التسلل الروسي في ليبيا.. "أمريكا" كلمة السر
مع إعلان الجنرال توماس والدهاوزر، قائد القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، وجود قوات روسية في ليبيا تدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، زادت التساؤلات حول أسباب التدخل الروسي في ليبيا خلال الوقت الراهن.
التدخل الروسي –حسبما أعلن والدهاوزر- جاء في ظل ازدهار العلاقة بين روسيا وخليفة حفتر والذي زار حاملة الطائرات الروسية "الأدميرال كوزنيتسوف" في المياه الإقليمية الليبية خلال يناير الماضي، وإرساله عددا من جنوده الجرحى عبر مصر لتلقي العلاج في روسيا.
حفتر قد طلب من روسيا عقد صفقات سلاح تبلغ قيمتها 1.8 مليار دولار، وتشمل شراء نحو عشرين طائرة مقاتلة، ومنظومات دفاع جوي من نوع "إس 300"ودبابات من طراز "تي 90"، إضافة إلى تحديث وتطوير 140 دبابة من نوع "تي 72"، وخلال زيارته الأخيرة لموسكو، في 27 نوفمبر الماضي، طلب حفتر شراء 12 طائرة من نوع "سوخوي 35" و"سوخوي 30"، و4 طائرات للتدريب من طراز "ياكوفليف 130"، بحسب المصادر ذاتها.
مجاراة أمريكا
اللواء محمد علي بلال الخبير الاستراتيجي؛ قائد القوات المصرية في حرب الخليج أكد أن "النفوذ الروسي في ليبيا جاء لمقابلة الوجود الأمريكي الرسمي.
وقال بلال في تصريحات لـ"مصر العربية" إن ليبيا كانت بعيدة عن الصراع "الأمريكي الروسي"، ولكن عقب نشر قوات أمريكية في طرابلس، رغم انتهاء عملية طرد داعش من سرت، جعل روسيا تبادر في إرسال عدد من جنودها إلى ليبيا.
وأضاف: "روسيا تريد الحفاظ على مكانتها في منطقة الشرق الأوسط كلاعب أساسي، رأسه برأس أمريكا، ولن تكتفي بالتواجد في سوريا فقط.
وأشار "بلال" إلى أن روسيا ستكتفي بإرسال وحدات من القوات الخاصة التابعة لها لمساندة قوات حفتر، ولن تُستدرج لبناء قاعدة عسكرية هنا، مؤكدًا أن بناء قواعد عسكرية غربية في ليبيا أمر مستبعد لأنه سيدخل المنطقة في مزيد من الصراعات، والدول الكبرى غير مستعدة لفتح المزيد من جبهات التناحر والقتال.
الضغط على ترامب
اتفق العميد صفوت الزيات الخبير العسكري مع اللواء محمد علي بلال، حيث أكد أن القيادة الروسية تحاول الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال تدخلها في ليبيا التي تحتضن ما يزيد عن 1000 جندي وضابط أمريكي.
الزيات أكد لـ"مصر العربية" أن التدخل الروسي في ليبيا محاولة لإظهار قوة الدب الروسي أمام أمريكا في المنطقة.
وأوضح: "القوات الأمريكية الموجودة في سوريا تقاتل جنبًا إلى جنب مع قوات سوريا الديمقراطية، و"بي كا كا"، ما يمثل حصار وعزل لمدينة الرقة، والتي عصت على القوات الروسية وجيش نظام بشار الأسد.
وأضاف: "هناك تعثر واضح لقوات الجيش الروسي في سوريا، وتقدم كبير لعناصر الجيش الأمريكي الذي زادت وحداته في مدينة منبج، ما وضع روسيا في موقف حرج، وقررت الرد بالتدخل في ليبيا، واستغلال التوتر والنزاعات في الشرق الأوسط لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.
وفي نفس السياق شدد الزيات على أن دخول روسيا للأراضي الليبية جاء لدعم قوات خليفة حفتر، بعد أن تزعزع نفوذه خلال الأشهر الماضية، وخسر مساحة كبيرة من منطقة الهلال النفطي، وعادت له بعد التدخل الروسي.
لعبة مخابراتية
كان الدكتور محمد يونس المنفي العضو السابق في المؤتمر الوطني الليبي قال في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" إنه لايوجد تواجد عسكري واضح معلن في ليبيا، وأن السفن الحربية الروسية دخلت المياه الإقليمية الليبية وهى عائدة من سوريا.
وأشار "المنفي" إلى التواجد الأمريكي والأوروبي في ليبيا هو تواجد استخباراتي، مؤكداً كل مكان في العالم هو صراع لمصالح الدول الكبرى وليبيا ليس استثناء.
فيما قال السياسي بالمركز العربي الأفريقي محمود كمال أن ليبيا أصبحت بيئة خصبة للصراع بين روسيا وإيطاليا تحديدا فضلاً عن الصراع الخفي بين الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بريطانيا وفرنسا ضد روسيا أيضًا باعتبار أن روسيا تريد استرجاع أمجادها ومحو هذه الدول من خلال هيمنتها على مناطق النزاع في الشرق الأوسط.
تأكيدات قائد "أفريكوم"
كان قائد القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) الجنرال "توماس والدهاوزر" أكد وجود قوات روسية في ليبيا تدعم خليفة حفتر الساعي إلى التوسع عسكريا انطلاقا من الشرقي الليبي، حيث قال في مؤتمر صحفي عقده بمقر وزارة الدفاع (البنتاجون) بواشنطن إن الولايات المتحدة تراقب النشاط الروسي داخل الأراضي الليبية بقلق شديد، وأن علاقة حفتر بموسكو لا يمكن إنكارها.
وأضاف أن القوات الروسية في ليبيا تحاول تغيير مسار الأمور، في إشارة إلى تمكين حفتر من التوسع والسيطرة على مناطق جديدة في ليبيا بعد سيطرته مؤخرا على منطقة الهلال النفطي، وأن مسالة النفوذ الروسي في ليبيا هي الأكثر أهمية، وأوضح أن واشنطن لاحظت بعض الأنشطة التجارية تتعلق بالنفط أو بمبيعات السلاح، مشيرا إلى أنها تسعى لفهم ذلك.
وفي الوقت نفسه قال "والدهاوزر" إن الحل في ليبيا لن يكون عسكريا، وشدد على أهمية جمع حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج للوصول إلى حل توافقي يمنع نشوب حرب أهلية.