هآرتس: حزب الله والسعودية يتقاسمان كعكة لبنان
على نحو مفاجيء أبدى الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله مساء الأحد 23 أكتوبر استعداده لتولي غريمه السياسي ورئيس معسكر المعارضة اللبنانية سعد الحريري، منصب رئاسة الحكومة.
مفاجأة نصر الله تأتي بعد إعلان الحريري رئيس الحكومة السابق، عن دعمه للجنرال ميشال عون في منصب رئيس لبنان، وهو المنصب الشاغر لما يزيد عن عامين.
عون، الذي يتزعم التيار الوطني الحر ، يعتبر حليفا رئيسيا لحزب الله، وسبق وصرح نصر الله أنه المرشح من قبل الحزب وأنه لن يتخلى عنه. وقال نصر الله في كلمة ألقاها بمناسبة ذكرى مقتل أحد قادة الحزب بسوريا إن الوضع في لبنان والمنطقة يتطلب التوصل إلى حل وسط، لذلك سارع في أعقاب إعلان الحريري دعمه لعون للتصريح بأنه لا يعارض عودة الحريري لمنصب رئيس الحكومة.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أشارت إلى أن قرار الحريري ونصر الله اختمر على ما يبدو خلال الأسابيع الماضية، لافتة إلى أن هناك من يذهب إلى أن هذا الاتفاق ليس سوى جزء من صفقة تمهد الطريق أمام الحريري للعودة لرئاسة الحكومة.
الحريري قال إنه نظرا للخيارات المتاحة، لم يبق أمامه سوى خيار واحد، وأنه اضطر للتخلي عن معارضته لترشح عون، وقرر تفضيله على مرشحين آخرين من حلفائه، مبررا ذلك بضرورة الحفاظ على وحدة لبنان وتجنب انزلاق البلاد لحرب أهلية جديدة.
يأتي ذلك في ظل الفراغ السياسي وانعدام الاستقرار في المنطقة بشكل عام والحرب الدامية في سوريا تحديدا، التي تلقي بظلالها على لبنان بصورة مباشرة.
معروف أن القانون اللبناني ينص على استئثار المسيحيين بمنصب الرئاسة، لكن ظل اختيار الرئيس داخل البرلمان مصحوبا بصراعات سياسية كبيرة. وحتى عام 2005 كان لسوريا تأثيرا كبيرا على هوية من يشغل المنصب.
في مايو 2008 أختير الرئيس السابق ميشال سليمان الذي كان قائدا للجيش اللبناني، مرشحا متفقا عليه، وأنهى ولايته في مايو 2014، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم لم يتول أحد المنصب، بسبب الخلافات بين الكتل المسيحية والصراعات بين التيارات المختلفة، وتحديدا تحالف14 آذار برئاسة الحريري، حليف السعودية البارز، وبين تحالف 8 آذار الذي يتزعمه حزب الله، المرتبط حتى النخاع بالقصر الرئاسي في دمشق والحليف الأبرز لنظام الملالي في إيران.
منذ 2005 دخل حزب الله وتحالف الحريري في عداوة مريرة بعد اغتيال والده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، الذي اتهم نجله حزب الله وسوريا بمسئولية اغتياله.
في مايو 2005 عاد عون الذي نُفي من لبنان بضغط سوري عام 1991، بعد اعتراضه على اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية في البلاد، وخاصة الشق الخارجي للاتفاق المتعلق بانتشار القوات السورية في لبنان دون تحديد جدول زمني لانسحابها.
بعد عودته قاد عون التيار الوطني الحر، الذي يعد ثاني أكبر كتلة في البرلمان (21 مقعدا)، وكي يتمكن من الصمود في مواجهة خصومه السياسيين داخل المعسكر المسيحي وخاصة حزب الكتائب، وقع عون على تحالف مع حزب الله.
يمكن النظر لتعيين عون رئيسا للبنان على أنه انتصار للتيار الإيراني- السوري في لبنان، لكن إذا ما تولى الحريري رئاسة الحكومة، فسوف تتضح القصة كنوع من الاتفاق الضمني على تقسيم الكعكة، بأن يدخل حليف حزب الله قصر بعبدا مقر الرئاسة اللبنانية، بينما يدخل حليف السعودية قصر رئيس الحكومة.
يشار إلى أنه من المنتظر التصويت على انتخاب الرئيس داخل البرلمان بعد نحو أسبوع وتحديدا في 31 أكتوبر الجاري.