ضريبة الدمغة على البورصة| الحكومة: أمر واقع .. ومستثمرون: غير دستورية
بعد أكثر من 3 ثلاث سنوات على إلغائها، تسعى الحكومة المصرية لإحياء العمل بضريبة الدمغة على معاملات البورصة لتعزيز حصيلة مواردها الضريبية ولكن هذه المرة بنسبة أكبر من السابق.
وبينما تتجه الحكومة لفرضها كأمر واقع، فإن بعض المستثمرين أكدوا اللجوء للقضاء للطعن عليها بدعوى عدم دستوريتها.
وكانت وثائق صندوق النقد الدولي حول القرض المصري، قالت إن الحكومة ستُطبق ضريبة الأرباح الرأسمالية على معاملات البورصة، في موعد لا يتجاوز السنة المالية 2017-2018.
وتأجلت الضريبةالرأسمالية بقرار من المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية، ولمدة 3 سنوات تبدأ من 17 مايو المقبل، وذلك بناء على مطالب من ممثلي سوق المال.
وزير المالية، قال إنه عرض على رئيس مجلس الوزراء -الأسبوع الماضي- مشروع ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة في صورته النهائية، وتم الموافقة عليه ليتم عرضه على مجلس الوزراء.
عمرو الجارحي، قال إن ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة ستنقسم إلى 3 شرائح، الشريحة الأولى منها هي 1.25 في الألف خلال السنة الأولى، و1.5 في الألف في السنة الثانية لتطبيقها، و1.75 في الألف لتطبيقها في السنة الثالثة، وبمجرد موافقة المجلس، سيتم إرسالها إلى مجلس الدولة لمراجعهتا سترسل إلى مجلس النواب لإقرارها.
وأشار إلى أن الإيرادات المتوقعة من الضريبة تبلغ مليار جنيه، ولا يمكن التنبؤ بحجم العائد عند تطبيق المراحل التالية؛ لأنه يتوقف على قيمة التداول في البورصة.
يُشار إلى أنه في عام 2013 تم فرض ضريبة الدمغة على معاملات البورصة، وفي تصريحات لـ«مصر العربية»، قالت نجلاء فراج، خبيرة أسواق المال، إن ضريبة الدمغة تم إلغائها بعد إقرارها في 2013 بسبب عدم دستوريتها، وعدم وجود نص قانوني يُجبر المستثمر على دفع هذه الضريبة.
وأوضحت أن هناك العديد من المستثمرين من المحتمل أن يلجأوا إلى القضاء بسبب الضرر الواقع عليهم جراء فرض ضريبة الدمغة، وأشارت إلى أنه من الممكن أن ينتظر هؤلاء المستثمرون عام أو عامين حتى يتم البت في الأمر، ومن الممكن أن تلجأ الحكومة في هذه الحالة لتفعيل قانون خاص بها.
«فراج» أكدت أنّ قرار وزارة المالية بفرض ضريبة تصاعدية، سيئ جدًا على المتعاملين بالبورصة، وعلى الرغم من تقبل المستثمرين لضريبة الـ 1 في الألف، إلاّ أن وزارة المالية لم تقتنع بهذا، مشيرة إلى أن القرار سيؤثر بشكل كبير جدًا على المستثمرين الأفراد -يُشكلون أكثر من 70 %- أكثر من المؤسسات.
إيهاب سعيد، عضو شعبة الأوراق المالية، كان قد أكد في تصريحات صحفية سابقة، أنّ مثل هذه الرسوم تفقد البورصة المصرية تنافسيتها بين الأسواق الأخرى المماثلة فكل دول المنطقة وأغلبية الأسواق الناشئة تعفي التعاملات والتصرفات التى تتم داخل أسواق المال من أي ضرائب أو رسوم لتشجيعها.
وأوضح أن ذلك يؤدي إلى انخفاض ونقص في الإيرادات العامة للدولة فعلى صانع السياسة المالية أن يراعي إحداث قدر من التوزان بين هدفين اساسين هما تشجيع الاستثمار والإدخار من جانب وتحقيق العدالة الضريبية من جانب آخر ، ولذلك عند فرض الرسم الجديد فان قيمة الحصيلة المتوقعة للدولة مع هذا القرار لا تتماشى مع حجم الاستثمار التى قد تترتب علي تأثيراته
زياد شتا، مدير حسابات العملاء، لدى شركة "جراند انفستمنت"، قال في تصريحات لـ«مصر العربية» إن هناك حكما قضائيا صدر بعدم دستورية فرض ضريبة الدمغة النسبية على البورصة في سبتمبر عام 1996، وجاء في حيثيات الحكم أن الأصل فى الضريبة أن يكون محلّها إيراد دوري منتظم، وهو ما يعني أن يكون وعاؤها دخلًا مطردًا متجددًا، وأن يظل وعاؤها قائمًا، فإذا زال بعد وجوده، أو كان غير محقَّق الوجود، أو كان استمرار تطبيقها مُفضيًا إلى تآكله، كان فرضها منافيًا للدستور.
وأضاف «شتا» على الرغم من هذا الحكم إلا أن الحكومة فرضتها في 2013 وألغتها بعد ذلك دون أن ترد للعملاء والمستثمرين أموالهم، مشيرًا إلى أن القرار أصبح كالأمر الواقع وحتى إذا صدر حكم قضائي جديد بإلغائه فلن تسترد الأموال، والحكومة تتعامل مع القرار كـ «سبوبه» ولن تتنازل عن تنفيذ هذا القرار.
من جانبه، كشف عوض الترساوي، المستشار القانوني، عن اعتزامه الطعن على قرار فرض ضريبة دمغة على تعاملات البورصة، حال استقرار وزارة المالية المصرية على تطبيقها من جديد، والدفع بعدم دستوريتها.
وقال في تصريحات صحفية، إن ضريبة الدمغة تم حسم عدم دستوريتها خلال الفترة الأولى لتطبيقها، الا أن فرضها من جديد وفقًا لقانون جديد يؤدي للطعن مجددًا على القرار ومن ثم القانون الخاص بها فى القضاء.
ويبلغ عدد الشركات المقيدة في بورصة مصر وبورصة النيل أكثر من 270 شركة، ويبلغ عدد المستثمرين الذين لهم حق التعامل في السوق أكثر من 500 ألف مستثمر، لكن عدد المتعاملين الذين يتداولون مرة واحدة سنويا على الأقل يبلغ ما بين 80 ألفا و100 ألف مستثمر.
عيسى فتحي «نائب رئيس شعبة الأوراق المالية»، أكد في تصريحات لـ«مصر العربية» على عدم قانونية ضريبة الدمغة، وأضاف: «ضريبة الدمغة تتعارض مع المواد 27،28 من المواد الاقتصادية للدستور والتي تعني بزيادة جذب الاستثمار وزيادة الدخل».
وأوضح «فتحي» أن هذا القانون ليس له وجود في أي بورصة في العالم، فمن الطبيعي لنا كجزء من ذلك العالم ألا تكون موجودة عندنا كذلك، وأشار إلى أن الحكومة تتخذ قرارات على غير أسس».
وأضاف: «وزير المالية اكتفى برأي رفقائه، بالإضافة إلى كبار المستثمرين كـ"ياسر الملواني" -رئيس مجلس إدارة المجموعة المالية "هيرمس" والتي تقبع على رأس أكبر بنك استثماري في مصر وتعد الشركة الرائدة في مجال وساطة الأوراق المالية-، ولم يعبأ بالمستثمرين الناشئين الذين يعملون بشكل يومي في مجال الاستثمار، الذين بإمكانهم إضافة الكثير بنسبة قد تتعدى 40% من نسبة الدخل للبورصة والسيولة».
وأكد فتحي أن للمستثمرين المحتجين كامل الحق في الطعن على القانون بعد صدوره من مجلس الشعب كونهم أصحاب القضية وقد نضم صوتنا إليهم وذلك أن تعاملاتهم تعود علينا بالفائدة، وتابع: «ذلك الطعن قد حدث بالفعل من قبل في عام 2013 مما أدى إلى أن الحكومة جمدت ذلك القرار فاكتفى المستثمرون بضياع النسبةالمهدرة على أن يعاودا عملهم بدون تلك الضريبة».
وكانت البورصة المصرية معفاةً تماماً من أي ضرائب على الأرباح المحققة؛ نتيجة المعاملات أو التي توزع في شكل نقدي أو مجاني على المساهمين بالشركات المقيدة.
شريف سامي، رئيس هيئة الرقابة المالية، قال لـ«مصر العربية»، إنه لا يمكن للهيئة الطعن على القرار أو الاعتراض عليه، لأنه تم بمشورتنا -رافضًا الافصاح عن توصياته لوزارة المالية- مشيرًا إلى أن قضية المستثمرين المحتجين على هذا القرار مرده فقط إلى القضاء وليس لنا اختصاصات في التدخل في شئون القضاء أو التنبؤ بما سيكون في شأنهم.