وسط أجواء من الغضب المتبادل
مصر وبريطانيا ...توترات السياسة تخيم على العلاقة مع الشريك الاقتصادي الأكبر للقاهرة
حالة من الغضب تسود الأوساط البريطانية الرسمية بسبب ما أسموه تربص الإعلام المصري بمواقف المملكة ممثلة في الحكومة وسفارتها بالقاهرة .
فبحسب مصادر دبلوماسية بريطانية فإن دعوات بدأت تتنامى داخل دوائر بريطانية مختلفة للمطالبة بضرورة إجراءات تصعيدية ضد الهجوم المصري المتواصل تجاه المملكة ومصالحها.
وتابعت المصادر أن دوائر الإعلام المصري لا تميز بين أن مؤسسات مثل مجلس العموم البريطاني تمثل الجانب الشعبي ، وليس التنفيذي أو الحكومة، ومثل هذه الجهات لا يمكن لأي سلطة داخل المملكة أن تملي عليها رأي بعينه ،وذلك تعليقا على تقرير مجلس العموم البريطاني الأخير ، الذي أدانه البرلمان المصري ، وتناولته وسائل الإعلام المصرية بالهجوم متخذة منه وسيلة للتحريض على المملكة بحسب المصادر .
وجاء التقرير الأخير لمجلس العموم البريطاني منحازا لجماعة الإخوان المسلمين حيث حمل الكثير من النقد لتقرير لجنة جنكينز الصادر في ديسمبر 2015 ، و رفض التقرير الأخير لمجلس العموم البريطاني اعتبار جماعة الإخوان منظمة إرهابية .
المصادر البريطانية شبه الرسمية ردّت على الهجوم الإعلامي المصري ، موضحة "يجب التفرقة بين عمل المؤسسات النيابية والمواقف الرسمية "، مؤكدة أن السفير البريطاني بالقاهرة جون كاسن يبذل مجهودًا كبيرًا في تصحيح صورة ما يجري في مصر لدى حكومة بلاده ، مشيرة إلى أنَّ كاسن لعب دورا كبيرا في اتمام زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لبريطانيا نهاية العام الماضي .
وتعد زيارة السيسي في ذلك التوقيت هي الأولى لرئيس مصري منذ 13 عامًا، حيث استمرت لثلاثة أيام والتقى خلالها رئيس الوزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون.
وتابعت المصادر بعيدًا عن ملاحظات مجلس العموم البريطاني بشأن التقرير الأخير وتقييمه للوضع السياسي في مصر ، فبريطانيا تعد أكبر شريك أجنبي لمصر على المستوى الاقتصادي حيث تتراوح استثمارتها في مصر ما بين 25إلى 30 مليار دولار ، في حين أنها لم توقف السياحة الخاصة بمواطنيها لمصر ، كما فعلت دولا أخرى ، وهو ما يتضح في عدد الرحلات الأسبوعية بين القاهرة ولندن والتي تتراوح بين 30 إلى 35 رحلة إسبوعيا .
إلا أن نقدا من نوعا آخر كان ينتظر الحكومة البريطانية بسبب بيان أصدرته السفارة البريطانية بالقاهرة ،أزاحت خلاله الستار عن بعض الشروط التي تضمنها قرض صندوق النقد الدولي .
وذكرت السفارة أن مشاركة الممثل البريطانى فى الصندوق قادت للتركيز على ضمان الحماية الاجتماعية والاشتمال وخلق مناخ إيجابى للاستثمار كوقود للاقتصاد المصرى على المدى الطويل ، مؤكدة أنها " ترحب على وجه الخصوص فى اتفاق القرض بالنصوص الخاصة بالالتزام بزيادة مخصصات حماية المواطنين الفقراء بنسبة 1% من الناتج المحلى الإجمالى والإجراءات الجديدة والتى ستؤدى لزيادة مشاركة الرجال والنساء فى سوق العمل وخطة تسديد الديون المستحقة لشركات البترول العالمية العاملة فى مصر ".
واعتبر مراقبون مصريون أن الممثل البريطاني في مجلس الصندوق ضغط لتمرير شرط دفع مديونية شركات البترول ، ليضمن حصول شركة بريتش بترليوم البريطانية على أموالها المستحقة لدى الحكومة المصرية ، فيما نفت المصادر البريطانية تلك الاتهامات ، موضحة أن بريطانيا تسعى لتطوير الاقتصاد المصري ، وأن خير دليل على ذلك بحسب المصادر هو بدء الحكومة البريطانية برنامجا تدريبيا لعدد من قادة الاقتصاد المصري الذين ينتمون لوزارات المجموعة الاقتصادية لرفع كفاءتهم .