هآرتس: هل تعيد تيران وصنافير الحياة لميدان التحرير؟
“السعودية غاضبة لتأخر تسليم تيران وصنافير وتضيق الخناق على الاقتصاد المصري، لكن الجماهير في القاهرة لا توافق على أوامر النظام المفاجئة وتنوي النضال من أجل الجزر".
جاء ذلك على لسان "تسفي برئيل" محلل الشئون العربية بصحيفة "هآرتس" تحت عنوان "جزر البحر الأحمر قد تعيد الحياة لميدان التحرير"، توقع فيه انطلاق تظاهرات حاشدة في مصر حال قضت غدًا الاثنين 16 يناير المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بتبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وهو الحكم الذي يعد نهائيًا وغير قابل للطعن.
وقال "برئيل" إن الغضب الشعبي في مصر ازداد زخمًا بعد أن قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي "الالتفاف" على المحكمة مُصدِرًا تعليماته بإحالة التصويت على الاتفاقية للبرلمان، الذي يسيطر أتباعه على غالبية مقاعده، بهدف التصديق على الاتفاقية.
واعتبر أن توجه السيسي للبرلمان جاء انطلاقا من الدستور الذي ينص على أن البرلمان هو المخوَّل بالتصديق على الاتفاقات الخارجية وليست المحكمة، وهو ما يعني في المقام الأول عدم سريان قرار سابق للمحكمة ببطلان الاتفاقية. “هكذا تمنى السيسي الحصول على دعم شعبي، والقول إن الحديث لا يدور فقط عن قرار رئاسي تعسفي وإنما بل "إرادة الشعب". أكد المحلل الإسرائيلي.
وتطرق صحفي "هآرتس" لنقل تظاهرة رافضة للاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية كان يفترض تنظيمها السبت الماضي في محيط مجلس الوزراء لحديقة الفسطاط بعد حكم أصدرته محكمة الأمور المستعجلة بقبول طعن وزارة الداخلية ونقل المظاهرة.
ورأى أن كشف تفاصيل جديدة عن دور إسرائيل في رسم ملامح الاتفاق بين مصر والسعودية حول تسليم الجزيرتين، بما في ذلك مشاركتها في المفاوضات، صب الزيت على نار الغضب الشعبي المستعر، خاصة عندما اتضح أن "وزارتي الخارجية والدفاع المصريتين لم يريدا التوقيع على الاتفاقية بالمرة، واضطر رئيس الوزراء شريف إسماعيل في نهاية الأمر للتوقيع بنفسه".
وتابع :”لكن بخلاف ذلك، فإن ما أغضب خصوم السيسي على ما يبدو هو التقرير الذي تحدث عن رسالة رسمية لإسرائيل جاء فيها، أن مصر عازمة على تسليم الجزر للسعودية، دون أن تتطرق الرسالة بالمرة إلى أن المسألة خاضعة للقضاء. الأمر الذي يعني أن السيسي لا ينوي إطلاقا الاكتراث بالإجراءات القضائية".
وسلط الإسرائيلي "برئيل" الضوء على تدهور العلاقات بين السعودية ومصر بسبب الجزيرتين قائلا :”انفجرت قضية نقل جزيرتي تيران وصنافير من مصر للسعودية كلغم شديد الانفجار في قلب منظومة العلاقات بين الدولتين. تعرقل مصر تسليم الجزر منذ أن أعلنت عنها في إبريل...
في الشهر الماضي بعثت السعودية بـ" تحذير أخير" لمصر، دون الخوض في تفاصيله، بعد أن أوقفت في أكتوبر تزويد البلاد بالنفط ومشتقاته، وأرسلت على نحو مفاجئ مستشار الملك إلى إثيوبيا، وهناك تفقد سد النهضة على النيل، الذي يعد بؤرة توتر بين إثيوبيا ومصر، التي تتخوف أن يقلص السد حصتها من مياه النيل".
ومضى يقول :”العقاب السعودي القادم قد يكون عبر تجميد تمويل مشتريات الجيش المصري، الذي تعهدت به السعودية. لم تفض جهود الوساطة الإماراتية حتى اللحظة عن نتائج، ورفض الملك السعودي سلمان بشكل سافر لقاء السيسي عندما زار الإمارات".
لكن "برئيل" وبعد الحديث عن معطيات قاتمة للاقتصاد المصري "المنهار"، لفت إلى أن "الجماهير المصرية، ليست كالسيسي، فهي غير مستعدة للربط بين نقل تيران وصنافير وبين صمود الاقتصاد المصري.
واستدرك :”كما تبدو الأمور اليوم، السعودية غير مستعدة للتنازل عن الجزر، ليس فقط لأنها كانت ملكها حتى إعارتها لمصر، لكن أيضًا بسبب الإهانة التي تلقتها بعد احتفالها باتفاقية تسلمها، التي اتضح أنها سابقة لأوانها".
وخلص إلى أن:”السيسي، الرئيس المصري الواقعي ليس مستغرقا في الأوهام فيما يتعلق بالسعودية، يدرك أنه سيكون عليه إيجاد حل للمسألة خلال وقت قصير، قبل أن تشدد السعودية خناقها أكثر. في فترات أخرى كان بإمكان رؤساء مصر التوقيع على اتفاقيات كهذه دون أن تعلم الجماهير أو تخرج للشوارع. لكن ثورات الربيع العربي، حتى إن لم تؤتِ ثمارًا سياسية مذهلة، وضعت في يد الجمهور قوة كبيرة، فأصبح كمن بإمكانه أن يمنح أو يسلب الأنظمة شرعيتها".
وختم بالقول: ”تجاوز السيسي عددا من الحدود خلال سنوات حكمه الثلاث، وينظر لحكمه في مصر كحكم مبارك، إذا لم يكن أسوأ منه. لكنه ما زال يلتزم بقرارات المحكمة ولا يستخف بالاحتجاجات الشعبية. هذا الأسبوع سوف يواجه اختبارًا خطيرًا سيكون عليه مواجهة قرار المحكمة وتظاهرات الشعب، إذا خرجت فعلاً. لا يمكن أبدًا أن نعرف متى يمكن لمثل هذه التظاهرات إعادة الحياة لميدان التحرير".
الخبر من المصدر..