خبراء عن احتجاجات العسكريين المتقاعدين: رياح التغيير تهب على الجزائر
بين رفض الإسلاميين المشاركة في الحكومة الجديدة.. ومظاهرات المعارضة الغاضبة من الانتخابات الأخيرة، ظهرت أزمة أخرى في الشارع الجزائري بعد إعلان كبار ضباط الجيش المتقاعدين وجنود الاحتياط تنظيم مسيرة كبيرة احتجاجًا على تردي أوضاعهم الاقتصادية.
ويطالب المحتجون، وهم من جنود الجيش المتقاعدين الذين شاركوا في عمليات مكافحة الإرهاب، والمعاقين الذين أصيبوا خلال هذه العمليات، وجنود الاحتياط الذين أعيد استدعاؤهم للخدمة العسكرية، السلطات بإعادة تقدير منحة التقاعد والحقوق المادية التي يتقاضونها نظير مشاركتهم في المجهود الأمني ومكافحة الإرهاب خلال الأزمة الأمنية العاصفة التي شهدتها الجزائر في التسعينيات، وإعادة الاعتبار المعنوي لهم عبر أوسمة اعتراف من الدولة.
احتجاجات الضباط قابلها إغلاق السلطات الجزائرية مداخل عاصمة البلاد الجزائر، ونشرت آلافا من قوات الأمن والشرطة لمنع المسيرة الاحتجاجية، التي تزامنت مع احتقان سياسي تشهده البلاد جراء الانتخابات الأخيرة التي هدت إقبالًا ضعيفًا من الناخبين خاصة الشباب.
وواجهت السلطات الجزائرية احتجاجات الضباط المتقاعدين بنشر العشرات من فرق الشرطة ومكافحة الشغب في مداخل العاصمة الغربية والشرقية والوسطى، لمنع دخولهم إلى منطقة البريد المركزي وسط العاصمة.
التعامل الأمني
يرى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن موقف المؤسسة العسكرية في الجزائر سيكون هو النقطة الفاصلة في هذه الأزمة، بالإضافة إلى موقف القوى السياسية خاصة الإسلاميين.
وأكد فهمي في تصريحاته لـ"مصر العربية" أنّ هذه الاحتجاجات ستأخذ أبعادًا أخرى في الجزائر، بعد التعامل الأمني العنيف مع المتظاهرين ظهر الاثنين، حيث تعاملت قوات الأمن بقوة وعدم مهنية مع المحتجين.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن الأمر أكبر من كونه احتجاجات عادية، موضحًا: "هناك حديث في الكواليس السياسية الجزائرية حول خلافة الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وهل سيتم استدعاء نموذج محمد بوضياف، أم ستتجه الجزائر نحو التوريث واعتلاء سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الحالي سدة الحكم".
وحول مدى توسع هذه الاحتجاجات أو انحسارها قال فهمي "مدى استخدام العنف من جانب السلطات الأمنية هو الفيصل، ففي حالة الاستخدام المفرط للقوة ستتصاعد وتيرة الاحتجاج بكل تأكيد".
وتابع: "بالتأكيد رياح التغيير ستهب على الجزائر، والفترة القادمة ستشهد تحولات سياسية كبيرة".
غير مؤثرة
على الجانب الآخر يرى اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي أن أزمة العسكريين المتقاعدين في الجزائر "عابرة" ولن تؤثر على المشهد السياسي في البلاد.
وقال مسلم لـ"مصر العربية" أن النظام الحاكم في البلاد لا يسعى لفتح جبهة معارضة جديدة، عن طريق العسكريين المتقاعدين، خاصة وأن هناك الكثير من القوى السياسية المعترضة على نتائج الانتخابات الأخيرة.
وأردف: "سيكون هناك استجابة جزئية للمطالب الخاصة بهؤلاء العسكريين لتهدئتهم ولو بشكل مؤقت، كي لا تهب رياح الانتفاضات على البلاد".
يذكر أن السلطات الجزائرية عطلت حركة السير في الطرق المؤدية إلى وسط العاصمة، ونشرت فرقا من الشرطة في محطات الحافلات والقطارات القادمة إلى العاصمة لمراقبة تسلل المحتجين عبر الحافلات والقطارات.
وقدم العسكريون المحتجون من مختلف محافظات البلاد، وتجمّعوا في مدن البليدة في الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية وبومرداس في الضاحية الشرقية، وتيبازة في الضاحية الغربية، وانطلقوا في مسيرة مشيا على الأقدام، على أن يتجمعوا في وقت لاحق وسط العاصمة، إلا أن السلطات منعت دخولهم.
وتعتزم قوات الشرطة صد أية محاولة من العسكريين المحتجين للدخول الى العاصمة، كما راقبت قوات الشرطة محطات الحافلات والقطارات القادمة إلى العاصمة، وعملت على مراقبة المسافرين، وتمييز المشاركين في الاحتجاج منهم، وإعادة توجيههم إلى محطات النقل لإجبارهم على العودة من حيث أتوا.
وقبل مسيرة الأحد الماضي كان العسكريون قد نظموا مسيرات ووقفات احتجاجية عدة في الولايات، على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها وزارة الدفاع الوطني في قانون المستخدمين العسكريين الذي صدر قبل سنة، وتضمّن تعويضات مالية لهذه الفئات من العسكريين.
يذكر أن السلطات الجزائرية تمنع المسيرات والاعتصامات وسط العاصمة الجزائرية منذ 14 يونيو من العام 2001، إثر مسيرة لأمازيغ، طالبوا فيها بالاعتراف بالهوية واللغة الأمازيغية.