مستشار الكنيسة في حوار لـ "مصر العربية"..
منصف سليمان: الدولة رفضت إقرار 3 قوانين كنسية للأحوال الشخصية
كواليس القوانين الكنسية يعرفها وحده بحكم علاقة من نوع خاص بالمقر البابوي، وصياغتها حرفة يتقنها المستشار القانوني الأقرب لـ"البطريرك الحالي" تواضروس الثاني، ونظيره الراحل (شنودة الثالث)، والمحصلة حتى الآن "قانون رسمي لبناء الكنائس"، ومشاريع قوانين انتهت صياغتها، وتنتظر حسم البطريرك، وملاحظاته، هي على الترتيب (الأحوال الشخصية، الزي الكنسي، والمجلس الملي الجديد).
المهام الخاصة يتلقاها المستشار منصف سليمان عضو المجلس الملي للكنيسة الأرثوذكسية، مباشرة من البابا تواضروس، نظير قدرته في الحفاظ على سرية المناقشات، وخبرته المهنية في التعاطي مع تفصيلات الصياغات النهائية، وفي الكواليس يحتفظ مستشار الكنيسة بخصوصية الخلافات بين قيادات الكنائس في القوانين الموحدة، ولا يبديها لأحد إلا في سياق ضمانات واضحة بعدم التعرض لها إعلاميًا.
عاصر عضو المجلس الملي مراحل الإعداد للقوانين العالقة، أبرزها مشروع قانون الأحوال الشخصية، وقال: "إن طول فترة نقاشه الممتدة منذ عام 1979، حتى 2014، تسببت في تعطليه، لكن شروط ممثل الكنيسة الكاثوليكية الأخيرة، دفعت إلى تفرد كل كنيسة بلائحتها، بالتوازي مع رفض الدولة تمرير 3 قوانين للأحوال الشخصية".
حول كواليس المرحلة الأخيرة من مشاورات الكنائس بشأن قانون الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية، وتداعيات صياغة مشروع قانون الزي الكنسي، وسعي الكنيسة لصياغة قانون جديد للمجلس الملي، كان لـ(مصر العربية) هذا الحوار:
ما الذي يعطل مشروع قانون الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية حتى الآن؟
الحكومة ليست ملومة في تعطيل قانون الأحوال الشخصية، لأن طول الزمن (1979-2014) هو السبب، والكنائس وقعت على قانون موحد أعوام (1979-1989-2010)، ثم توافقوا على مشروع في سنة 2014، وبعد تقديمه، أصر ممثل الكنيسة الكاثوليكية على إضافة 80 مادة جديدة لمشروع القانون، وبعد إطلاعنا وجدنا 20 مادة غير صالحة لإدراجها في القانون، وما تبقى (60 مادة) موجود ما يماثلها تمامًا، لكنه أصر على رؤيته، واعترض على ذلك المستشار القانوني لكنيسته، دون أن يؤثر ذلك في إقناعه، إضافةً إلى أن صياغته كانت ترجمة لبنانية لنصوص لاتينية، حدث ذلك منذ( سبتمبر 2014)، ولم يحدث توافق حتى الآن.
- لماذا رفضتم تضمين المواد بالقانون، وما الذي حدث بعد ذلك؟
- من بين هذه المواد كان عدد مرات ذهاب العروس للكنائس، قبل، وبعد الزواج، وهى أمور رعوية، أكثر من كونها قانونية، ولما انتهى الأمر بإصرار الأسقف الكاثوليكي على موقفه، أفسحت الكنيسة الأرثوذكسية المجال، وقدمت مشروع خاص بها، و(كان المشروع الموحد يتضمن أحكام خاصة بالكاثوليك وفقًا لشرائعهم).
- قلت إن الدولة رفضت تمرير 3 قوانين للأحوال الشخصية، هل يعني ذلك أن ثمة لقاءات ستجري قريبًا بشأن التوافق على مشروع موحد؟
هناك محاولات حالية لعقد اجتماعات مع البطاركة لحل هذا الإشكال، والبابا تواضروس يتجه إلى إقرار قانون موحد للطوائف المسيحية.
- إلى أي مدى يبدو التأخر في إقرار قانون أحوال شخصية عائقًا أمام المتضررين ؟
- مشاكل الأحوال الشخصية حدثت بها انفراجة، بعد التقسيم الجديد للمجلس الإكليريكي، والمجمع المقدس وافق على إضافة بنود تمثل انفراجة (ثورية)، منها التوسع في أسباب بطلان الزواج، وأسباب التطليق.
- هل من المنتظر تقنين وضعية لجان المنازعات الأسرية، ومعاهد المشورة الكنسية في القانون الجديد؟
نعم، سيتم تقنين لجان المنازعات الكنسية، وهى معنية بالمرحلة السابقة للتقاضي بين الزوجين حال عدم القدرة على التوفيق بينهما، وقد أثبتت هذه اللجان جدواها في تقريب وجهات النظر، وتقليل نسب المشاكل الأسرية، أما معاهد المشورة الكنسية فهي شأن رعوي، خاص بالكنائس المختلفة.
- فيما بعد إقرار قانون بناء الكنائس، توقع البعض أن أولوية الكنيسة ستتجه لقانون الأحوال الشخصية، فلماذا طرأ مشروع قانون الزي الكنسي على قائمة أولوياتها الآن؟
- قانون الزي الكنسي عمره 25 عامًا، وسبق أن قدمت الكنيسة مشروعًا في عهد وزير العدل الأسبق (فاروق سيف النصر)، لتقنين زي رجال الدين، لكن الأزهر اعترض على القانون، واعتبر الزي الأزهري شبيهًا بزي أهل الريف، وفي الفترة لاحظنا انتحال البعض لشخصية الراهب، وجمع تبرعات، دون وجه حق، وهو ما دفع الكنيسة إلى طرح هذا القانون..
- متى بدأت الفكرة بالضبط، وكيف نوقشت مع الدولة ؟
منذ 6 أشهر، وأثناء مناقشة قانون بناء الكنائس، ناقشتها مع المستشار مجدي العجاتي وزير الدولة للشئون النيابية شفهيًا، وبعدها ارتأينا أن الصالح العام يقتضي التنسيق مع الكنيسة الكاثوليكية، وتجري الآن الصياغة النهائية للمشروع.
- وما هى تفاصيل مشروع القانون بحسب المسودة الحالية؟
يتضمن مشروع قانون الزي الكنسي مادتين فقط، المادة (1) يحظر على غير رجال الدين وهم (البطاركة، الأساقفة، الرهبان، والقسوس) ارتداء الزي المعين باللائحة المرفقة (سيرفق بها صور الزي الكنسي).
والمادة (2) يعاقب بالغرامة كل من ارتدى زيًا كنسيًا بمخالفة المادة الأولى.
- يقو ل البعض إن إقرار هذا القانون سيثير حساسيات بين رجال الدين، والشرطة في الشارع، جراء فحص هوية الشخص الذي يرتدي زيًا كنسيًا-وفق للقانون-كيف ترى ذلك؟
أقول لهؤلاء ما هى وسيلة الكنيسة للتأكد من حقيقة من يرتدون زيًا كنسيًا؟، وأثق أنه لن يثير أية حساسيات.
- تعتزم الكنيسة الآن إعداد قانون جديد للمجلس الملي، إلى أين وصلت المسودة الأولية، وهل ستجرى الانتخابات الجديدة وفقًا للقانون الجديد، أم لا ؟
القانون الحالي للمجلس الملي صدر عام 1872، ومنحه اختصاصات لم يعد لها وجود الآن، مثل الحكم في قضايا الأحوال الشخصية، والإشراف على هيئة الأوقاف القبطية، أما مهمته الآن فتقع في نطاق معاونة البطريرك في إدارة الكنسية (ماليًا، وإداريًا)، وسيكون اختصاصه في المرحلة المقبلة (إدارة الأملاك الحرة للكنيسة)، بعد أن اختصت هيئة الأوقاف القبطية بإدارة الأوقاف.
- يعني ذلك أن ثمة تغييرات طرأت على شروط الترشح، والانتخاب، في القانون الجديد؟
يتضمن القانون الجديد توسيع المشاركة في المجلس الملي، بالنسبة للأعضاء، والناخبين، حيث يتضمن التقسيم الجديد(12 عضوًا بالإيبارشيات، و36 بالقاهرة، و24 عضوًا للإسكندرية)، على أن يكون هناك نسبة بالتعيين لم تحدد بعد، ومن المتوقع أن تكون (ثلث الأعضاء).
أما عن شروط الترشح فهي كالتالي : أن يكون المرشح مصريًا، ومقيمًا في دائرة اختصاص الإيبارشية، وحاصل على مؤهل جامعي، ولا يقل عمره عن 25 عامًا، بما يتسق مع رغبة البطريرك في إتاحة الفرصة للشباب.
- ومتى ستجري الانتخابات الجديدة للمجلس الملي وفقًا لهذا القانون؟
- هذا الأمر متروك للبابا تواضروس الثاني، وغالبًا ستكون بعد انتخابات المحليات، وسيتم قبلها فتح باب تسجيل الناخبين، والمرشحين بالمقر البابوي.
- هل يعني ذلك أن مشروع القانون تمت صياغته بشكل نهائي؟
- لا، مشروع قانون المجلس الملي الجديد في يد البابا تواضروس الثاني، ونحن في انتظار ملاحظاته.
- خارج سياق القوانين، كيف ترى الهجوم اللافت على البابا تواضروس الثاني بعد استقباله رئيسة الكنيسة اللوثرية؟
- بعد عودة البابا تواضروس من زيارة السويد العام الماضي، سألته عن زيارته للكنيسة اللوثرية التي تسمح برسامة المرأة، فقال: "بيخدموا ربنا، واحنا بنخدم ربنا، وأنا فكرت هناك (هل اتدخل في شئونهم؟)، وهل نرحب نحن بالتدخل في شئوننا؟،، فقلت له: "بالطبع لا"، وهو يرى أن الانفتاح على الآخر، يتناقض مع التدخل في شئونه الخاصة.
- لماذا إذًا رغم مرور 4 سنوات بابوية، يهاجمه البعض، ويسعى لإلصاق تصريحاته بالسياسة؟
- ربما لأنه لا يتحدث عن نفسه كثيرًا، ولكن ما فعله للكنيسة خلال هذه الفترة القصيرة يعد إنجازًا مدهشًا، من ناحية التنظيم، واللوائح، والعلاقات مع الكنائس الأخرى.