واشنطن لا تمانع بقاء الأسد
انشغال السعودية وتركيا وتحول أمريكا .. المعارضة السورية وحدها بالميدان
جاء وقت الإعلان عن "ما تخفي الصدور"، فخرجت الولايات المتحدة الأمريكية من كتمان حقيقة رضاها ببقاء بشار الأسد في السلطة حتى حين، - كما يتهمها سوريون - إلى الجهر بذلك علنا.
" رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة لم تعد أولوية لدى واشنطن" هذا ما كشفته سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي بالأمس.
ربما أمريكا قبلت بالأمر الواقع وذلك ما وضح في حديث السيناتور الجمهوري، جون ماكين، رئيس لجنة الشؤون العسكرية التابعة للكونغرس الأمريكي، بأن السوريين لا يمكنهم تقرير مصير الأسد في الظروف الحالية التي يمرون بها، مكملا بحسب "السي إن إن" :" كيف يمكن للسوريين تقرير مستقبل الأسد في الوقت الذي يذبحون فيه على يد الأسد وطائرات بوتين وإرهابيي إيران، ولا بد لأي استراتيجية أمريكية".
وجاء تصريحات ماكين لينسف بها أخرى لوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون بأن السوريين من يقررون بقاء الأسد، وأضاف ماكين على حديثه بأن وزير الخارجية يتجاهل الحقائق بأن الشعب السوري لا يمكنه تحديد مصير الأسد أو مستقبل بلدهم في الوقت الذي يذبحون فيه عبر براميل الأسد المتفجرة.
دونالد ترامب
ما أخفته إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لابد وأن يخرج في عهد إدارة دونالد ترامب، فهو من صرح في نوفمبر 2016 أن المشكلة الرئيسية في سوريا لا تكمن في الرئيس بشار الأسد وإنما في تنظيم "داعش"، وأعرب عن استعداده لوقف دعم المعارضة معتبرا أن قتال الأسد يعني قتال روسيا، وفي تصريحات أخرى قال:" ذا ما كنتم تقاتلون سوريا فيما هي تقاتل "داعش"، فهذا يعني أنكم تدعمون "داعش".
تأكيد واشنطن لما كانت تقوله أفعالها، يؤكد خسارة المعارضة السورية للفريق الذي كان يضغط في اتجاه رحيل بشار الأسد عن السلطة بعد انتفاضة شعبية اكتسحت معظم المدن السورية 2011 .
انشغال تركيا والسعودية
وقد فقدت المعارضة الدعم التركي قبيل تدخلها عسكريا في سوريا أغسطس 2016 بعملية "درع الفرات" فعلى ضوئه تفاهمت مع موسكو وعلى إثرها خفضت دعمها للمعارضة وسمحت لروسيا والنظام بدك مدينة حلب أحد أهم معاقل المعارضة وتهجيرهم منها.
وفي الوقت نفسه يبدو أن السعودية المنهمكة في معركتها ضد الحوثيين في اليمن غير قادرة أن تعير اهتماما بدعم المعارضة في سوريا.
اتفاق 2015
زكريا عبدالرحمن الخبير السياسي السوري قال إن موقف أمريكا كان واضحا منذ 2015 حين التقى وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو ومن حينها تدعم واشنطن بقاء الأسد، بحد تعبيره.
في رأي عبدالرحمن بحسب ما أدلى به لـ"مصر العربية" أن ترامب لم يضف شيئا على خطة جون كيري، بل أن كيري هدد بسحق المعارضة إن لم تشارك في المفاوضات، وسواء شاركت في المباحثات أم لا كانت ستنفذ أمريكا خطتها بأيادي روسية، بحد قوله.
وعن دور أنقرة قال أن تركيا في تراجع مستمر منذ سقوط حلب، بهدف السماح لها لمواصلة طريق قوات " درع الفرات" لمنبج وتل رفعت وغيرها، مردفا:" غدا تنسحب تركيا من المنطقة بعدما تحقق أهدافها، وسيتأكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يكن له سياسة محددة في سوريا سوى مصالحه".
اليمن بدلا من سوريا
ويظن الخبير السياسي السوري أن السعودية تخلت عن سوريا منذ 2015 حينما استبدلت اليمن بسوريا، وباتت المعارضة السورية وحدها في الميدان خاصة عندما انقطعت الشعرة الأخيرة بوقف الدعم القطري.
واختتم:" رغم ذلك ما زالت المعارضة مصرة على مفاوضة أطراف هي بالأساس مؤيدة للنظام مثل تركيا وروسيا وإيران، لذلك لن يحدث شيء في جنيف إلا التلاعب بالشعب السوري ومزيد من سفك الدماء، ودعم الأكراد في النهاية".
غير مهتمة
تيسير النجار رئيس الهيئة العامة السورية للاجئين والمحلل السياسي أن أمريكا لم تعد مهتمة بما يحدث في سوريا، ولم تشغل بالها في يوم برحيل الأسد، فكانت تكبح جماح كل الدول التي أرادت مد المعارضة بسلاح فعال ضد الطيران.
وأكمل حديثه لـ"مصر العربية: " لو كان هناك سلاح مضاد للطيران لسقط الأسد منذ أمد بعيد ، فأمريكا هي سبب تدمير سوريا في المقام الأول".
إعلان واشنطن أنها غير مهتمة برحيل الأسد لا يعني في اعتقاد النجار أنها مهتمة ببقائه، فهناك قرارات من الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد الأسد ونظامه.
مصالح إقليمية
وتابع:" للدول الغربية مصالح فهي ليست جمعيات خيرية ولن تكون هذه المصالح في جانب الثوار السوريين، حتى تركيا لها مصالحها الإقليمية والدولية التي هي أهم بكثير من ارتباطها بالثورة السورية، ليس بالضرورة أن تكون الثورة السورية شيئا هامشيا، ولكن واضعها الداخلي ومصالحها مع الدول الكبرى أكبر".
وذكر المحلل السياسي السوري أن دعم تركيا للفصائل الثورية كانت ضد الأكراد فقط، وأن المملكة العربية السورية لا تدعم من قوات المعارضة سوى جيش الإسلام وأحرار الشام، وكلاهما في نظر النجار لا يمثلنا الثورة السورية وإن كان من الممكن حسابهم على المعارضة.
ورأى أن تغير مواقف الدول من دعم الثورة لم يغير شيئا، ولكن التغيير جاء داخليا حينما وقعت هيئة تحرير الشام اتفاقا مع إيران لما سماه " تغيير ديموغرافيا" في سوريا بإخلاء مناطق الفوعة وكفريا الشيعيتين، في مقابل تحرير مناطق الزبداني ومضايا السنيتين.
ويعول النجار على مجالس قيادة الثورة وتحالف الثوار مع تنظيم الضباط الأحرار، وهو أحد أبرز قوات الجيش السوري الحر ومكون من 6 آلاف ضابط سابق، داعيا قوات المعارضة بتنقية صفوفها فمنهم من يدعي الثورية من أجل النهب والسلب.
وأكد أن مفاوضات جنيف 5 لن تثمر عن شيء سواء بدلت القوى الكبرى مواقفها أو لم تبدل.