2018..الحصاد المر لحرب اليمن
بعد 12 شهرا من الحرب يتبقى أياما معدودات وينتهى عام 2018، بعد أن تجرع خلاله الشعب اليمني المرار بسبب الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس وتسببت في أسوأ أزمة في التاريخ الحديث بحسب الأمم المتحدة.
وسيطرت جماعة الحوثي مع المؤتمر الشعبي العام الذي كان يقوده علي عبد الله صالح على العاصمة صنعاء والمؤسسات الحكومية بجميع المحافظات عام 2014 الأمر الذي دفع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بطلب الدعم من السعودية.
وتدخل التحالف العربي الذي تقودة المملكة العربية السعودية في اليمن في 2015 لمساندة الحكومة الشرعية بعد أن قامت جماعة الحوثي بانقلاب مسلح على السلطة الشرعية.
العام الأصعب
وقطع التحالف في اليمن وعودا بإنجاز نصر سريع، إلا أن القتال سرعان ما اتسعت جغرافيته، وتعقدت بشكل أكبر المساعي لتحقيق تسوية أممية عبر مفاوضات بين الأطراف المعنية بالحرب دون التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب التي أدت إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل مريع.
ويعد 2018 هو العام الأصعب على الإطلاق في أذهان اليمنيين منذ اندلاع الحرب قبل نحو 4 سنوات، فالملايين منهم باتوا خلاله على حافة المجاعة، بعد ارتفاع مؤشر الفقر المدقع.
واحتدمت فيه معارك ضارية بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) المتهمين بتلقي دعم إيراني، ويسيطرون على محافظات بينها صنعاء منذ سبتمبر 2014.
معيشة مأساوية
وشهد هذا العام أكبر موجة نزوح داخلي، هربا من ويلات حرب تدخل فيها تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية منذ مارس 2015، لمصلحة القوات الحكومية.
2018 كان مأساويا على اليمنيين من الناحية المعيشية، نظرا إلى استمرار انقطاع الرواتب عن أكثر من مليون موظف حكومي منذ قرابة عامين، وتضرر منشآت اقتصادية وشركات ومصانع عديدة جراء الحرب.
وبات ملحوظا انتشار المتسولين بشكل كبير في معظم مدن اليمن، بينهم للمرة الأولى منذ عقود موظفون يطلبون الصدقة من السكان، بعد أن ضاقت بهم سبل عيشهم جراء عدم تسلمهم رواتبهم، وغياب فرص العمل.
تدهور العملة
وأدى تدهور سعر العملة المحلية (الريال) إلى ارتفاع حاد في الأسعار، ما جعل الكثير من المواطنين عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، بسبب ضعف القدرة الشرائية، وعدم توافر السيولة المالية.
وخلص مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (غير حكومي)، إلى أن انهيار العملة خلال سبتمبر 2018، وجه الضربة الأعنف للاقتصاد اليمني، فخلال أسبوعين فقد "الریال" نحو 44 بالمئة من قيمته.
وقال رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، الذي تولي منصبه منتصف أكتوبر الماضي، إن حكومته تواجه صعوبات كبيرة جراء انهيار الوضعين الاقتصادي والإنساني.
وأوضح عبد الملك في تصريح نشرته الوكالة الرسمية اليمنية، مؤخرا، أن "نصف المواطنين باتوا يعيشون في فقر مدقع، فيما تتسع دائرة الجوع".
فقر شديد
وأفاد البنك الدولي في تقرير أصدره نهاية أكتوبر الماضي، أن اليمن يعاني ارتفاع مؤشر الفقر إلى 80 بالمئة خلال 2018، مع بلوغ التضخم أكثر من 40 بالمئة.
وأضاف أن الاقتصاد الكلي في اليمن استمر في التدهور خلال 2018، وليس من المتوقع تحقيق نمو في 2019، في ظل غياب السلام.
وأفادت وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن أكثر من نصف مليون شخص قد نزحوا بسبب تجدد القتال في مدينة الحديدة منذ 27 يوليو 2018، وأن ما لا يقل عن 450 مدنيا قتلوا خلال العشرة أيام الأولى من أغسطس.
ظهور مجاعة
في 2018 برز بشكل كبير الحديث عن ظهور مجاعة في مناطق عديدة باليمن وتداولت وسائل إعلام صورا لأطفال يعانون سوء تغذية حادا، وتوفي عدد منهم بالفعل، في حين حذرت منظمات دولية من مخاطر انتشار مجاعة وشيكة.
وخلال تقديمه إحاطة لمجلس الأمن الدولي في أكتوبر الماضي، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة الطارئة مارك لوكوك، إن نصف سكان اليمن (حوالي 14 مليون نسمة) يواجهون خطر مجاعة وشيكة.
فيما قالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالشرق الأوسط سارا الزوقري، للأناضول نهاية نوفمبر ، إن أكثر من 22 مليون يمني (من أصل 27.5 مليونا) باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ويعيش الكثيرون على وجبة غذائية واحدة يوميا.
في ظل هذا الوضع، أفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان في نهاية أكتوبر ، بأن 5.6 ملايين يمني يعيشون ظروفا تشبه المجاعة جراء ارتفاع الأسعار.
فيما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في ذلك الشهر، إن كل طفل في اليمن بحاجة تقريبا إلى الحصول على المساعدة، في ظل تهديد خطير ينذر بمجاعة وبتكرار تفشي الأمراض، بما فيها الدفتيريا والكوليرا والإسهال المائي الحاد.
وأضافت "يونسيف" في بيان، أن" النزاع الذي قتل وأصاب ما يزيد على 6 آلاف طفل خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية، تسبب بشلل شبه كامل في البنية التحتية الحيوية كالمياه والصرف الصحي والصحة".
نزوح
مع بدء النصف الثاني من 2018، كان اليمن على موعد مع أكبر موجة نزوح شهدها منذ بدء الحرب، وذلك بسبب العمليات العسكرية في محافظة الحديدة الساحلية الاستراتيجية على البحر الأحمر (غربي).
في منتصف يونيو ، أطلقت القوات الحكومية عملية عسكرية بإسناد من التحالف العربي، للسيطرة على مدينة الحديدة الساحلية ومينائها الاستراتيجي، الواقعين تحت سيطرة الحوثيين.
وأدت المعارك في الحديدة إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص من المحافظة، إلى مناطق آمنة في المحافظة وفي محافظات أخرى.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة الطارئة مارك لوكوك، في 1 ديسمبر ، إن "النزوح هو أحد أكثر عواقب النزاع في اليمن"، مؤكداً في بيان، أنه "يوجد حوالي 2.3 مليون نازح حاليا، بينهم أكثر من نصف مليون شخص نزحوا من النزاع في الحديدة".
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في تقرير، إن المنظمة الدولية تحتاج أكثر من 4 مليارات دولار لتوفير مساعدات أساسية لليمن في 2019، مقابل 3.5 مليارات لسوريا.