هآرتس: وفاة رفسنجاني بشرى سارة لخامنئي
اعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن وفاة الرئيس الإيراني السابق على أكبر رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، عن عمر ناهز 82 عاما، بمثابة ضربة موجعة للرئيس الحالي حسن روحاني، الذي نجح بفضله في حشد تأييد جارف حتى بين المتدينين المعتدلين، وكذلك بشرى سارة للمرشد الأعلى علي خامنئي.
وقال "تسفي برئيل" المحلل السياسي للصحيفة إن "وفاة رفسناجي أنزلت ضربة قاسية على الرئيس حسن روحاني، الذي يستعد للانتخابات الثانية المزمع إجراؤها بعد 5 شهور". مضيفا "ليس فقط روحاني، فوفاة رفسناجي تزلزل كافة التيارات الإصلاحية التي اعتبرته زعيمًا روحيًا ودعامة سياسية هامة".
وأوضح"برئيل" :”في انتخابات 2013، تمنى الإصلاحيون أن يصبح رفسنجاني الزعيم الذي يمثلهم. تمنوا أن يمنحهم قوة دافعة حقيقية بعد فترة حكم محمود أحمدي نجاد التي يعتبرونها صادمة ومعادية لهم. لكن، مناورة سياسية قام بها مجلس صيانة الدستور، حالت دون ترشحه. إذ زعم المجلس أنه مسن للغاية، وكان عمره وقتها 79 عاما، وأن حالته الصحية لا تضمن قضاءه ولاية كاملة في رئاسته. ورغم أن الدستور الإيراني لا يتضمن قيودًا على سن رئيس الجمهورية إلا أنّ القرار ظل ساريًا".
لكن إلغاء ترشح رفسنجاني- بحسب المحلل الإسرائيلي- لم يغيبه عن الساحة السياسية. فقد ظل مترأسا أهم مجلس لتشخيص مصلحة الأمة، المجلس الذي يحدد السياسات الداخلية والخارجية لإيران، ويمنح الموافقة النهائية على القوانين التي يسنها البرلمان. كذلك كان رفسنجاني عضوا في مجلس الخبراء، ومهمته تعيين المرشد الأعلى القادم أو عزل المرشد الحالي إذا لم يعد أهلا للمنصب. مشاركته في هذين المجلسين، ضمنت للإصلاحيين مجالات لإسماع صوتهم والحيلولة في الكثير من الحالات دون تبني سياسات راديكالية، اعتبر رفسنجاني أنها تضر بمكانة إيران.
استمد رفسنجاني، الذي تولى رئاسة إيران مرتين، مكانته من قربه لزعيم "الثورة الإسلامية" الخميني، إذ كان واحدا من أكثر الرجال تأثيرا في بلاطه، وساهم في وصول علي خامنئي لمنصب المرشد الأعلى. لكن العلاقة الوطيدة والصداقة بين الاثنين تدهورت عدة مرات خلال ولاية خامنئي، ووصلت إلى أدنى مستوياتها في انتخابات عام 2009. ففي تلك الانتخابات صعد رفسنجاني صراعه ضد أحمدي نجاد، الذي كان تحت حماية خامنئي، حتى أصبح رفسنجاني نفسه هدفا سياسيا للمرشد الأعلى.
كان رفسنجاني أحد أثرياء إيران، جمع ثروته من تجارة الفستق وتصديره، طبق خلال فترتي ولايته سياسات السوق الحر، وتطوير وتشجيع حقوق الإنسان، الأمر الذي تسبب في دخوله في مواجهات متتالية مع زعماء راديكاليين اتهموه بالمساس بمبادئ الثورة.
كذلك اعتبرت سياسته الخارجية، التي شجعت إقامة علاقات مع كافة دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، "غير ثورية" وتتناقض مع أوامر الخميني.
لكن مكانته وثرائه الذي استخدمهما في حشد الدعم الشعبي، سمحا له بالتحرك جيدا بين منافسيه وتطبيق إستراتيجيته بشكل كبير. لكن هذا النجاح شهد تقلبات عديدة، لاسيما في الانتخابات البرلمانية عام 2002، وهو العام الذي ترأس فيه البلاد رئيس إصلاحي هو محمد خاتمي، وقتها لم ينجح رفسنجاني في الحصول على الدعم حتى لدخول البرلمان.
في ذلك الوقت كان رفسنجاني من كبار المؤيدين لمبادرة إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة حول تجميد برنامج بلاده النووي، مقابل رفع العقوبات عن إيران- وهي المبادرة التي لم تدخل حيز التنفيذ بسبب رفض الرئيس الأمريكي جورج بوش مجرد الرد عليها.
بعد 11 عاما كان رفسنجاني أيضا بين المؤيدين الرئيسيين للمفاوضات التي أجراها الرئيس روحاني مع الغرب حول الاتفاق النووي، واصطف إلى جواره في مواجهة خصومه السياسيين ومن بينهم الحرس الثوري والجماعات الراديكالية.
وانطلاقا من حمله للقب آية الله، عرف رفسنجاني كيف يحصل على تأييد كبير بين النخب الدينية المعتدلة، وبناء عليه مساعدة روحاني في التغلب على الانتقادات. بهذا أصبح الرجل ثروة سياسية حيوية، ونجح في تحقيق أقصى ما يمكن لإصلاحي أن يحققه في الجمهورية المحافظة.
في الانتخابات المقبلة، كان يتوقع أن يعزز رفسنجاني مكانة روحاني لشغل ولاية ثانية واستخدام الدعم الشعبي اللازم بين النخب التي كان يتمتع بتأثير كبير عليها لصالحه.
روحاني الذي يواجه الآن انتقادات سواء من جانب المحافظين أو الإصلاحيين، الذين يتهمونه بعدم الوفاء بوعوده في مجالات حقوق الإنسان وحرية التعبير وإعادة تأهيل الاقتصاد الإيراني- بحاجة لظهير قوي مؤسساتي وجماهيري.
بناء على ذلك يمثل اختفاء رفسنجاني من الساحة السياسية بشرى سارة للغاية سواء للراديكاليين الذين لم يتوقفوا عن العمل ضده، وتسببوا في حبس نجله ونجلته، الناشطة الحقوقية، وسواء لعلي خامنئي الذي رأى في رفسنجاني خصما ومنافسا.
وختم "برئيل" تحليله بالقول :”خامنئي، المريض بسرطان البروستاتا، كان قد ألمح قبل عام إلى أن الوقت قد حان للبحث عن خليفة، لكن آخر رجل يرغب فيه المرشد الأعلى كان رفسنجاني الذي لم يخف نواياه للترشح على المنصب. الآن يمكن لخامنئي أن يحظى بفترة هدوء نسبي، وحتى إذا ما فاز روحاني بولاية ثانية، فسوف يكون رئيسا ضعيفا لم يعد بإمكانه الاستمرار في الاعتماد على نفوذ وقوة رفسنجاني".