وسط مخاوف من مشاكل في العائلة المالكة..

واشنطن بوست: محمد بن سلمان يكمل تحول السعودية إلى جيل الشباب

كتب: جبريل محمد

فى: صحافة أجنبية

22:06 21 يونيو 2017

عين الملك السعودي سلمان ابنه البالغ من العمر 31 عاما اليوم الأربعاء وليا للعهد ليحل محل ابن أخيه محمد بن نايف، في تحول زلزل خط الخلافة الملكية وربما يكون له تداعيات عميقة على النظام الملكي، والشرق الأوسط بصفة عامة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" اﻷمريكية.

 

سلسلة اﻷوامر الملكية، التي نشرتها وكالة الأنباء السعودية "واس" شملت عزل ولي العهد "محمد بن نايف"، الشخصية القوية الذي نجح في توجيه ضربات قوية لتنظيم القاعدة حينما كان وزيرا للداخلية.

 

الأمير محمد بن سلمان، أصبح ولي العهد الجديد، مع الإبقاء على سيطرته على وزارة الدفاع، وسط تكهنات بقرب وصوله لعرش السعودية الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، وأكبر اقتصاد في العالم العربي.

 

للمرة اﻷولى يعين ابن للملك عبد العزيز بن سعود ابنا وليس شقيقا وريثا للعرش، وهي خطوة تعزز السلطة داخل أسرة الملك سلمان، في حين تضعف نفوذ عائلات إخوته وأبنائهم.

 

ويأتي القرار في وقت حرج بالنسبة للمملكة التي تواجه تداعيات اقتصادية ناجمة عن انخفاض أسعار النفط، وحملة عسكرية ضد المتمردين الشيعة في اليمن، بجانب حملة مثيرة للجدل لعزل قطر التي تتهمها بدعم الإرهاب.

 

صعود محمد بن سلمان، بجانب التعيينات الأخيرة التي شملتها اﻷوامر السعودية، تكمل التحول في المملكة إلى جيل الشباب داخل أمة لا تزال تحظر قيادة النساء للسيارات، كما تحظر السينما والمقاهي، ويقود الأمير الشاب "رؤية 2030" لخلق فرص عمل للمرأة، وتحديث مجتمع ثلث سكانه أقل من 30 عاما وتشكل النساء 22 % من القوى العاملة.

 

وقالت "كريستين سميث ديوان" أحد كبار الباحثين في معهد الخليج العربي بواشنطن:" صعود ولي العهد يعني بالتأكيد استمرار سياسة السعودية الأكثر حزما في الخارج، وتحالف قوي مع الإمارات ﻹستمرار تلك السياسات"، نحو أهدافها المشتركة المتمثلة في مواجهة النفوذ الإيراني، والعمل ضد الحركات الإسلامية السياسية المستقلة مثل الإخوان المسلمين - وهو هدف طويل الأمد للحكومة الإماراتية.

 

محمد بن سلمان منحه والده صلاحيات هائلة، كوزير للدفاع، يدير الحملة السعودية في اليمن، وبصفته رئيس المجلس الاقتصادي، أشرف على الجهود الرامية إلى تجديد سياسات المملكة في مجال الطاقة وبناء اقتصاد متنوع من شأنه أن يحافظ على نفسه بعد فترة طويلة من انتهاء احتياطياته النفطية.

 

على عكس محمد بن نايف الذي كان مشهورا ومثيرا للإعجاب في واشنطن لقيادة عمليات المملكة ضد تنظيم القاعدة، لم يكن السعوديون يعرفون محمد بن سلمان قبل أن يصبح والده ملكا في يناير 2015، وكثير من السعوديين والمحللين فوجئوا عندما أعطى الملك ابنه القوى صلاحيات واسعة رغم وجود من أكثر خبرة.

 

وبحسب الصحيفة لم تكن هناك علامات على وجود مقاومة داخل النظام الملكي للتغييرات التي طال انتظارها، وجاءت بعدما بنى محمد بن سلمان التحالفات التي يحتاجها، من أجل نقل السلطة.

 

وبعد أقل من ساعة على الإعلان، دعم معظم أعضاء العائلة القرار، وفقا للتلفزيون الرسمي السعودي، وهو ما أزال أي مخاوف من وجود تحديات لولي العهد الجديد، ولكي يكون على يقين، أمر الملك سلمان جميع الحكام رفيعي المستوى التعهد بالولاء لابنه في مراسم أقيمت مساء الأربعاء في مكة المكرمة.

 

ومن المرجح أن تكون المقاومة ممن حول "محمد بن نايف" الذي أعلن علنا ولائه في لقاء على شاشة التلفزيون السعودي اليوم الأربعاء.

 

ويأتي الإعلان في الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك، وقبل أيام من عيد الأضحى، وقال بعض المحللين إن صعود ولي العهد يخطط له منذ أشهر.

 

وقال "جوزيف باهوت" المحلل في كارنيغي في مقال نشر  مايو  الماضي:" بجانب محمد بن سلمان الأوامر الملكية صعدت بجيل أصغر".

 

وشمل توطيد السلطة لولي العهد الجديد، تحركات باتجاه تقويض محمد بن نايف عن طريق الحد من وصوله إلى الملك.

 

ومنذ وصول والده للسلطة، برز نجم محمد بن سلمان بقوة، وعلى عكس العديد من الأمراء السعوديين الذين تعلموا في جامعات النخبة الغربية، تلقى ولي العهد تعليمه في السعودية ولا يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ولكن أوراق اعتماده المحلية جعلته شعبية بين العديد من السعوديين، وخاصة الشباب.

 

وتم تكليفه بإحدى المشاكل الأكثر إلحاحا في المملكة، وهي تنويع الاقتصاد السعودي وعدم اعتماده فقط على النفط، وفي عام 2016، قدم خطة "رؤية 2030" والتي شملت بيع بعض أسهم شركة النفط العملاقة "أرامكو" لخلق صندوق ثروة سيادية.

 

ولكن الخطة جلبت أيضا شكاوى من مجتمع اعتادوا على الهدوء، حيث شملت التدابير خفض دعم البنزين والكهرباء، وحاول تقليص رواتب موظفي الدولة ومكافآتها، لكنه أجبر في النهاية على تغيير هذا التحرك.

 

ولي العهد المحرك الرئيسي وراء رؤية 2030، وهي مخطط لإصلاح الاقتصاد والمجتمع السعودي، ولكن هذه الجهود جلبت أيضا شكاوى من السعوديين المحافظين بأن ولي العهد يحاول تغيير مجتمعهم بسرعة كبيرة جدا.

 

مثل والده، أشاد ولي العهد على بإدارة ترامب، وفي مقابلة في وقت سابق من هذا العام مع الكاتب واشنطن بوست، قال إنه "متفائل جدا" بشأن ترامب ووصفه بأنه "رئيس سيعيد أمريكا إلى المسار الصحيح".

 

ويعرف ولي العهد الجديد في العواصم الجديدة بأنه مهندس العملية العسكرية في اليمن، لكن بعد أكثر من عامين، لم يهزم الحرب الحوثيين أو أعادوا الحكومة، ويتهم التحالف بقتل آلاف المدنيين في واحدة من أكثر حملات القصف الجوي دموية في تاريخ المنطقة الحديث.

 

لم تحدث التغييرات التي طرأت على هيكل السلطة السعودية، مع كل الدراما المصاحبة، أي تغيير جوهري في طبيعة ما هو واحد من أكثر الملكية المطلقة في المنطقة، حيث ليس لدى الجمهور أي رأي في من يشغل منصبا رفيعا، كما يتم إسكات الأصوات المعارضة.

 

وفي مقال نشر في الأسبوع الماضي عن التكهنات المستعصية بشأن التغييرات في خط الخلافة، كتبت "ماوي الرشيد" باحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية:" السعوديون يلجأون إلى الشائعات حول هذه المؤامرات لإدراج أنفسهم في السرد السياسي للدراما الخفية "، لكنها "ما زالت مهمشة كمتفرجين فقط".

اعلان