خبراء:

4 أسباب وراء تأخر الدفعة الثانية من قرض صندوق النقد

كتب: أحمد صالح

فى: أخبار مصر

22:12 08 مارس 2017

يسيطر الغموض على الأسباب الحقيقة وراء تأخير وصول الدفعة الثانية من الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي لمصر.

 

في الوقت الذي، كشف فيه كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد في مصر، عن أن سبب تأجيل زيارة بعثة الخبراء الخاصة بإجراء المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المتفق على مع الصندوق، ترجع إلى التزامات أخرى للسلطات المصرية.

 

مبررات ربما لم يقتنع بها الكثيرون، وهو الأمر الذي دفع البعض لاستحضار التجربة التونسية التي تمر بنفس المأزق مع الصندوق الذي عطل الشريحة الثانية بس ما أسماه بتباطؤ في تنفيذ الإصلاحات، فهل التأجيل بمصر يعود لنفس السبب؟

 

وكانت مصر نفذت الكثير من طلبات الصندوق، ففي الأشهر الأخيرة من العام الماضي نفذت البلاد حزمة من الإصلاحات، تضمنت تعويم الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وتقليص دعم الطاقة، وهو ما ساهم في إبرام اتفاق مع صندوق النقد لإتاحة قرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم خطة الإصلاح على مدار 3 سنوات.

 

الإصلاحات غير كافية

 

ولكن على ما يبدو لم تكن هذه الإصلاحات كافية للإفراج عن الدفعة الثانية من الشريحة الأولى التي حصلت مصر على نحو 2.7 مليار دولار منها، إذ كان مقررا أن تقوم بعثة النقد الدولي بزيارة لمصر في مارس الحالي، وتم تأجيلها إلى أبريل بشكل مبدئي بسبب ارتباطات أخرى للحكومة المصرية، بحسب ما ذكر  جارفيس خلال تصريحات صحفية.

 

وقال إن تأخير صرف الدفعة الثانية يعود إلى أن إعداد التقرير الخاص بها ورفعه لمجلس إدارة الصندوق يحتاج بين 6 و8 أسابيع، وبالتالي لن يتم صرف الدفعة قبل نهاية يونيو في أحسن الأحوال.

 

عمرو الجارحى، وزير المالية، من جانبه برر خلال لقاء له في الغرفة الأمريكية، تأجيل زيارة بعثة الصندوق، بأن وزارته مشغولة حاليا بإعداد موازنة العام الجديدة لعرضها على البرلمان في الوقت المحدد (مارس) ومن ثم، لا نستطيع التركيز في أي ملف آخر لحين الانتهاء من هذا الملف.

 

كريستين لاجارد، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، هي الأخرى أشارت في تصريحات لها الأسبوع الماضي إلى توقعاتها بتأخير موعد إنهاء إجراءت المراجعة إلى شهر يونيو المقبل.

 

وتقوم لجنة صندوق النقد الدولي بمراجعة البرنامج الإصلاحي الاقتصادي المصرى، وتقييم الإجراءات الحكومية الأخيرة وآثارها المالية والاقتصادية، في إطار إجراءات الموافقة على صرف الدفعة الثانية من الشريحة الأولى.

 

أسباب التأخير

 

وحصلت مصر على موافقة الصندوق على القرض في نوفمبر الماضي، مقسما  على 3 شرائح، كل شريحة يتم صرفها على جزءين. وتم صرف الجزء الأول بقيمة 2.75 مليار دولار في نوفمبر الماضي.

 

وكان من المقرر أن تحصل الحكومة على الدفعة الثانية من الشريحة الأولى من بقيمة 1.25 مليار دولار، في موعد أقصاه مايو المقبل.

 

الأكاديمي والخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد ذكرالله، قال إن التأخير بسبب عدم تنفيذ مصر للشروط المتفق عليها، ومنها التعجيل بالتحول إلى الدعم النقدي، وزيادة أسعار الوقود، وفرض الضريبة علي البورصة، والبدء الجدي في برنامج الخصخصة  عن طريق طرح الشركات في البورصة.

 

وأضاف ذكرالله، خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن الحكومة موقفها صعب للغاية، ومضطرة لتنفيذ كامل الشروط وغض الطرف عن السخط الجماهيري الكامن حتى الآن.

 

وأكد أن الحكومة كانت تراهن علي المساندة السعودية، والتي انتهت بفعل الأزمة السياسية، كمان أنها كانت تراهن أيضا على الاتفاق البترولي مع العراق، والذي كان من المقرر تنفيذه منذ عام كامل ولكن يتم تأجيله المرة تلو الأخرى وكان سيوفر لمصر احتياجاتها بالكامل من البترول وستدفع مصر ثمن التكرير في مصافيها فقط.

 

التنفيذ إجباري

 

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه في ظل المعطيات الحالية فإن الحكومة مجبرة علي التعاطي مع الصندوق لأنها تعرف جيدا أن دفعات الصندوق ورضاه يرتبط بباقي الجهات المانحة، والتي أعلنت صراحة أنها تسير خلف الصندوق وآرائه في الاقتصاد المصري.

 

وقال ذكرالله إن الحكومة المصرية لم تستطع أن تستخدم القروض والمنح الضخمة في التحول نحو الإنتاج، وبالتالي أصبحت مصر كلها أسيرة لدى المؤسسات الدولية والتي تنوي العبث بمقدرات المصريين.

 

قانون الاستثمار

 

الدكتور وائل النحاس، خبير أسواق المال، اتفق مع ذكرالله، قائلا إن صندوق النقد الدولي وضع العديد من الشروط التي يجب تنفيذها من قبل الحكومة المصرية طوال مراحل الحصول على القرض، ولن يسمح بصرف أي شريحة دون أن تقوم الحكومة بتنفيذ جميع الاشتراطات المتعلقة بها، وهو ما نلمسه الآن قبل صرف الشريحة الثانية، والتي تتطلب شروطها رفع الدعم عن الطاقة، وفرض ضرائب على البورصة، وطرح شركات حكومية بها لخفض عجز الموازنة.

 

وأضاف خلال تصريحات صحفية، أن الشريحة الأولى من القرض والبالغة 2.75 مليار دولار، التي حصلت عليها مصر، تعد مقابل حصة مصر في الصندوق الأساسية أما الشرائح المنتظر الحصول عليها تعد من حصص الدول الأعضاء في الصندوق، ومن ثم فإن إجراءات المراجعة المقبلة ستكون أكثر حزمًا وتدقيقًا من البعثة، وسيتعين على الحكومة تنفيذ جميع الإجراءات المطلوبة قبل الإفراج عن الشريحة المقبلة، المقدرة بنحو 1.25 مليار دولار.

 

ويرجح أن يكون السبب في التأجيل هو تباطؤ الحكومة في إقرار قانون الاستثمار، والذي يتم الحديث عنه منذ بداية العام الماضي.

 

موقف النواب

 

من جانبه  فسر النائب مدحت الشريف وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، في تصريحات صحفية، تأخر القرض بأن مصر لم تلتزم بكافة البنود المتفق عليها لتسليم الدفعة الثانية وهو ما يضطر الصندوق لتأخيرها لحين التزام الحكومة المصرية، مؤكدًا أن البرلمان لا يعرف ما هي النقاط التي تأخرت الحكومة في تنفيذها لأن الاتفاقية لم تصل إلينا ولم نناقشها.

 

ومطلع فبراير الماضي، زار مصر وفدان من صندوق النقد الدولي أحدهما وفد فني تدريبي والآخر لإجراء مباحثات تمهيدا للمراجعة النهائية من الصندوق على برنامج البلاد في فبراير.

 

 الخبير الاقتصادي إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات قال إن مصر والصندوق اتفقا على عدد من الإجراءات تحصل مصر بموجبها على القرض، مضيفا أن الزيارة كانت بغرض قياس مدى التزام مصر بالإصلاحات التي تعهدت بها.


واستبعد الدسوقي في تصريح لـ"مصر العربية" أن يكون للوفد الذي زار مصر لأغراض تدريبية أية أهداف للتدخل في إعداد الموازنة، مضيفا أن مصر متعهدة في الأساس باتخاذ إجراءات معينة أمام الصندوق، وقائلا "مصر اتفقت على شروط القرض مسبقا".


ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي مدحت نافع لـ"مصر العربية": "بعثة صندوق النقد جاءت مصر لتقييم أثر الإصلاحات الاقتصادية بعد التعويم.. وطالما الشعب مبسوط حياخد إصلاحات جديدة".


ويلزم الاتفاق مصر أيضا بإجراء إصلاحات هيكلية على المدى الطويل ووضع قوانين جديدة للإفلاس ومنح التراخيص الصناعية وتشريعات أخرى، تهدف إلى تقليص الروتين الحكومي وتشجيع استثمارات القطاع الخاص.


ومن بين أجرأ تلك الخطوات، خطة تضعها مصر لإصلاح قطاع البترول بوجه عام والهيئة المصرية العامة للبترول بشكل خاص. وستقوم مصر بالانتهاء من تطوير الخطة بنهاية مارس المقبل.


ومن المقرر أن تسدد الهيئة المصرية العامة للبترول مستحقات متأخرة بنحو 3.6 مليار دولار لشركات النفط العالمية، مع العمل على عدم تراكم مستحقات جديدة عليها.

اعلان