بعد تأخر صدورها:

وثائق الـ12 مليار دولار.. صندوق النقد يطيح بـ«الشفافية» من أجل عيون الحكومة

كتب: توفيق عبد الحليم

فى: أخبار مصر

11:25 14 ديسمبر 2016

في مساء يوم 11 نوفمبر الماضي وافق صندوق النقد الدولي على إقراض مصر 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، وهو اليوم الذي تزامن مع دعوة حركة "غلابة" للتظاهر ضد حكومة شريف إسماعيل احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية التي آل إليها المواطنون.

 

وامتدت مفاوضات مصر مع الصندوق أكثر من شهر قبل قبول الصندوق بشكل نهائي إقراض مصر.

 

وعلى الرغم من ذلك لم تظهر وثيقة رسمية واحدة من الحكومة المصرية أو صندوق النقد حول الاتفاق بين الجانبين والشروط التي التزمت بها مصر أو دعا الصندوق القاهرة لتفعيلها.

 

وذكرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنه "لا شيء ملزم فعليًّا في سياسات صندوق النقد فيما يتعلق بوجوب نشر أكبر قدر من المعلومات وتوخي الحد الأقصى من إتاحتها، ولا يوجد سوى النوايا الحسنة ومرونة كبيرة في التطبيق".

 

وفي بيان للمبادرة أضافت: "ولكن حتى في ذلك الإطار الفضفاض من قواعد الشفافية، والتي يجملها الصندوق في وثيقة من أكثر من خمسين صفحة، وتسمى المذكرة الإرشادية حول سياسة الصندوق المتعلقة بالشفافية، هناك ما يجب أن يلتزم الصندوق به، وما يجب أن يحث الدولة العضو على أن تلتزم به من نشر أهم الوثائق المتعلقة بمختلف أنواع المعاملات بين الدولة وبين الصندوق".

 

وتابعت المبادرة: "حين تقترض مصر من الصندوق ما قيمته 12 مليار دولار، وفق اتفاق يسمى تسهيل الصندوق الممدد Extended Fund Facility، فإن هناك عددًا من التوصيات التي احتوت عليها المذكرة من شأنها أن تعزز الالتزام بالشفافية".

 

وبحسب نص "المذكرة الإرشادية حول سياسة الصندوق المتعلقة بالشفافية"، فإن الصندوق ينتهج مبدأ الشفافية الذي عبر عنه في مقدمة القرار المتعلق بتطوير نظام الشفافية.

 

ووفقًا لهذا المبدأ فإن الصندوق "سوف يسعى من أجل الإفصاح عن الوثائق والمعلومات على أساس توقيتات منضبطة، إلا إذا كان هناك من أسباب قوية ومحددة تمنع هذا الإفصاح.. ومن أجل تدعيم تطبيق هذا المبدأ، فإن القرار يقوم بتوصيف معنى (النشر الفوري).

 

ووفقًا لهذا التعريف، فإن الصندوق سوف يستهدف نشر الوثائق التي يشملها القرار، في غضون مدة لا تتجاوز 14 يومًا، بعد لقاء المجلس التنفيذي، أو جلسة غير رسمية للمجلس، أو تبنٍ لقرار بـ"فسحة من الوقت"، أو 28 يومًا بعد صدور الوثيقة التي تقدم إلى المجلس التنفيذي، أيهم تأخر.

 

وحين يقوم الصندوق بالتوقيع على قرض مع دولة ما، فإن هناك عددًا من الوثائق التي يجب أن ينشرها طاقم الصندوق، وأخرى على الحكومة المعنية أن تنشرها.

 

وفي الحالة الأردنية، حين طلبت الأردن الحصول على قرض من نفس النوع الذي حصلت عليه مصر، في سبتمبر 2016، التزم الصندوق بنشر كافة الوثائق التي تقتضيها شروط الإفصاح وفقًا لدليل الشفافية الخاص به، واحتوت هذه الحزمة من الوثائق على 100 صفحة من المعلومات، بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

 

ونشر الصندوق وقتها على موقعه بيانا صحفيا يتضمن بيانًا من رئيس المجلس التنفيذي، وتقرير طاقم الصندوق المقدم إلى المجلس التنفيذي في 24 أغسطس، بغرض البت في أمر القرض.

 

وأشار صندوق النقد إلى أنه سينشر -وسيحث الحكومة الأردنية على نشره - خطاب النوايا المرسل إلى صندوق النقد الدولي وإلى السلطات في الأردن، ومذكرة السياسات الاقتصادية والمالية الخاصة بالسلطات الأردنية، بالإضافة إلى مذكرة التفاهم الفني.

 

وفي حالة قرض الصندوق لمصر، لم ينشر أي من الطرفين سوى بيانات صحفية، وبيان كريستين لاجارد رئيس المجلس التنفيذي للصندوق، وتفريغ للقاءات الصحفية المتعلقة بالقرض، ما يعد إخلالا بمقتضيات الشفافية، بحسب المبادرة المصرية.

 

ووصفت المبادرة ذلك بـ"التعتيم الذي يأتي استثناءً ضمن الدول التي حصلت على تمويل من الصندوق أخيرًا".

 

ووفقا لدليل الشفافية لصندوق النقد الدولي، يجب أن يكون حجب نشر تقرير طاقم صندوق النقد الدولي، بناءً على طلب من الحكومة المصرية، ولأسباب "قوية ومنطقية".

 

فخري الفقي، المستشار السابق لدى صندوق النقد الدولي قال لـ"مصر العربية" تعليقا على الأمر: "نظرا للظروف الامنية الدقيقة التي تمر بها مصر والمنطقة العربية طلبت مصر من إدارة الصندوق عدم الإفصاح عن خطاب النوايا وتقرير خبراء الصندوق في الوقت الحالي".

 

وحول ما إذا كانت الحكومة قد خالفت  الدستور المصري بإبرام اتفاقها  مع صندوق النقد  الدولي للحصول على قرض بقيمة 12مليار دولار، لعدم انتظارها موافقة البرلمان قبل اتمام الاتفاق، اختلف عدد من القانونيين والسياسيين.

 

وتنص المادة 127 من الدستور المصرى على أنه "لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج فى الموازنة العامة للدولة لفترة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب.

 

على الرغم من الاشتراط الدستوري إلا أن الحكومة لم تتقدم بنص الاتفاقية لمجلس النواب، وهو ما استنكره عدد من القوى السياسية ورفضه قانونيون، إلا أن الدكتور صلاح فوزي أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة وعضو لجنة العشرة التى وضعت المسودة المبدئية للدستور الحالي فسر في وقت سابق لـ"مصر العربية" النص بأنه ليس هناك أى مخالفة.

 

وقال فوزي إن الحكومة بدأت في اجراءات القرض قبل انعقاد البرلمان وبالتالي الإجراءات كانت قائمة بالفعل وجاءت الموافقة وقت قيام السلطة التشريعة وبالتالي ليست هناك أى مخالفة، مضيفا أن القرض "سيعرض بالطبع على البرلمان ومن المتوقع أن يوافق البرلمان عليه".

 

لكن في الجانب الآخر اعترض حزب التحالف الشعبي على القرض وقال إنه مخالف للدستور.

 

وقال التحالف إن القرض المفترض الحصول عليه خلال الفترة المقبلة سيزيد من حرمان مصر من فرص الاعتماد على نفسها، وتراجع مصادر الدخل لصالح قلة تتركز الثروة لصالحها، ويشيع البؤس فى الأغلبية.

 

وانتقد التحالف في بيان له ما أسماه انتهاك للدستور وانعدام للشفافية الذي حدث في اتفاق  القرض.

 

وقال ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" إن قرض النقد الدولي لم يعرض على البرلمان حتى الآن، حيث كان من الضروري تلقي الموافقة عليه من قبل صندوق النقد أولا ثم مناقشته في البرلمان.

 

وأكد عمر أن القرض  لن يدخل حيز التنفيذ دون موافقة البرلمان والتصديق عليه، مشيرًا إلى أن جميع الاتفاقيات التي تمت إطارية ولن تكون مبرمة إلا بموافقة البرلمان، وسيتم عرض الاتفاقية في أقرب وقت.

 

وفي السياق ذاته، أكد مدحت الشريف، وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان، أن الحكومة لم تعرض علي اللجنة اتفاقية صندوق النقد الدولي، مشيرًا أنهم في انتظار الاتفاقية لبحثها والنظر فيها.

اعلان