بالأرقام..
حجم الخسائر .. Ever Given سفينة «وقفت حال المراكب السايرة»
"وقفت حال المراكب السايرة.."؛ مَثل رُبما ينطبق على سفينة الحاويات البنمية العملاقة "إيفر جيفن" التي قطعت الطريق بالعرض على قوافل السفن القادمة ورائها للعبور من الممر الملاحي لقناة السويس، منذ الثلاثاء الماضي، بعد جنوحها وسط محاولات عدة لتعويمها من أجل وقف نزيف الخسائر اليومية المقدرة بالمليارات.
فبعد أن بدأت مؤشرات الاقتصاد العالمي في التعافي من تداعيات جائحة "كوفيد -19"، جاءت أزمة السفينة البنمية لتثير المخاوف حول تراجع هذه المؤشرات مرة أخرى، فغلق قناة السويس في أعقاب جنوح سفينة الحاويات العملاقة "إيفر جيفن" أثر على التجارة العالمية..
حجم الخسائر
حيث كشف تقرير صادر عن مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء نقلًا عن وكالة "بلومبرج وفاينانشيال تايمز" عن أن توقف المجرى الملاحي لقناة السويس سيكلف العالم الكثير من الأموال..
فالخسائر الناتجة عن توقف قناة السويس قدرت بنحو 10 مليارات دولار يوميًا، مشيرة إلى أن البضائع العابرة من قناة السويس من سلع نفطية وغير نفطية تقدر بنحو 10 مليارات دولار، وأكد التقرير أن استمرار إغلاق سيؤدي إلى تضرر تجارة العالم بشدة.
ففي ساعة واحدة فقط تبلغ حجم خسائر التجارة العالمية نحو 400 مليون دولار على خلفية تلك الأزمة، أما خسائر مصر فتراواحت بين 18 إلى 20 مليون دولار في اليوم إثر تعطل القناة، بحسبة بسيطة نجد أنها خسرت حتى الآن في 6 أيام منذ جنوح السفينة صباح الثلاثاء الماضي ما بين 108 إلى 120 مليون دولار ، حيث أن معدل عبور السفن بالقناة في اليوم الواحد يصل إلى 52 سفينة.
وسلط الانفوجراف الذي نشره مركز معلومات مجلس الوزراء الضوء على ارتفاع أسعار النفط كنتيجة لتوقف قناة السويس، حيث ارتفع خام برنت بنسبة 6 % تقريبًا ليصل إلى 64 دولارًا للبرميل..
وأشار إلى أن أكثر من 50 سفينة تبحر عبر قناة السويس يوميًا، كونها تعد الشريان الرئيسي للتجارة العالمية إذ يمر بها ما لا يقل عن 10 % من التجارة البحرية العالمية وتصل تلك النسبة إلى 12 %، وكذلك 10 % من شحنات النفط المنقول عبر البحر، الأمر الذي يخلق مخاوف كبيرة بشأن تعطيل سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم.
قصة السفينة البنمية الجانحة
إيفر جيفن هي سفينة عملاقة، تحمل علم بنما، يتم تشغيلها بواسطة شركة النقل البحرية التايوانية "إبفرجرين" تم تصنيعها عام 2018، انطلقت في رحلة تجارية تشمل 5 دول، بدأتها من الصين وكان من المقرر لها الوصول إلى ميناء روتردام الهولندي في 31 مارس الجاري فسرعتها القصوى تصل إلى 181 كم في الساعة، إلا أنها أثناء عبورها من قناة السويس جنحت عن مسارها وتسببت في قطع الطريق أمام القوافل خلفها لنحو أسبوع كامل، ولا تزال محاولات تعويمها مستمرة.
طولها يعادل 4 ملاعب كرة قدم
فالأمر ليس هينًا على الإطلاق نظرًا لأن طولها يعادل طول أربعة ملاعب كرة قدم حيث يصل إلى 400 متر، ورغم هذا فإنها وقفت بعد جنوحها بعرض الممر الملاحي الذي يقل عن طولها النصف حيث يبلغ 225 مترًا، فضلًا عن كونها تحمل على متنها 20 ألف حاوية وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة مهمة التعويم.
بداية الأزمة
وقع الحادث صباح الثلاثاء الماضي، وارجعته هيئة قناة السويس في البداية بشكل أساسي إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظرًا لمرور البلاد بعاصفة ترابية، بلغت معها سرعة الرياح 40 عقدة، مما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة ومن ثم جنوحها، بحسب البيان الصادر عن الصفحة الرسمية لقناة السويس حينها.
وعن ملابسات واقعة جنوح السفينة البنمية، أوضح الفريق أسامة ربيع، رئيس قناة السويس، أن السفينة البنمية EVER GIVEN عبرت قناة السويس يوم الثلاثاء الماضي ضمن قافلة الجنوب المتجهة من السويس إلى بورسعيد وسبقها في العبور إثنى عشرة سفينة، كما عبرت في ذات اليوم، من قافلة الشمال ٣٠ سفينة وتوقفت السفن للانتظار ببحيرة التمساح ومنطقة البحيرات، لافتا إلى أن إجمالي عدد السفن المنتظرة في مناطق الانتظار حتى الجمعة الماضية بلغ ٣٢١ سفينة يتم تقديم لهم كافة الخدمات اللوجيستية.
وأوضح رئيس الهيئة أن الحادث وقع في بداية المدخل الجنوبي للقناة وليس بقناة السويس الجديدة، بل على النقيض لم تكن لتتوقف حركة الملاحة بالقناة إذا حدثت في قناة السويس الجديدة.
وأكد على أنه لا يمكننا الجزم بالأسباب المؤدية للحادث بشكل واضح، حيث تظل مثل هذه الحوادث الكبيرة حوادث مركبة لها أكثر من عامل ويظل عامل الطقس السيئ مجرد عامل مساعد وليس العامل الرئيسي لاسيما وأن الملاحة في قناة السويس تنتظم بشكلها الطبيعي حتى خلال موجات الطقس السيئ.
محاولات التعويم
وبناءً عليه بدأت القناة في إجراءات تعويم سفينة الحاويات البنمية في اليوم التالي للحادث، حيث تم الدفع بحفارات أرضية لرفع الآثار الناجمة عن جنوح "إيفر جيفن" على جوانب وستائر القناة التي تضررت بشكل كبير بالإضافة إلى إزاحة الصخور مقدمة السفينة تمهيدًا للبدء في إجراءات تعويمها.
ولجأت هيئة قناة السويس إلى تخفيف مياه الإتزان بحمولة ٩ آلاف طن لتخفيف حمولة السفينة وتسهيل أعمال تعويمها، وذلك بالتوازي مع تنظيم حركة الملاحة من خلال تغيير موعد قافلة الشمال للتحرك متأخرة عن موعدها المعتاد، حيث كان من المستهدف إكمال رحلتها في القناة وفقا للسيناريو الأول لإدارة الأزمة..
ولكن نظرًا لعدم تعويم السفينة تم اللجوء إلى توجيه سفن القافلة للانتظار بالجراجات وأماكن الانتظار المخصصة في البحيرات، وصدر قرار بتعليق حركة الملاحة بالقناة مؤقتًا، لحين الانتهاء من أعمال تعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة EVER GIVEN الجانحة بالكيلو متر 151ترقيم قناة..
سيناريو تخفيف الحمولة
تواصلت إدارة قناة السوبس مع وكيل السفينة والشركة المالكة لها لتوحيد الجهود، وبالفعل بادرت الشركة المالكة بالتعاقد مع شركة SMIT الهولندية المتخصصة في أعمال الإنقاذ البحري والتنسيق مع الهيئة ليلتحق بفريق عمل الهيئة خلال اليومين التاليين للحادث.
مساء الأربعاء، بدأت أعمال التكريك لإزالة كميات الرمال المحيطة بالمنطقة الامامية للسفينة بما يسمح بتعويمها وذلك من خلال الكراكة العاشر من رمضان لتمهيد الطريق لدخول الكراكة مشهور التي بدأت العمل فعليا صباح يوم الخميس الماضي.
فور وصول الفريق الهولندي الخميس الماضي تم الاجتماع مع مجموعة عمل الهيئة لبحث إجراءات تعويم السفينة، اوصى باستخدام التكريك واستبعاد اللجوء إلى سيناريو تخفيف الحمولة نظرًا لصعوبة تطبيقه.
وشملت إجراءات تعويم السفينة خلال اليوم الثاني من العمل، الخميس الماضي، قيام الكراكة مشهور بالتكريك بمحيط منطقة مقدمة السفينة لإزالة كميات مستهدفة من الرمال تقدر بحوالي من ١٥ إلى ٢٠ ألف متر مكعب من الرمال.
كما تم التنسيق مع جهات خارجية مثل شركة الخدمات البحرية MARADIVE ، وهيئة موانيء البحر الأحمر لدفع بقاطرات إضافية للمشاركة في أعمال الشد، إلى جانب الدفع بقاطرات الهيئة عزت عادل وبركة ١ بقوة شد ١٦٠ طن.
وفي يوم الجمعة، انتهت أعمال التكريك بالوصول لغاطس ١٣ مترا ثم اعلنت الهيئة حينها عن البدء في مساء اليوم ذاته في مناورات الشد باشتراك ١٤ قاطرة، وبدأت البشائر تلوح في الأفق وقتها حيث عمل المحرك والدفه بكامل طاقتهما..
وكانت نتائج أعمال التكريك حتى أمس الأحد بواسطة الكراكة مشهور إحدى كراكات الهيئة بلغت ٢٧ ألف متر مكعب من الرمال، على عمق وصل إلى ١٨ مترا، ولفتت الهيئة أنها راعت حدوث انهيارات ترابية من أسفل السفينة للمناطق التي يتم تكريكها.
كما تمت أمس مناورات الشد تمت بواسطة ١٢ قاطرة تقوم بالعمل من ثلاثة اتجاهات مختلفة، حيث تعمل القاطرتان بركة ١ وعزت عادل على شد مقدمة السفينة، فيما تقوم ٦ قاطرات بدفع مؤخر السفينة جنوبا، وأربع قاطرات أخرى بشد مؤخر السفينة جنوبا.
وتم تكثيف العمل لإزالة تكسيات القناة و التكريك بمحيط مقدمة السفينة الجانحة لتسهيل عملية تعويمها أثناء مناورات الشد.
وفي حال عدم نجاح عملية التعويم ستلجأ هيئة قناة السويس إلى الخطة C بتفريغ الحمولة والتي تم تأجيلها نظرًا لصعوبة فضلًا عن حجم الحاويات الهائل.
من المقرر الدفع بالقاطرتين الجديدتين " عبد الحميد يوسف " و"مصطفى محمود" للمشاركة في مناورات الشد بعد اكتمال بنائهما بترسانة بورسعيد البحرية بقوة شد ٧٠ طن وانتهاء تجارب البحر وتجارب التشغيل..
تجدر الإشارة، إلى أن القاطرتين الجديدتين تتماثلان في المواصفات الفنية، يبلغ طول كل قاطرة 35.87 متر، وعرضها 12.5 متر، بغاطس كلي 5.75 متر، وسرعتها 13 عقدة، كما تمتاز برفاصات ذات قدرة وكفاءة عالية - وفقًا لهيئة قناة السويس- مصنوعة من قبل شركة Voith الألمانية، وماكينات من شركة DAIHATSU اليابانية.