بسبب الجوع والرغبة في الوحدة..

في جنوب السودان.. هل ينتهي الصراع بالعودة لأحضان الخرطوم؟

كتب: محمود مهدي

فى: العرب والعالم

09:39 10 مايو 2017

 

أثار حادث إطلاق النار على طاقم الحراسة الخاص بالنائب الأول لسيلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان "تعبان دينق قاي" المخاوف من تفاقم الوضع مرة أخرى في البلاد التي تشهد نزاعات مسلحة بين القوات الحكومية برئاسة كير، ونائبه المقال رياك مشار.

 

وأصيب 3 أشخاص من طاقم الحراسة الخاص بالنائب الأول لرئيس جمهورية جنوب السودان بجروح متفاوتة، جراء تعرض سيارتهم لكمين مسلح، شرقي البلاد، حيث كانوا في طريقهم إلى مدينة بور، عاصمة ولاية جونقلي (شرق)، استباقا لزيارة متوقعة لدينق قاي، الذي يترأس لجنة تهدف لإزالة توترات بين ولايتي جونقلي وبوما، إثر وقوع أحداث عنف بينهما مؤخراً.

 

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم على الفور، غير أن جنوب السودان تشهد معارك طاحنة بين القوات الحكومية ومتمردين يتبعون نائب الرئيس المقال رياك مشار.

 

عنف متوقع

 

خبراء عسكريون أكدوا في تصريحات لـ"مصر العربية" أن أعمال العنف والقتال القبلي في جنوب السودان أمرًا متوقعًا منذ عملية الانفصال عن الشمال، بسبب النزعة القبلية والطائفية.

 

واندلع قتال كبير بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة في جنوب السودان، منتصف ديسمبر 2013، قبل أن توقع أطراف النزاع اتفاق سلام في أغسطس 2015.

 

وشهدت العاصمة جوبا، في 8 يوليو 2016، مواجهات عنيفة بين القوات التابعة لرئيس البلاد، سلفاكير ميارديت، والقوات المنضوية تحت قيادة نائبه السابق ريك مشار، ما أسفر عن تشريد مئات الآلاف ومقتل المئات وتفشي المجاعة في شمال البلاد.

 

القتال بين القوات الحكومية والمتمردين

 

القبلية تسبق الدولة

 

اللواء د. زكريا حسين المدير السابق لأكاديمية ناصر العسكرية أكد أن عدم وجود مؤسسات فعلية تدير الدولة هو ما تسبب في ظهور العنف القبلي والاشتباكات المسلحة بين القوات الحكومة والمتمردين.

 

وقال حسين لـ"مصر العربية" إن إدارة جنوب السودان منذ الانفصال وهي تعتمد على القبلية والمليشيات المسلحة موضحًا أن "كل منطقة لها شيخ قبيلة يدير مليشيات لديها أطماع، مما يهدد أمن واستقرار البلاد".

 

وأضاف: "هناك تدخلات خارجية أيضًا تريد استمرار الخلافات والصراعات المسلحة للحصول على الثروات النفطية والذهبية في منطقة جنوب السودان".

 

ويرى مدير أكاديمية ناصر العسكرية الأسبق أن هناك توجهًا ظهر في الفترة الأخيرة وهو تقسيم جنوب السودان والشمال أيضًا إلى أربعة أقاليم منفصلة في حالة استمرار العنف والهجمات المسلحة.

 

 

حكم فيدرالي؟

 

العميد صفوت الزيات الخبير العسكري والاستراتيجي أكد أن الصراعات المسلحة في جنوب السودان "أمر طبيعي" في طريقها لبناء الدولة المدنية الحديثة، خاصة وأنها دولة وليدة ليس لها أي خبرات في إدارة شؤون البلاد.

 

واتفق الزيات مع اللواء زكريا حسين، في أن الصراعات المسلحة بسبب النزعات القبلية، ووجود مليشيات مسلحة لكل قبيلة، وكل "شيخ" يريد فرض رؤيته وأطماعه على حسبا كيان الدولة.

 

وقال الزيات لـ"مصر العربية" إن أطرافًا دولية تتدخل بشكل سري لتأجيج الصراع وإشعال الفتنة بين القبائل للسيطرة على مقدرات وثروات هذه المنطقة، وجميع مراكز الدراسات أشارت إلى أن هذا وضع طبيعي في دولة وليدة.

 

ويرى الزيات أن جزء كبير من حل المشكلة في يد "عمر البشير" الرئيس السوداني قائلًا: "الحكومة السودانية تراقب ما يحدث خاصة وأن هناك تسريبات برغبة البشير في عودة الوحدة مع الجنوب مرة أخرى".

 

وشدد الزيات على أن رغبة البشير ستتلاقى مع المجتمع الدولي الذي يسعى لعمل نظام حكم فيدرالي في السودان، ما بين إقليم للشمال وإقليم لجنوب، وإقليم منفصل لدارفور، وإقليم لشرق السودان.

 

خسائر مالية فادحة بسبب الصراع

 

وبسبب الصراع المسلح أعلن مجلس إدارة البنك التجاري الكيني أمس الثلاثاء عن إغلاق ستة من فروعه بمختلف ولايات جنوب السودان، بعد تكبده خسائر بقيمة ثلاثة مليارات دولار منذ اندلاع الحرب في ديسمبر 2013، والأزمة الاقتصادية نتيجة الحرب.

 

ويعد البنك التجاري الكيني، أحد أكبر البنوك الأجنبية التي تعمل بدولة جنوب السودان منذ 2006.

 

وقال "هارون كيبوقونق" المدير الإداري لفرع البنك في جنوب السودان إن مجلس إدارة البنك قرر إغلاق بعض فروعه إلى حين تحسن الأوضاع الاقتصادية، موضحًا أن التضخم "قادنا إلى إعادة تقييم عمل البنك في جنوب السودان.. لذلك قمنا بإغلاق تلك الفروع الستة لوجود تحديات في تسيير العمل".

 

وفي 2016 تسارع ارتفاع معدل التضخم في جنوب السودان، بنسبة تفوق 600%، وفق أرقام رسمية.

 

وسيقود إغلاق الفروع الستة، إلى تقليص عدد القوى العاملة، بحسب المدير الإداري لفرع البنك في دولة جنوب السودان، دون أن يحدد عدد المتأثرين بالقرار.

 

"تلقيح" متبادل بين البشير وسيلفا كير

 

وكان الرئيس السوداني عمر البشير، كشف عن تلقيه اتصالات إقليمية ودولية سرية، تطلب تدخل حكومته لحل أزمة دولة جنوب السودان، كما تنامى الحديث عن عودته إلى حضن السودان.

 

وقال البشير في كلمته خلال الجلسة الختامية للمؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني الحاكم: «نحن عند موقفنا تجاه مواطني جنوب السودان، الذي تفرضه المسؤولية الأخلاقية، وسنتدخل لوقف الحرب والمجاعة»، لافتاً إلى استضافة السودانيين لإخوانهم من الجنوب، لأنهم شعب واحد في دولتين.

 

وانتقد مَن سماهم «أصحاب الأيادي الخبيثة»، واتهمهم بتخريب دولة جنوب السودان، وطالبهم بالتعاون مع بلاده لإعادة الأمن والاستقرار إلى دولة الجنوب.

 

وأكد البشير أن «السودان جاهز لتقديم يد العون والدعم لكل محتاج سواء في جنوب السودان أو أي منطقة أخرى، ويرحب بكل مَن تقطعت بهم السبل، بحثاً عن الاستقرار والأمان».

 

وعلى الجانب الآخر أعرب رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت، عن رفضه للتدخلات الخارجية لإنهاء الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات، مشيرا إلى أنه يفضل حلاً داخلياً لأنه النهج الأفضل.

 

وقال سلفاكير "لقد رأينا ما يمكن أن تفعله التدخلات الدولية، وحيثما كان هناك تدخل دولي فإنه يؤدي إلى تفكيك الحكومة المركزية وفتنة طائفية واضطرابات مدنية مطولة، وظهور جيوب صغيرة يسيطر عليها المتطرفون والجماعات المماثلة. ومن الواضح أن التدخل الدولي ليس دائما الخيار الصحيح ".

 

وأدلى سلفاكير بهذه التصريحات خلال اجتماع مع ضباط عسكريين قبل ساعات قليلة من عقده اجتماع آخر مع اعضاء المكتب السياسي للحركة الشعبية لتحرير السودان، وكان الاجتماع جزءا من المبادرات الرئاسية ومحاولات اقناع القادة العسكريين بدعم عملية الحوار الوطني.

 

ولفت الرئيس خلال اجتماعه إلى إنه يريد حماية المدنيين، مضيفا "خلال العمليات اريد حماية المدنيين لان حمايتهم تتفق مع الاستخدام الفعال والحاسم للقوة سعيا الى سلامتهم".

اعلان