بسيطرته على موانئ نفطية .. السراج يدفن المصالحة الليبية
لا يكد المشهد السياسي في ليبيا أن يهدأ لفترة حتى تجتاحه عاصفة جديدة تقتلع بذور أي مصالحة بين الفرقاء السياسيين، ويبدو المشهد السياسي في طريقه للتصعيد بعد أن اتهم عدد من نواب البرلمان المجلس الرئاسي بالتورط في هجوم منطقة الهلال النفطي.
وسيطرت "سرايا الدفاع عن بنغازي" على مجمع راس لانوف النفطي الذي يضم مطارا وميناء إضافة إلى ميناء السدرة القريب.
وكانت قوات حفتر قد سيطرت في سبتمبر الماضي على أربع منشآت نفطية رئيسية هي الزويتينة والبريقة وراس لانوف والسدرة، وكانت جميعها تحت سيطرة قوة حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق.
انقسام
وتنقسم ليبيا بين سلطتين: حكومة وفاق في طرابلس يرأسها فايز السراج ويعترف بها المجتمع الدولي وحكومة موازية في الشرق مرتبطة بحفتر.
ووجهت الحكومة المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب الاتهام للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني بالتورط في دعم قوات ما يعرف بــ"سرايا الدفاع"، لكن حكومة الوفاق نفت أي صلة لها بالتصعيد العسكري في منطقة الهلال النفطي.
وفشلت مبادرات عدة في تقريب حكومة الوفاق وحفتر، فيما تحتاج ليبيا الغارقة في الفوضى والانقسامات منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011 إلى إنعاش قطاعها النفطي الذي يشكل المصدر الرئيسي لعائدات اقتصاد البلاد.
دعوة أممية
من جهته، دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر إلى تجنب التصعيد، وطالب الطرفين بالامتناع عن أي تصعيد وضمان حماية المدنيين والموارد الطبيعية والمنشآت النفطية الليبية.
وتراجع إنتاج ليبيا من النفط إلى خمس ما كان في 2010، في الوقت الذي تملك فيه البلاد أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا يقدر بـ48 مليار برميل.
إدانة مصرية
وأدانت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها، الهجوم الذي تعرضت له منشآت نفطية ليبية وشاركت فيه عناصر محسوبة على تنظيم القاعدة.
وأضاف البيان "هذه الهجمات تعرض الوضع في ليبيا لمخاطر جسيمة، وتهدد بتقويض التقدم الذي حدث في الفترة الأخيرة، سواء على صعيد المسار السياسي ومساعي بناء على توافق ليبي ليبي للخروج من حالة الانسداد السياسي القائمة".
وتشارك مصر في اجتماعات دولية بشأن ليبيا، التي انقسمت إلى فصائل سياسية ومسلحة متنافسة بعد الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي عام 2011.
تعليق الحوار
وتزامنا مع سحب الهلال النفطي منه زار خليفة حفتر القاهرة هذا الأسبوع لبحث حلول الأزمة الليبية مع المسئولين المصريين، بعد إعلان مجلس النواب الليبى تعليق الحوار الوطنى.
واتجه نواب من البرلمان لمقاطعة الحوار السياسي بكافة مساراته عبر عدد من التوقيعات وطالبوا أعضاء المجلس الرئاسي الموالين للمجلس بــ"بالانسحاب منه وإعلان استقالاتهم".
ومنذ أكثر من شهر تسعى دول الجزائر ومصر وتونس لتكثيف جهودها في التواصل مع كافة الأطراف المعنية بالصراع في البلاد من أجل الوصول إلى تفاهمات واتفاقات جديدة، من شأنها إنهاء الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد منذ ثلاث سنوات.
البقاء للأقوى
بدوره قال المحلل السياسي الليبي سعد مفتاح العكر إن من يسيطر على الأرض يعطي نفسه موقعا سياسيا متقدما، ويجد مساحة أكبر للمناورة سواء عسكرياً أو من خلال طاولة المفاوضات.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن السراج ليس المستفيد الوحيد من السيطرة على خليج السدرة، بل معه شركاء آخرين يريدون الاستفادة من هذا المكسب الجيوسياسي .
ولفت إلى أن كل المؤشرات تؤكد بأن استعادة السيطرة على السدرة من قبل القوات المسلحة مسألة وقت، لكن محصلة ما حدث هو بمثابة دفن للحوار في ظل وجود المسار العسكري المسلح الذي زاد من ظلام المشهد.
مشهد معقد
فيما قال الأكاديمي الليبي الدكتور محمد الشريف، إن المعادلة السياسية في ليبيا أصبحت معقدة ولن تحل إلا بإرادة أبناء ليبيا، على الرغم من الجهود المبذولة من دول الطوق وعلى رأسهم مصر وتونس لتضميد جراح الشعب الليبي.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن جميع الأطراف في ليبيا يتحملون مسؤولية ما وصل إليه المشهد المعقد، كما أن التيار الرديكالي قد يكون هو السبب الأساسي في الخلافات التي يدفع ثمنها وحده المواطن.
وأوضح أنه لم يعد هناك أدنى شك أن الجميع لم ولن يحقق أي مكسب في الصراعات التي تحولت لحرب بين أبناء الوطن الواحد ويجرع سمها الكبير والصغير والغني والفقير فأرجعت الليبين لنقطة ماقبل الصفر على حد وصفه.