أسوشيتد برس: في معركة اﻷزهر والسلطة.. من ينتصر؟
"من يتحدث عن اﻹسلام واﻹصلاحات؟ الجدل يتصاعد في مصر"..
تحت هذا العنوان سلطت وكالة "أسوشيتد برس" اﻷمريكية، الضوء على المواجهة الدائرة حاليًا في مصر بين اﻷزهر والسلطة، وهجمات اﻹعلام على المؤسسة العريقة بسبب ما يصفونه بـ"الفشل في تحديث تعليمه لمواجهة الفكر المسلح".
وفيما يلي نص التقرير:
لقد كان تصادمًا مذهلاً بين الدين والسياسة، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اقترح قانونًا جديدًا يمنع الرجال المسلمين من إنهاء زواجهم ببساطة عن طريق "الطلاق" ثلاث مرات، مؤسسة الأزهر رفضت الفكرة، قائلة :"إن الإسلام يعطي الرجال هذا الحق ولا شيء يمكن أن يغيره".
ومنذ ذلك الحين، تصاعدت المواجهة إلى خلاف عارم حول من يتحدث عن الإسلام، وكيفية إجراء الإصلاحات؟ حيث تتهم وسائل الإعلام الموالية للحكومة، الأزهر بالفشل في تحديث تعليمه لمواجهة الفكر المسلح الذي يولد الحركات الجهادية، والعنف مثل الهجمات التي شنتها الدولة الإسلامية مؤخرًا على مسيحيي مصر.
الجمعة القادمة يجتمع بابا الفاتيكان فرنسيس في القاهرة مع الإمام الأكبر للأزهر الشيخ أحمد الطيب في اللقاء هو الثاني بينهما ضمن مبادرة تاريخية لتحسين الحوار الإسلامي المسيحي.
ورغم أنه يوصف تقليديا بأنه (اﻷزهر) معقل الفكر الإسلامي المعتدل، فإنه أيضًا محافظ وحَذِر جدًا من الأفكار الجديدة ومناقشاتها.
اﻷزهر يدين بشدة الهجمات المسلحة واﻷفكار المتطرفة ويصفها أنها "تحريف للإسلام"، لكن النقاد يقولون إن التزامه بالنصوص التاريخية للتفسير يغذي المتطرفين والتعصب والتمييز ضد النساء والأقليات، بمن فيهم المسيحيون.
وفي السنوات الأخيرة، سعى اﻷزهر ﻹيقاف برنامج تلفزيوني بعدما قال المذيع إن كتب التفسير يجب تطهيرها من الأفكار التي تروّج للعنف والكراهية لغير المسلمين، وفي حالة أخرى، عزل الأزهر أحد أساتذته بسبب مزاعم "تعزيز الإلحاد".
وقال محمد أبو حمد، النائب الموالي للحكومة، الذي اقترح مشروع قانون يمنح السلطات مزيدًا من الضوابط على اﻷزهر: "أمتنا لن تكون أبدًا دولة حديثة ومدنية ما دام الأزهر لا يزال يعيش على أساسه الحالي .. ويجب تحديد مدة ولاية شيخ اﻷزهر".
إلا أن اﻷزهر أصدر بيانًا غاضبًا الأسبوع الماضي وصف فيه تلك الانتقاد بـ "الخيانة"، وطالب بضرورة الحفاظ على خريجي اﻷزهر الذين هم رسل السلام والأمن.
وتثير الحملة الحكومية قلقًا آخر، وهو أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يحاول فرض سيطرة أكبر على الأزهر، بحيث كلما كان الأزهر ينظر إليه على أنه فرع من فروع الدولة المصرية، كلما قلت شرعيته عن الإسلام، بحسب أنصاره.
الشيوخ الراديكاليين يرفضون الأزهر ويصفون شيوخه بأنهم "رجال السلطان" الذين يرغبون في تحريف "الإسلام الحقيقي" لتلبية رغبات الحاكم.
وبعد فترة وجيزة من توليه منصبه عام 2014، دعا السيسي إلى "تحديث الخطاب الديني"، قائلاً على المسلمين أن يعيدوا التفكير بشكل كبير في كيفية معالجة القضايا لوقف التشدد الإسلامي، ولم يعط أي تفاصيل، ولكنه كلف الأزهر بقيادة المبادرة.
وفي العام الماضي، أبدى استياءه من عدم التغيير، محذرا من أن رجال الأزهر سوف يحاسبون أمام الله على عدم تحديث الخطاب، وأمر وزير اﻷوقاف بكتابة خطب موحدة لجميع دعاة المساجد، رغم اعتراضات الأزهر .
وجاء هذا التصادم غير المعتاد على "الطلاق" في وقت سابق من هذا العام، وتسارعت الانتقادات خصوصًا بعدما هاجم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" كنيستين في التاسع من ابريل مما أسفر عن مقتل 45 شخصا، وألقى بعضهم في وسائل الإعلام الموالية للحكومة باللوم على الأزهر، قائلين إنهم "لم يعالجوا التطرف".
وبعد الهجمات، أمر السيسي بإنشاء هيئة حكومية جديدة مكلفة بمحاربة الإرهاب ومعالجة التطرف، وهي الخطوة التي اعتبرها البعض "تحايلا على الأزهر".
ودافع الأزهر بقوة غير عادية، ولأسابيع، وعبرت صحيفة "صوت الأزهر" الأسبوعية عن سخطها من الانتقادات، بل ألقت باللوم على إخفاقات الحكومة في الهجمات الإرهابية.
ودافع الطيب عن دور الأزهر، قائلا :إن" رجال الدين يقفون بحزم ضد الأفكار الخاطئة التي تشوه الدين".
وقال "أيمن الصياد" الكاتب الصحفي : "الفكر الجهادي لا يأتي من فراغ"، ويمكن للمتطرفين إيجاد الدعم في كتب التفسير بمكتبة الأزهر، حيث يمكنك العثور على كتابين بجانب بعضهما البعض على الرف يعطيان آراء متعارضة حول موضوع واحد، مثل معاقبة المرتد".
وتقول قيادة الأزهر إن الاستنتاجات التي تتوصل إليها الجماعات الإرهابية هي قراءة خاطئة، مثل جواز تكفير عموم المسلمين، وقتل المدنيين، واستخدام التفجيرات الانتحارية، فضلاً عن واجب الجهاد ضد الدول الغربية، ودول الشرق الأوسط الحليفة للغرب، ويقول الأزهر إن العقوبات الشرعية مثل رجم الزاني وقطع يد السارق لا تطبق في العصر الحالي.
ويقول النقاد في وسائل الإعلام الموالية للحكومة إنه ينبغي التخلص من هذه النصوص، وواجه "إسلام البحيري"، مشكلة عندما طالب في برنامجه التلفزيوني بتطهير كتب التراث من الأفكار التي تغذي الإرهاب.
وحكمت عليه محكمة جنائية بالسجن لمدة سنة بتهمة "ازدراء الدين"، وهي عقوبة نادرة، وأطلق سراحه فى أواخر العام الماضى بعفو رئاسي بعدما قضى معظم عقوبته، إلا أن الأزهر، اتهم البحيري "بتقويض أسس الإسلام".
وقال "محمود مهنا" عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: إن" اللجان استعرضت جميع كتب ومناهج المؤسسة.. ولم تجد أي شيء يسيء إلى الآخرين، أو يدعو إلى الإرهاب أو العنف".
وأضاف:" التراث صحيح .. لكن من ينفذونه خطأ".
ويقول الصياد، الأزهر يحتاج إلى تضمين جميع النصوص في كتبه، بدلاً من مجرد وضع تفسيرات متشددة خاطئة .. ولن يكون هناك تحرير للخطاب الديني، أو أي شيء آخر ما لم يَسُد مناخ من الحرية في المجتمع".