دراسة إسرائيلية: التعاون بين تل أبيب والسيسي بلغ مستويات "مذهلة"
كشفت دراسة إسرائيلية ضمن التقرير الإستراتيجي السنوي لمركز أبحاث الأمن القومي في إسرائيل، أنه ورغم حرص القاهرة وتل أبيب على إبقاء التعاون الأمني بينهما خلف الأبواب الموصدة إلى أن هناك دلائل على وصول هذا التعاون إلى "مستويات مذهلة" بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم صيف 2013.
وقالت الدراسة إن سماح السيسي لإسرائيل بقصف أهداف تابعة للجهاديين بسيناء بطائرات إسرائيلية بدون طيار، والتعاون الاستخباري بين القاهرة وتل أبيب هو أحد الأوجه المكشوفة لهذا التعاون.
وخلصت إلى أن إسرائيل حريصة على "الحفاظ" على نظام السيسي، وانطلاقا من هذا الحرص عملت منظمة "إيباك" (إحدى منظمات اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة)، على تقديم الدعم الدبلوماسي للنظام المصري في الخارج، ونجحت في رفع تجميد بيع السلاح الأمريكي للقاهرة.
إلى نص الدراسة..
ظل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي متشككا إزاء التأييد الأمريكي، وذلك لسببين رئيسيين. الأول أن الرئيس السيسي كان شاهدا على طلب واشنطن من الرئيس حسني مبارك تقديم استقالته في ضوء احتجاجات "الربيع العربي" عام 2011، رغم العلاقات الوطيدة بين الإدارات الأمريكية والزعيم المصري والتي امتدت ثلاثة عقود. من وجهة نظر القاهرة، فإن الرسالة وراء هذا الطلب هي أن النظام المصري لا يفترض أن يتوقع دعما أمريكيا في وقت الأزمة.
ثانيا، رد الولايات المتحدة على الانقلاب العسكري 2013 في مصر، الذي أطاح بـ"الإخوان المسلمين" ومهد الطريق لوصول السيسي للحكم، كان متحفظا. تجنبت الولايات المتحدة استخدام مصطلح "انقلاب" حيال الاستيلاء على السلطة على يد الجيش والإطاحة بنظام "الإخوان المسلمين" القمعي، الذي انتخب عبر انتخابات ديمقراطية.
لم تقلص الولايات المتحدة المساعدات التي قدمتها لمصر، لكنها أبدت عدم رضا إزاء وصول نظام عسكري للحكم عبر عن نفسه في تجميد بيع أنظمة أسلحة متطورة لمصر، كطائرات F16 ومقاتلات الأباتشي.
حتى عندما أعلن الرئيس أوباما عن رفع هذا التجميد في 2015، فإن إعلانه عام 2018 كموعد لإنهاء العمل بآلية التمويل النقدي (cash-flow financing) لم يجد نفعا في إعادة ترميم العلاقات مع مصر بشكل كامل.
صدقت تنبؤات الكثير من المعلقين المصريين بأن الدعم المتحفظ لإدارة أوباما لن يقود لاعتدال السياسة الداخلية لمصر حيال الحقوق السياسية، بل سيدفع القاهرة لتنويع حلفائها. وبالفعل، وقع الرئيس السيسي اتفاقات لشراء مقاتلات من فرنسا، ومروحيات وأنظمة دفاع جوي من روسيا، بل كان على استعداد لتوطيد التعاون مع إسرائيل.
توسيع التعاون بين القاهرة والقدس يعتمد على مصالح إستراتيجية مشتركة- الحرب على تنظيم "سيناء" target="_blank">ولاية سيناء" المنتمي لداعش ويعمل بسيناء، وحليفته الفعلية- مندوب "الإخوان المسلمين" في غزة- حماس.
يهدد تنظيم "سيناء" target="_blank">ولاية سيناء" استقرار مصر من خلال خوض حرب مقاومة متواصلة أسفرت عن مقتل المئات من عناصر الجيش. انتماء حماس لـ"الإخوان المسلمين" يصنفها كجناح إرهابي وفقا للتشريع الحالي في مصر ضد "الإخوان المسلمين". وبالإضافة للتقارب الأيدولوجي بين حماس و "الإخوان المسلمين" في مصر، تزعم مصادر في النظام المصري أن التنظيم يقف خلف عمليات إرهابية كاغتيال النائب العام المصري هشام بركات في 2015.
من وجهة نظر إسرائيل، فإن التهديد الذي تشكله حماس وتنظيم "سيناء" target="_blank">ولاية سيناء" على مصر، يهدد أيضا مصالح إسرائيل، في ظل احتمالات أن يؤدي لانهيار واحد من نظامين عربيين وحيدين وقعا على معاهدة سلام مع إسرائيل. انزلاق مصر للفوضى يعني أيضا ظهور دولة فاشلة بعدد سكان يصل إلى 90 مليون نسمة على الحدود الجنوبية لإسرائيل.
عندما ندرس التهديد المباشر الذي توجهه حماس لإسرائيل، فإن حقيقة وقوع غالبية السكان في إسرائيل في مرمى الصواريخ التي خزنتها حماس في غزة يجعل من التنظيم ثاني أكبر عنصر غير حكومي من حيث الخطورة بعد حزب الله (المزود بترسانة كبيرة للغاية من القذائف والصواريخ الأكثر تطورا في لبنان).
ورغم أن تنظيم "سيناء" target="_blank">ولاية سيناء" لم ينفذ هجمات جديرة بالذكر ضد إسرائيل منذ مبايعته لداعش في 2014، إلا أنه نفذ هجمة عنيفة في إسرائيل في 2011، عندما كان اسمه "أنصار بيت المقدس”. أشارت دوائر الأمن الإسرائيلية في سبتمبر 2016 إلى أنها تتوقع أن يحاول "سيناء" target="_blank">ولاية سيناء" استهداف إسرائيل مجددا في مرحلة معينة خلال المستقبل القريب. فضلا عن أن التعاون بينه وبين حماس عزز قدرات كلا التنظيمين، وحسن بشكل كبير قدرة "سيناء" target="_blank">ولاية سيناء" على إنزال خسائر بالجيش المصري، وأتاح لحماس العودة مجددا والتسلح في إطار استعدادها لمواجهات في المستقبل مع إسرائيل.
صحيح أن جزء كبير من التحسن الذي شهده التعاون الأمني بين القدس والقاهرة يحدث خلف الأبواب الموصدة، لكن هناك أدلة على وصوله لمستويات مذهلة منذ وصول السيسي للحكم في 2013. أصبح التنسيق بين الدولتين وطيدا لدرجة أنه وبخلاف التعاون الاستخباري، نفذت إسرائيل هجمات بطائرات بدون طيار ضد مسلحي "سيناء" target="_blank">ولاية سيناء" داخل الاراضي المصرية بناء على طلب القاهرة.
وفي إطار استراتيجية هزيمة التنظيمات الجهادية بسيناء، وافقت إسرائيل على زيادة عدد الجنود المصريين المنتشرين بشبه جزيرة سيناء ليتجاوز العدد المسموح به وفقا لمعاهدة السلام عام 1979.
وبشكل مواز، تعمل مصر بلا كلل على تدمير الأنفاق بين غزة وسيناء (موقع رئيسي للتعاون بين حماس وسيناء" target="_blank">ولاية سيناء). وصرح الرئيس السيسي علانية أنه يجري "مكالمات كثيرة" مع رئيس الحكومة نتنياهو.
ومن أجل الحفاظ على النظام في القاهرة المتعاون مع إسرائيل والذي يواجه تحديات، تجندت منظمة "إيباك" الموالية لإسرائيل للقتال على الساحة الدبلوماسية لإلغاء مشروع قرار عام 2013 لوقف المساعدات الأمريكية لمصر، وعملت بعد ذلك بنجاح على إلغاء تجميد بيع أنظمة الأسلحة المتطورة للقاهرة.