خبراء يجيبون لـ"مصر العربية":
بعد تسلمها المسئولية من المركزي.. هل تصبح البنوك سوقا سوداء للدولار؟
بعد أن سلم البنك المركزي الراية للبنوك لإدارة سوق الصرف في هذه المرحلة الحرجة، يتساءل خبراء اقتصاد عن مدى قدرة البنوك على إدارة المرحلة، في الوقت الذي شهد فيه أول يومين تعاملات لا تنم عن أن البنوك تتعامل بصفة السوق الحر، بل إن بعض المتعاملين أكدوا أن معظم البنوك تشتري ولا تبيع، الأمر الذي أثار المخاوف من أن السوق السوداء قد انتقلت من الصرافات إلى البنوك.
"مصر العربية" ترصد آراء الخبراء حول هذه الأمر، وتبحث عن إجابة سؤال هل البنوك قادرة على إدارة المرحلة؟، أم أن المركزي سيتدخل قريبا بعطاء دولاري استثنائي لدعم موقف الجنيه الذي يراه المحللون صعبا هذه الأيام.
كلمة السر
الخبير الاقتصادي محمد عبدالحكيم، عضو مجلس إدارة شركة ماسترز لتداول الاوراق المالية، قال إن قدرة البنوك على إدارة المرحلة القادمة تتوقف على توفر الإمكانيات، مؤكدا أن تحسن الإيرادات من النقد الأجنبى هو كلمة السر في هذه المعادلة الصعبة.
وأضاف "عبدالحكيم" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن السوق يحتاج ضخ المركزي للمزيد من الدولار للبنوك، حتى تتمكن البنوك من تلبية الطلب، موضحا أن الأمر مازال غير واضح لعدم معرفة الحصيلة الدولارية التي دخلت البنوك الأيام الماضية، وهل هي كافية لإشباع السوق أم لا.
وأوضح عضو مجلس إدارة شركة ماسترز لتداول الاوراق المالية، أنه في حال عدم توفر دولار لدى البنوك سيرتفع السعر فى السوق السوداء، لأن الشكوك حول تلبية الطلب ستزداد.
وبحسب متعاملون فى السوق السوداء أكدوا لـ"مصر العربية" إن التعاملات لم تتوقف إلا لوقت قصير وهو يوم قرار التعويم، موضحين أنه يتم تحديد سعر البيع والشراء للدولار بفارق يصل الى نصف جنيه عن الأسعار فى البنوك فى ظل وجود طلب من مستوردين وأفراد بسبب امتناع البنوك عن البيع منذ الخميس الماضى حيث تقبل الشراء فقط، وسط مخاوف من استمرار صعود السعر.
السوداء تترقب
من جانبه أكد الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، واستاذ التمويل، أن السوق الحرة تقتضي حرية البيع والشراء، ووفقاً لتلاقي أسعار عروض البيع وطلبات الشراء تتحدد الأسعار التوازنية مرجحة بأوزان الكميات التي يتم عليها التداول.
وقال "نافع" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" إن أي خلل بتلك المنظومة يجعل التعامل مقيداً ويفتح جيوباً للسوق الموازية، موضحا أن البنك المركزي في مرحلة استكشاف للسعر السوقي، حيث أنه يترقب مستويات الطلب الفعلية بعد توقف الدولار والمضاربة حتى يضخ المزيد من الموارد الدولارية.
وأوضح "نافع" أنه منذ اللحظة الأولى لبيان المركزي، قال:"إن ما تم هو تعويم مدار حتى رغم إصرار مصادر مسئولة على النفي وعلى كونه تعويماً حراً"، مشددا على أن التعويم الحر لن يتم إلا بعد كسر حلقة الجفاف الدولاري في الأسواق وهذا يقتضي تحركاً عاجلاً على الجانب الحقيقي للاقتصاد وليس النقدي فقط.
وأوضح نافع أن تأجيل البنك المركزي لطرح عطاء استثنائي في الأسواق بعد قرار تعويم الجنيه، ما هو إلا آلية لمنع المضاربين من تحقيق أرباح نتيجة تقدير كامل المعروض الدولار، الذي يمكن للمركزي طرحه.
المركزي سيتدخل
وأضاف استاذ التمويل أن تدخل المركزي لابد منه وهذا التدخل بسبب الندرة الدولارية في الأسواق وتراجع مصادر العملة الصعبة مقارنة بتزايد الاستيراد، مرجحا طرح عطاء استثنائي من المركزي، وتحديد البنك لحدود سعرية دائمة، وليس ترك الأسعار للبنوك.
وحذر مصرفون من أن تراكم الطلب على الدولار من قبل الشركات قد يعيد السوق السوداء إلى المشهد من جديد ما لم يضخ البنك المركزي دولارات في النظام المصرفي للمساعدة في تسيير عملية تعويم العملة بسلاسة.
جدير بالذكر أن من أهم أهداف التخلي تعويم الجنيه المصري هو القضاء على سوق سوداء في العملة الأمريكية انتعشت بعدما فرض البنك المركزي قيودا رأسمالية العام الماضي، وهوى الجنيه إلى مستوى قياسي في السوق غير الرسمية بلغ 18 جنيها للدولار يوم الأحد الماضي.
فترة مؤقتة
في المقابل، يرى محمد ماهر عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية، والعضو المنتدب لبرايم القابضة، أن توقف البنوك عن البيع هذه الفترة مؤقت، مؤكدا أن البنوك ستقوم ببيع الدولار بداية من الغد.
وتوقع "ماهر" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن يطرح البنك المركزي عطاءً دولاريا لبيعه للبنوك بسعر السوق، وذلك لدعم قدرة البنوك على تغطية احتياجات السوق في الفترة القادمة.
يذكر أن أغلب ما باعته البنوك من دولارات يوم الخميس كان موجها للشركات مما خلق حالة من الارتباك بين العملاء العاديين غير أن البنوك فتحت أبوابها أمام مودعي العملة الأمريكية وبائعيها اثناء العطلة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت بينما لم تطرح دولارات للبيع للأفراد.
وكان البنك المركزي يطرح 120 مليون دولار أسبوعيا في مزاد لبيع العملة الصعبة للبنوك، في ظل ضعف الموارد الدولارية المتاحة لها لتلبية الاحتياجات المتزايدة للعملاء، وخاصة المستوردين.
إنجاز كبير
من جهته أكد الدكتور على عبد الرؤوف الإدريسي الخبير الاقتصادي، أن البنوك لن تتحول إلى سوقا سوداء، حيث أن هذا الأمر غير منطقي طالما يتم تداول الدولار داخل الجهاز المصرفي فلا وجود للسوق السوداء، والأمر يتوقف على العرض والطلب.
وأكد "الإدريسي" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن البنوك تحاول وضع ضوابط لبيع الدولار، معتبرا الانتقال من التعامل في السوق السوداء إلى الجهاز المصرفي إنجازا كبيرا، موضحا أن التعاملات في السوق الموازي كانت فوضوية.
وأكد استاذ الاقتصاد بجامعة ٦ أكتوبر و الإكاديمية العربية للنقل البحري أن قرار المركزي يعد تعويم مدار وليس حرا، مشددا على أن البنك المركزي سيتدخل الفترة القادمة بطرح عطاءات استثنائية في حال ارتفع سعر الدولار.