عقوبات أمريكا ومناورات إيران .. إلى أين يصل التصعيد؟
بمطرقة الكره لإيران يهدم الرئيس الأمريكي الجديد دونلاد ترامب كل ما بناه سلفه باراك أوباما في علاقة واشنطن بطهران بعد فترة عداء انتهت باتفاق نووي، تعهد ترامب "المرشح الرئاسي" بتمزيقه.
الاتفاق الذي يقضي برفع العقوبات الاقتصادية والمالية الأوروبية والأمريكية على إيران عند بدء تنفيذه كان يلزم إيران بتقييد البرنامج النووي على المدى الطويل مع وضع حد لتخصيب اليورانيوم، وتحويل مفاعل فوردو وهو المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم إلى مركز لأبحاث الفيزياء والتكنولوجيا النووية، و خفض عدد أجهزة الطرد المركزي والسماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنع طهران بناء مفاعلات تعمل بالماء الثقيل.
ولم تهنأ طهران بنتائج هذا الاتفاق طويلا الذي بدأ برفع العقوبات عنها تدريجيا بعد خنقها اقتصادية وعسكريا لسنوات حتى جاء تنصيب دونلاد ترامب ليزيد من العقوبات على إيران.
عقوبات على إيران
ورغم تقليل ترامب حدة نبرته من "تمزيق الاتفاق النووي" إلى مراقبته وتعديله ليكون صالحا إلا أنه سريعا ما اصطدم بطهران بعد أيام من توليه الحكم، إذ فرض البيت الأبيض عقوبات على 13 فردا و12 كيانا بموجب القانون الأمريكي لمعاقبة إيران، ردا على اختبار صاروخ باليستي نفذته طهران، وحذرتها واشنطن مسبقا من الإقدام على هذه الخطوة.
لم يكن هذا توجه ترامب منفردا فأعلن جمهوريون بارزون في الكونغرس تأييدهم لهذه العقوبات، وقال جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي، إن إيران أكبر دولة راعية للإرهاب على مستوى العالم، داعيا إلى ضرورة التطرق لهذا الأمر..
وتابع:" هناك مسؤولية على عاتقنا وباقي الأمم لنكون واضحين تماما مع إيران في هذا الشأن، فلا يجدي إهمال الموضوع أي نفع، وصرف النظر عن الموضوع أيضا لا يجدي نفعا."
جاء ذلك بعد أن حظرت الإدارة الأمريكية دخول مواطني 7 دول من دخول أراضيها على رأسهم إيران، فردت طهران بأن المعاملة ستكون بالمثل.
إيران تواصل الاستفزاز
وردا على الاحتجاجات الأمريكية المرافقة لاختبار الصاروخ الباليستي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي:" بدلا من شكر إيران على معركتها المستمرة ضد الإرهاب…تساعد الحكومة الأمريكية الإرهابيين عمليا من خلال إطلاق مزاعم عن إيران لا أساس لها ومكررة واستفزازية."
ورغم الحرب السياسية بين أمريكا وإيران وتهديدات واشنطن أطلقت الحرس الثوري الإيراني مناورات صاروخية في محافظة سمنان بوسط إيران بدأت من الأمس وتواصلت لليوم بعد يومين من فرض واشنطن عقوبات على طهران.
ترامب لا يجيد السياسة
السفير أحمد فتحي أبو الخير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق قال إن الثابت الآن أن ترامب ليس رجل دولة ولا يفهم كثيرا في السياسة وبالتالي يصدر قرارات ويرسم سياسات لا تتفق مع السياسات الأمريكية السابقة، مفيدا بأن كل سياساته حتى الآن تصطدم بدول أخرى ومصالح دول أخرى.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية:" كما عدل ترامب عن القرار القاضي بمنع دخول مواطني سبع لأمريكا، ربما يعدل عن قرارات أخرى طالما تم تقديم نصيحة إليه بأن هذه القرارات تضر بالولايات المتحدة".
جس نبض
وفيما يتعلق بإيران ذكر أن طهران بدأت بعد انقضاء فترة أوباما تختبر صبر إدارة ترامب وتجس نبضها، فلجأت لتحركات لم تكن تلجأ إليها في فترة أوباما خاصة بعد تقييد إيران بالاتفاق النووي.
ورأى أبو الخير ما يحدث بمناورات سياسية من أجل جس النبض من الجانبين، مرجحا أن يكتشف ترامب لاحقا خطأ سياساتها لأنه يثبت يوميا أنه ليس لديه خبرة كافية ويعرض مصالح أمريكا للخطر.
واستبعد مساعد وزير الخارجية السابق كل احتمالات الصدام العسكري بين الجانبين، مردفا:" ليس هناك دولة تسعى لصدام وإشعال حرب عالمية، وحتى إرسال أمريكا بارجة للبحر الأحمر وتهديد الحوثيين في اليمن مناورة واستعراض للعضلات فواشنطن لن تدخل صداما عسكريا".
الصدام العسكري مستبعد
من جانب آخر رأى محمد حامد الباحث في العلاقات الدولية أن التصعيد الأمريكي الإيراني مستمر ويتزايد ولكن لن يصل للصدام العسكري، مفيدا بأن العقوبات متبادلة بين الطرفين ولكن تأثير العقوبات الأمريكية أقوى بكثير.
وأوضح في حديثه لـ"مصر العربية":" تراجع الاستثمار في إيران من قبل الغرب في طهران بعد تفاؤل ضئيل بعد رفع العقوبات قبل عام"، مفيدا بأن طهران عادت إلى دور المعرقل في الملفات السياسية والجيو سياسية في المنطقة خاصة لجوء إيران الى استخدام الفواعل من غير الدول المتمثل في أدواتها حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي و الحوثيين في اليمن.
ومع هذا لن تلجأ واشنطن للتصعيد العسكري لأن ترامب وقت انتخابه أعلن صراحة أن بلاده لن لن يخوض حروب جديدة مهما كان الثمن، ولكن الإدارة الأمريكية تكره حقيقة مشروعات إيران في المنطقة وتحاول تحجيمها.