دبلوماسيون :
بعد وصفها بـ«البقرة الحلوب».. لهذه الأسباب عدَل ترامب قناعاته تجاه السعودية
"السعودية بقرة حلوب تدر ذهبا ودولارات بحسب الطلب الأمريكي، متى جف ضرعها ولم تعد تعطي الدولارات والذهب عند ذلك نأمر بذبحها أو نطلب من غيرنا بذبحها"، بهذه الكلمات وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السعودية، إبان حملته الانتخابية، بحسب ما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية وقتها .
وبعد مرور نحو 4 أشهر من تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، بدى المشهد مختلفا تماما، فبعد أن وعد في حملته الانتخابية بمنع دخول المسلمين لبلاده، يجلس اليوم، بجوار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في قمة إسلامية أمريكية ، لتكون زيارته للمكلة هي أول رحلة خارجية للرئيس الأمريكي الجديد.
ووصل ترامب، اليوم السبت، إلى السعودية وسط استقبال حافل من المملكة، للمشاركة في القمة العربية الإسلامية الأمريكية غدا الأحد، والمقرر أن يلقي فيها ترامب خطابا عن "آماله في رؤية سلمية للإسلام"، في حضور 37 من قادة البلدان الإسلامية.
ونشر مغردون سعوديون عبر "تويتر" وثيقة سرية أظهرت أن تكلفة التجهيزات السعودية لاستقبال ترامب، بلغت نحو 250 مليون ريال.
السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، رأى أن زيارة ترامب للسعودية "مدفوعة الثمن"، وذلك بضخ الاستثمارات السعودية بمليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي.
وأشار القويسني، لـ "مصر العربية"، إلى أنه ربما تكون السعودية تدفع بهذه الزيارة الثمن الذي تحدث عنه ترامب أثناء حملته الانتخابية، في خطاب وصفه بـ"السافر" البعيد عن كافة الأعراف الدبلوماسية.
وقال ترامب في إحدى خطاباته أثناء الحملة الانتخابية "دول الخليج عليها دفع ثمن الحماية الأمريكية لها، وأنه لولا الدعم الأمريكي للحفاظ على أمن السعودية ما بقيت المملكة إلى الآن".
وفي إحدى الحوارت الصحفية أثناء حملته الانتخابية، هاجم ترامب السعودية وطالبها بدفع ثلاثة أرباع ثروتها كبدل عن الحماية التي تقدمها القوات الأمريكية لآل سعود داخليا وخارجيا.
وتابع القويسني أن ترامب أظهر في خطاباته ما يكنه من عداء للإسلام والمسلمين، لافتا إلى المزاج العام الأمريكي والذي بات ضدد السعودية وهو ما تمثل في قانون "جاستا" الذي أصدره الكونجرس الأمريكي ضد السعودية.
وقانون "جاستا" الذي يعني "العدالة في مواجهة رعاة النشاط الإرهابي"، أصدره الكونغرس في نوفمبر 2016، والذي يوجه الاتهام للسعودية بالضلوع مباشرة في اعتداءات 11 سبتمبر 2001، فيما تنفي الحكومة السعودية مسؤوليتها عن الهجوم .
وأردف القويسني أن ترامب يتحدث اليوم عن شراكات أمنية وتعاون في ردع الإرهاب والسيطرة على التطرف الإسلامي وتعزيز التعاون في مجالات مختلفة.
واستطرد أن هذه الزيارة جاءت في وقت خاطيء يتعرض فيه ترامب لضغوط داخلية قد تحرج موقفه، مشبها إياها بزيارة الرئيس الأمريكي الراحل نيكسون إلى مصر إبان حكم الرئيس الراحل أنور السادات.
وكان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيسكون اضطر للتنحي في بداية فترة رئاسته الثانية بسبب فضيحة ووترجيت تحت وطأة تهديد الكونغرس الأمريكي بإدانته.
وفي السياق ذاته قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة ترامب للسعودية تعد تطورا كبيرا في موقف الرئيس الأمريكي، فبعد عداء للإسلام والمسلمين يذهب بنفسه إلى العالم الإسلامي ويطرق الباب .
وكان "ترامب" استقبل في 14 مارس الماضي ولي ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” في أول لقاء يجمعه بمسؤول خليجي رفيع المستوى بالبيت الأبيض.
واعتبر بيومي أن هذه الزيارة دليل على نجاح كل الأطراف في احتواء الاختلاف وتغيير موقف ترامب المعادي للإسلام، والنظر للدول الإسلامية على أنها شريك في السلام والاستقرار.
وحذر مساعد وزير الخارجية الأسبق من أن يكون هدف ترامب هو تقسيم العالم الإسلامي إلى "سني" و"شيعي"، وأنه في هذه الحالة ستخسر الدول الإسلامية إذا نجح في ذلك.
ولفت إلى أن الهدف من زيارة ترامب للسعودية هو امتصاص أكبر قدر من الاستثمارات السعودية، مستشهدا بصفقة السلاح التي عقدتها المملكة مع أمريكا بمبلغ 110 مليار دولار، ونحو 200 مليار استثمارات سعودية يتردد أنه سيتم ضخها في الاقتصاد الأمريكي.
ونقلت وكالة رويترز عن أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية أرامكو السعودية، إن الشركة تتوقع توقيع صفقات قيمتها 50 مليار دولار مع شركات أمريكية يوم السبت في إطار مسعى لتنويع موارد اقتصاد المملكة المعتمد على صادرات النفط.
وأوضح طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية في القاهرة ، أن نموذج المصلحة هو من يحكم العلاقات بين أمريكا والسعودية ودول الخليج، وأن مبدأ المكسب والخسارة هو ما دفع ترامب لتجاوز كرهه للإسلام وعدائه له.
وأضاف فهمي أن ترامب أدرك أهمية دول الخليج في حجم الاستثمارات والصفقات التي يمكن للولايات المتحدة الاستفادة منها، مشيرا إلى أن ترامب يتبنى موقف عدائي من الإسلام ويتحدث حاليا عن القواسم المشتركة بين الديانات لمكافحة التطرف، ولكن المشكلة في أن الإدارة الأمريكية ليس لديها رؤية واضحة في هذا الاتجاه.
ورأى أن ترامب له عدة أهداف من وراء هذه الزيارة منها مواجهة النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة ومحاولة إعادة تقديم نفسه كزعيم للعالم، ولكنه حاليا في أضعف حالاته لما يتعرض له من ضغوط في بلاده.