفات في مشروع الموازنة الجديدة بلغت تريليونا و١٨٨ مليار جنيه، والإيرادات ٨١٨ مليار جنيه، موضحا أن العجز الكلي في الموازنة (الفرق بين المصروفات والإيرادات) سجل 370 مليار جنيه.
وأشار إلى أن الحكومة تستهدف تخفيض العجز في موازنة العام المقبل إلى ٩.١٪، وقدر الوزير إجمالي الدين العام خلال العام المالي المقبل بنحو 3.5 تريليون جنيه بما يعادل 104% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد متأثرا بتحرير سعر صرف الجنيه.
وأوضح الخبير الاقتصادي محسن عادل أن الحكومة المصرية يجب أن تحافظ على تنوع محفظة الدين الخارجي، والحد من إصدارات الدين المحلي والتي تضغط على الموازنة، والاتجاه للأدوات الأقل تكلفة، مع وضع حد أقصى للاستدانة الداخلية وحجم طروحات الأوراق المالية التي تنوى طرحها.
وعن الحلول المطروحة أمام مصر، قال عادل إنه يجب الاعتماد على أدوات مالية جديدة (صكوك التمويل) في الوقت الحالي سواء على المستوى الحكومي ما يجذب استثمارات عربية خليجية للدخول في سوق الدين بما يرفع من الحصيلة الدولارية من جانب ويخفف العبء عن البنوك المحلية من جانب آخر.
كما أكد على ضرورة الاستفادة من الصكوك في إطار خطة الدولة نحو تطوير الأدوات المالية وتنويعها لزيادة قدرة الشركات والحكومة في الحصول على التمويل.
كانت التقارير الصادرة عن البنك المركزي أشارت إلى بلوغ الدين الخارجي لمصر نحو 67.3 مليار دولار في النصف الأول من العام المالي 2016/2017 مقارنة بـ47.8 مليار دولار في النصف الأول من السنة المالية السابقة، بينما ارتفع الدين العام الداخلي في الفترة نفسها بنسبة 28.9% ليصل إلى 3.052 تريليون جنيه نحو 167 مليار دولار، بعدما كان 2.368 تريليون جنيه في الفترة نفسها من العام الماضي.
ورغم أن تاريخ القاهرة ناصع البياض فيما يخص الالتزام بسداد القروض في مواعيدها، إلا أن وتيرة الاقتراض المتسارعة، وكذلك القصيرة الأجل وارتفاع عجز الموازنة والقفزات المتوالية للدولار وارتفاع نسبة التضخم، أدخل مصر في دائرة القلق، وهو ما أكده، عمرو عدلي، خبير الاقتصاد السياسي.
وأضاف عدلي في تصريحات سابقة لـ«مصر العربية» أن هيكل الدين الخارجي بوضعه الحالي مقلق جدًا في ظل انخفاض أجل السداد، مشيرًا إلى أن جزءا كبيرا من الدين عبارة ودائع قريبة الأجل.
وأشار «عدلي» إلى أن الضغوط ستضاعف الأعباء خلال السنوات الثلاث المقبلة في ظل توقف القطاعات المنتجة للدولار في مقدمتها الصادرات والاستثمار الأجنبي والسياحة.
وأظهرت وثيقة اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، ارتفاع الدين الخارجي لمصر إلى 102.4 مليار دولار، بحلول العام المالي 2020-2021، وتصل إلى 66 مليار دولار بالعام الجاري، ونحو 82.3 مليار دولار بالعام 2017-2018.
وقد توسعت الحكومة المصرية في الاقتراض الداخلي والخارجي بنسب كبيرة خلال السنوات الأخيرة في ظل انكماش دخلها من السياحة وتحويلات المغتربين وقناة السويس والصادرات والاستثمارات.