بعقوبات روسيا وحظر الاستيطان .. أوباما يستعرض العضلات في الوقت الضائع
بخلاف ما سار عليه الرئيس الامريكي المنتهية ولايته باراك أوباما طيلة 8 سنوات حكم فيها الولايات المتحدة بدأ الخروج عن المألوف في التصعيد ضد الروس وإغضاب الإسرائيليين رغم أنه في فترة انتقالية تنتهي 20 يناير حيث يتقلد الرئيس المنتخب دونلاد ترامب مقاليد الحكم.
طوال فترة حكمه كانت إدارة أوباما تنحاز بشكل كامل لكل المواقف الإسرائيلية بجانب انبطاحها الشديد أمام التوغل الروسي في سوريا والمنطقة، حتى تنقلب الأمور في أواخر أيامه ما جعل المراقبين يذهبون إلى أن أوباما يحاول تسجيل بطولات وتبييض صفحته في الوقت الضائع.
أول الخروج عن المألوف كان 23 ديسمبر حين عزفت واشنطن عن استخدام حق النقض في مجلس الأمن "الفيتو" ضد قرار يقضي بإدانة وحظر بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة على غير ما جرت العادة بل أن إدارة أوباما نفسها من استخدمت حق الفيتو في نقض مشروع قرار شبيه في 2011.
انبطاح أمام الروس
الولايات المتحدة في عهد أوباما تركت الأمور في سوريا للروس يفعلون بها ما يشاؤون حتى أنها وقفت تتفرج على سقوط مناطق سيطرة المعارضة التي تصنفها الولايات المتحدة معتدلة وتدعمها واحدة تلو الأخرى، ولم تتخذ أي موقف ضد روسيا ولكن أوباما اتخذ قرارا مغايرا بعد أن حسمت الانتخابات الأمريكي وفاز بها الحزب الجمهوري غريم حزبه الديموقراطي بطرد 35 دبلوماسيا روسيا من بلاده.
واتهم أوباما موسكو بالتدخل في ملف الانتخابات الأمريكية معتبرا أن سرقة المعلومات وممارسات القرصة كان يسميها لا يمكن حدوثهما إلا من خلال أوامر من أعلى مستويات الحكومة الروسية.
الانتخابات
وقال أوباما: “ينبغي على كل الأمريكيين اتخاذ الحذر من ممارسات الروس، ففي أكتوبر، نشرت إدارتي تقييما مفاده أن موسكو اقترفت ممارسات بهدف التدخل في مسار الانتخابات"
وأردف: “علاوة على ذلك، تعرض دبلوماسيونا لمستوى غير مسبوق من المضايقات في موسكو من أجهزة الأمن الروسية، مثل هذه الممارسات ينبغي أن يكون لها عواقب".
وخرجت واشنطن في الفترة الأخيرة حتى عن ملف المفاوضات حول سوريا ليقتصر الأمر على تركيا وروسيا وإيران وهي كانت أبرز محركي هذا الملف.
وردت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية بأن الرئيس باراك أوباما تصرف بمبدأ "أنا ومن بعدي الطوفان.
وعلقت الولايات المتحدة المحادثات مع روسيا حول الأزمة السورية في أكتوبر الماضي متهمة موسكو بـ"عدم الوفاء بتعهداتها" فيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار وأعربت روسيا حينها عن أسفها للتحرك الأمريكي، متهمة واشنطن بأنها تحاول التملص من مسؤولية انهيار الهدنة الأخيرة.
تسجيل مواقف
الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية رأى أن الرئيس باراك أوباما يحاول أن يسجل مواقفا في نهاية ولايته حتى يقال إنه اتخذ "أكشن" ووقف في وجه الروس بصفته رجلا قويا.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية" أن طرد الدبلوماسيين ليس قطعا لكل العلاقات فالعقوبات الدبلوماسية تبدأ بطرد دبلوماسي معين إلى سحب السفير للتشاور إلى طرد السفير الموجود وتمهله 48 أو 72 ساعة لمغادرة البلاد على قدر الجرم المرتكب ومن ثم إغلاق القنصليات أو إغلاق السفارة وترك العلاقة الاقتصادية
الحد الأدنى
واعتبر حسين التصرف الأمريكي بطرد الدبلوماسيين الروس يمثل الحدث الأدنى من الإجراءات غير الودية وليس الأقصى.
وتابع:” يريد أن يقول إنه لم يقف صامتا، تاركا التصرف فيما بعد للرئيس الجديد دونلاد ترامب والذي بطبيعة الحال يحظى بإعجاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
وشدد أستاذ العلاقات الدولية على أن الحرب بين البلدين ما زالت بعيدة البلاد لأنهما دولتان عظمتان لا تتقاتلان لأن لديهما سلاح نووي والحرب بينهما تعني بلوغ الاثنين الهاوية.
عقبات أمام ترامب
ورأى عادل عامر الخبير السياسي أن أوباما يريد تسجيل بطولات بعد أن أزف الوقت ويريد أن يضع عقبات أمام مرشح الحزب الجمهوري الذي ظفر بالانتخابات للتأكيد أنه يمكن للإدارة السياسية أن تتخذ مواقفا حازمة مثلما فعل أوباما في نهاية عهده حتى لا يتحجج ترامب بأن يكون القرار من المؤسسات الدستورية بعيدا عن إرادته السياسية.
وواصل في حديثه لـ"مصر العربية" :” أوباما يريد أن يحرج ترامب امام الشارع الأمريكي إذا اتخذ أي موقف مخالفا لما قام به".
ومع هذا وصف الخبير السياسي محاولات أوباما بتسجيل انتصارات في الوقت الضائع لا تسمن ولا تغني من جوع.
تبييض صفحته
وقال عاطف الغمري المتخصص في الشؤون الأمريكية في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" إن في نهاية عهد كل رئيس أمريكي يحاول وضع صفحة تسطر تاريخه كأحد الرؤساء العظام ولكن أوباما أثبت أنه غير حازم وغير صادق فأراد في آخر أيامه تنظيف صفحته السوداء بعد 8 سنوات من الانبطاح و الانحياز لإسرائيل
ولفت المتخصص في الشؤون الأمريكية إلى أن أوباما يعلم أن الإدارة الجديدة المنتخبة بقيادة ترامب لها رؤية مغايرة للشرق الأوسط مناقضة لسياسته الخارجية، فأراد أن يكون هناك نوع واضح من المقارنات التاريخية، فكل رئيس أمريكي يحاول أن يخرج من البيض الأبيض بصفحة بيضاء.