بعد مقتل سليماني.. تعرف على أبعاد المأزق الذي دخله العراق (تحليل)

كتب: محمد الوقاد

فى: العرب والعالم

21:35 04 يناير 2020

سيكون من المهم والمثير مشاهدة رد الفعل في العراق على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني "قاسم سليماني"، لأن العراق متضارب للغاية بشأن الوجود الأمريكي، كما أنه متضارب للغاية بشأن الوجود الإيراني وخاصة تأثير إيران على الميليشيات الشيعية التي تسيطر الآن على أجزاء كبيرة من البلاد.

 

سيكون من المثير للاهتمام أن نرى رد فعل الشباب العراقيين الذين كانوا في الشوارع خلال الأشهر الأربعة الماضية، هل سيدينون ببساطة هذا العمل الأمريكي أم سيسعون لاستخدام هذا كوسيلة للضغط على الحكومة لتقليص دور الميليشيات؟

 

ما سبق كان جزءا من تصريحات "دوجلاس سيليمان"، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في العراق حتى فبراير 2019، والرئيس الحالي لمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، قبل ساعات.

 

بالفعل، لم يقتل الصاروخ الأمريكي الذي أطلقته طائرة  "إم كيو- 9 ريبر" الأمريكية "سليماني" فقط، بل تناثرت شظاياه لتربك المشهد في العراق بشكل غير مسبوق، ما بين تأويلات وتوقعات، تأويلات يرى أكثرها إغراقا في نظرية المؤامرة أن ما حدث كان هو ما تريده طهران لإنهاء مشهد الاحتجاج ضدها في العراق، والذي كان أقل ما سينتج عنه هو التأثير سلبا على وجودها في هذا البلد، وهو الوجود الذي كان درة تاج التعاون الإيراني الأمريكي بعد إسقاط نظام "صدام حسين" في 2003.

 

تفتت قيادة الحشد الشعبي

 

ومن المعروف أن أحد الأشخاص الذين قتلو ، بالإضافة إلى "سليماني"، كان "أبو مهدي المهندس"، والذي عمل برتبة ملازم أول في قيادة قوة القدس الإيرانية في الداخل، وفي العراق هو القائد الفعلي لقوات "الحشد الشعبي"، وكان يشرف على أفضل تكتيك لتنفيذ الأهداف الإستراتيجية لإيران في العراق وسوريا عبر إنشاء خط بري للاتصال، وسلسلة إمداد من إيران إلى العراق إلى سوريا وإلى لبنان لدعم نظام "الأسد" و"حزب الله" اللبناني.

 

ستكون وفاة "سليماني" خسارة كبيرة للغاية للميليشيات الموالية لإيران، كما أنها تخفف من القيادة والسيطرة المركزية على قوات "الحشد الشعبي".

 

لذلك عندما ينظر إلى التهديدات المحتملة، يشعر القادة العراقيون والأمريكيون بالقلق إزاء الميليشيات الفردية، خاصة أن بعضها كان قد تلقى تدريباً من إيران وتأثر بها، وشعرت أن هذا يمنحهم الآن حرية عمل فردية كاملة، حيث أن قوات الحشد الشعبي هم عدد من المجموعات المختلفة، وهذا هو أكبر ما يشغل الأمريكيين حاليا.

 

كان رد فعل المسؤولين العراقيين في أول 15 ساعة مثيرا للاهتمام. فقد أدان الرئيس "برهم صالح" الهجوم ولكنه دعا إلى الهدوء والعقلانية، وطلب رئيس الوزراء "عادل عبد المهدي" أن يجتمع البرلمان للنظر في مسألة القوات الأمريكية في البلاد وقال في بيان إنه يعتقد أن هذا الهجوم الأمريكي ينتهك الشروط التي تنص على وجود القوات الأمريكية في البلاد.

 

"كابوس" مغادرة الأمريكيين

 

وفقا لذلك، يتوقع "سيليمان"  تصويت في البرلمان العراقي لمطالبة القوات الأمريكية بالمغادرة أو احتمال مغادرة جميع القوات الأجنبية أو مغادرة قوات التحالف، لكنه يقول إن هناك العديد من العراقيين الذين لا يريدون حدوث ذلك، لأنهم يفهمون أنه إذا غادرت القوات الأمريكية العراق، فهذا يعني بكل تأكيد أن الأعضاء الـ 16 الآخرين في التحالف العسكري الذي ما زال يساعد العراقيين في قتال تنظيم داعش الإرهابي سوف يغادرون أيضا.

 

لذا فإن عواقب مطالبة القوات الأمريكية بالرحيل قد تكون حرجة للعراق وقد ينتهي بها الأمر بشكل أساسي إلى تسليم السيطرة الأمنية على الفصائل المؤيدة لإيران داخل الأجهزة الأمنية.

 

لذا، مرة أخرى، إن المخاطر كبيرة بالنسبة للعديد من الأكراد والسنة والشيعة العراقيين، وخاصة أولئك الذين يدعمون المتظاهرين الذين كانوا في الشوارع طوال الأشهر الأربعة الماضية، والذين يريدون رؤية حكم أفضل وتدخل إيراني وميليشياتي أقل في حياتهم.

 

من ناحية أخرى، قد يجد العراق نفسه في موقف حرج مع محيطه العربي والخليجي، في حال اختارت طهران أن تخرج لائحة الأهداف الأكثر منطقية للرد، وهي الدول الخليجية، ويتوقع أن يكون العراق منطلقا لتلك الخطوات الإيرانية.

 

ما سبق سيعقد محاولات بغداد التي تصاعدت مؤخرا لبناء جزء من الثقة مع المحيط العربي والخليجي، لأهداف سياسية واقتصادية، وهو حراك لم تنظر له إيران بعين الخطورة الكبيرة، لكنها الآن لا تهتم بإمكانية تفجير تلك العلاقات، بغض النظر عن أية تداعيات للعراق.

اعلان