بعد انتقاده الاستيطان .. لماذا تغيرت نبرة ترامب تجاه إسرائيل؟
في أول انتقاد لإسرائيل منذ توليه الرئاسة الشهر الماضي، اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، لا يصب في مصلحة السلام، ما يثير تساؤلاً هل انقلب ترامب على إسرائيل بعدما استفاد منها للوصول لكرسي الرئاسة؟ أم أن انتقاده لها مجرد حيلة لتقليل الصدامات مع العرب؟
وقال ترامب في لقاء مع صحيفة "إسرائيل توداي"، قبيل أيام قليلة من لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، إن "المساحة المتاحة محدودة وكل مرة تأخذ الأرض للمستوطنات، فإن المساحة تقل، لا أعتقد أن المضي قدمًا في هذا يساعد السلام، ولكننا نبحث في كل الخيارات".
ويعتبر المجتمع الدولي جميع المستوطنات غير قانونية، سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أم لا، وبأنها تشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام بين الاحتلال الإسرائيلي والدولة الفلسطينية.
ومنذ تنصيب ترامب في العشرين من يناير الماضي أعطت حكومة بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لبناء 5666 وحدة سكنية في ثلاثة أحياء استيطانية في القدس المحتلة، وأعلنت أنها ستبني 2502 وحدة استيطانية في الضفة الغربية.
وعود ترامب لليهود
وكان ترامب قد ألمح خلال حملته الانتخابية إلى أنه سوف يغير سياسات سلفه باراك أوباما وأنه سيكون أكثر تقبلاً للمستوطنات الإسرائيلية.
ولم يصدر البيت الأبيض منذ تولي ترامب الرئاسة أي إدانة للمستوطنات على عكس ما كان يحدث في عهد أوباما لكنه كسر صمته الأسبوع الماضي منذ تمرير قانون مثير للجدل بأثر رجعي يشرعن 3800 بيت استيطاني بني على أراض فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
تكريس الاستيطان
وبدأت إسرائيل خطوات نحو تكريس الاستيطان، منذ تولي الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، مهامه وكان أخطرها القرار الذي اتخذه الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، لترخيص المستوطنات، والمسمى اصطلاحاً " قانون التبييض"، ومن خلاله يحق لإسرائيل بناء مستوطنة على أي أرض فلسطينية، خاصة مع إبقاء ملكية هذه الأرض لأصحابها الأصليين.
ويعيش أكثر من 600 ألف يهودي في نحو 140 مستوطنة بنيت منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1967، وهي أراض يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.
مراجعة للسياسات
وقال الدكتور أنس القصاص، الباحث في العلاقات الدولية إن تصريحات ترامب وانتقاده للاستيطان جاءت في إطار مراجعة لسياسات حملته الانتخابية التي أطلقت تصريحات مثيرة لا تتماشى مع الدور الأمريكي الحالي في المنطقة.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن هناك ضغوطا كبيرة من الداخل الأمريكي على ترامب لتغيير آرائه العنصرية تجاه بعض القضايا والملفات لاسيما قضية الاستيطان التي تعمل أمريكا لأجلها منذ ربع قرن من أجل حل الدولتين.
وأوضح أن الضغوط الأمريكية على ترامب من أجل عدم مساندة دولة الاحتلال حتى لا يتحقق المطلب البريطاني الداعي إلى حل الدولة الواحدة الذي إذا تحقق ستكون المحصلة أن الولايات المتحدة خارج اللعبة السياسية.
توازن
بدوره قال غازي فخري عضو المجلس الوطني الفلسطيني، إن السياسات الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني لا تتغير بتغير الأشخاص، وإنما بتغير الأساليب، هذا عندما يكون رئيس أمريكا طبيعيا، أما في الوضع الحالي فإن ترامب من البداية معروف بتصريحاته المثيرة والمستفزة تجاه العرب، فهو لن يتغير، ولكن قد يكون فرض عليه الإدلاء بتصريحات متوازنة بعض الشيء.
حرج من المجتمع الدولي
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن ترامب اضطر للتصريح بانتقاده للاستيطان ليس حبًا في الفلسطينين، وإنما حرجًا من المجتمع الدولي الذي احتجّ على زيادة نسبة الاستيطان منذ تولي ترامب الرئاسة الأمريكية.
وأوضح أن المجتمع الدولي يتجه إلى حل الدولتين، فمن الطبيعي أن يكون ترامب متوازنا قليلا، لافتاً إلى أن العرب وضعهم بائس اليوم لكن هناك حسابات أخرى تراعيها الإدارة الأمريكية في معالجة أي ملف أو قضية بالمنطقة.