هل تدفعها الحكومة للمقاولين؟
بعد التعويم.. فروق الأسعار تهدد المشروعات القومية
تحت شعار "إنقاذ ما يمكن إنقاذه".. تتحرك حكومة المهندس شريف إسماعيل، بهدف السيطرة على تبعات قرارات تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف وإلغاء الدعم عن الوقود بشكل جزئي، وإقرار قانون القيمة المضافة، التي تسببت في أضرار وخيمة لعدد من القطاعات ومنها، "التشييد والبناء".
وتأثر القطاع سلبا بتلك القرارات، لارتفاع أسعار مواد البناء من حديد والأسمنت، وفي هذا الاطار، تدرس الحكومة تعويض المقاولين عن فروق الأسعار للمواد الخام، خاصة وأن هذه الأزمة من شأنها الاضرار بالمشروعات القومية والاستراتيجية التي تشرف عليها الدولة.
وتنفذ مصر عددًا من المشروعات القومية، يأتي على رأسها، مشروع الإسكان الاجتماعي ببناء مليون وحدة سكنية، واستصلاح 1.5 مليون فدان، إضافة إلى بناء العاصمة الإدارية وبعض المدن الجديدة، وشق عدد من الأنفاق أسفل قناة السويس، وتراجعت معدلات التنفيذ لهذه المشروعات خلال الشهر الجاري بنسبة 30%.
وهدد عدد كبير من شركات المقاولات بوقف تنفيذ الأعمال، بعد زيادة أسعار الحديد ومواد البناء، وهو ما اضطر وزارة الإسكان، إلى تقديم مذكرتين لمجلس الوزراء، في 4 نوفمبر الجاري، لبحث تشكيل لجنة، لبحث تعويض المقاولين.
كما طالب المقاولون بصرف فروق الأسعار من تاريخ تقديم المظروف الفنى، أو الإسناد المباشر لكل عناصر المشروع، وصرف تعويض مناسب للأعمال الجارية لمواكبة زيادة الأسعار فى مختلف عناصر المشروع، ومد فترة تنفيذ المشروعات، حتى لا تتحمل الشركات غرامات التأخير الناتج عن تغيرات الأسعار، وسرعة تسلم المشروعات التى يتم الانتهاء من تنفيذها.
وقال أشرف العربي، وزير التخطيط والإصلاح الإداري، إن صرف التعويضات سيتم فور انتهاء اللجنة الوزارية برئاسة وزير الإسكان من دراستها، خلال أسابيع ، لتوفير السيولة لديهم لإعادة ضخها في السوق مجددًا، كما يتم دراسة ضخ حزمة تحفيزية لسداد مستحقات المقاولين.
وأضاف العربي، خلال مؤتمر المديرين التنفيذيين، أمس، أن ذلك سيكون خلال السنة المالية الحالية، وقد تتجاوز التعويضات 20% من قيمة المشروعات، مشيرًا إلى أن التوجه لتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية للقطاعات المختلفة بالسوق المصرية خلال المرحلة المقبلة هو "مسألة حياة أو موت".
"مصر العربية" ترصد أراء الخبراء حول إمكانية دفع الحكومة ثمن تعويم الجنيه بـتعويض المقاولين خلال هذا التقرير.
رئيس المنتدى المصري للدرسات الاقتصادية، الدكتور رشاد عبده، رأي أن الحكومة الأن تدفع ثمن اتخاذها لقرارات غير مدروسة بتعويم الجنيه، من خلال سعيها لتعويض المقاولين عن فروق الأسعار للمواد الخام.
وأكد في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية": أن قرار تعويم الجنيه كان خاطئًا للغاية وفاشل، وكان لابد من الخفض التدريجي له ، بدلًا من الصدمة التي أحدثها تحرير سعر الصرف في الأسواق، والحاق الخسائر بالعديد من القطاعات، وتحويلها من مشروعات رابحة إلى خاسر.
وأوضح عبده، أن الخسائر التي تعرض لها المقاولين ستلحق بالصناعات الوطنية الأخرى وستمتد إلى شركات جديدة، تعاني من الأمر ذاته، وهو ارتفاع الأسعار، بما يهدد عملها ويعرضها للخسارة وربما الافلاس.
واستنكر، حديث وزير التخطيط عن تعويض المقاولين على وجه التحديد "مينفعش نشتغل بالقطعة"، كان لابد من عمل دراسة لكل القطاعات التي تأثرت بتحرير سعر الصرف ومن منهم يحتاج للدعم، حفاظًا عليها.
وتسائل، رئيس المنتدي المصري الاقتصادي، أليست الحكومة الحالية هي من قامت بقرار تعويم الجنيه من أجل الإصلاح الاقتصادي وتوفير الأموال، هي نفسها التي تدرس تعويض المتضررين من هذه القرارات؟ متابعًا: "أخدتوا قرار ليه وأنتوا مش مستعدين ليه"؟
وفي المقابل، قال مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة تحاول تقليل التكلفة بالنسبة للمقاولين لتتماشى مع الواقع، وتقليل المشكلات الناتجة عن تعويم الجنيه، بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن السعى لتعويض القطاعات المتضررة بالتعويم ومنها البناء والإنشاء، ليس معناه أن تحرير سعر الصرف خاطيء ويكلف الحكومة، ولكنه قرار استراتيجي.
وتابع الشريف، أن الحكومة بذلك تسعى لتقيل الأزمات والمشكلات، مشيرًا إلى أنها هذه التعويضات ستكون داخلة في تكلفة الانشاء، وبالتالي ستتحملها الجهة القائمة عليها، وأنها ستكون تقريبًا بنسبة 20% عمومًا، على أن تختلف النسبة الداخلية سواء للحديد أو الأسمنت.
وكان المهندس علاء والى، رئيس لجنة الإسكان والمرافق بمجلس النواب، أكد في وقت سابق، أن اللجنة تنسق مع الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان والمرافق، لسرعة تدارك خطورة وموقف شركات المقاولات المنفذة للمشروعات الاستراتيجية.