الناتو في شرق أوروبا ... باقٍ
في مطلع العام الحالي، تنتشر في بولندا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا، 4 كتائب متعددة الجنسيات، يبلغ عديدها 4000 عسكري، تتداور على الانتشار في الدول هذه. والتناوب هذا يسمح باعتبار مرابطة القوات هذه «غير دائمة»، والحؤول دون انتهاك الاتفاق الموقع مع موسكو في 1997. وهذا التناوب هو الجسر الى تعرف عدد أكبر من الجنود وضباط الصف والضباط إلى المسرح المحتمل للحرب القادمة.
ويعد جنرالات دول الغرب، لوضع خطة استراتيجية مرنة، في حال اندلاع نزاع مسلح في شرق أوروبا. ويفترض بوحدات صغيرة نسبياً من الجيش الأميركي وحلفائه أن تصد تحرك القوات الروسية (التي تتفوق عليها في العديد والعتاد الثقيل أكثر من 10 مرات). ولكن لا شك في أن القوات «الأطلسية» المشتركة تتمتع بتفوق مطلق في الهواء والبحر (سلاحا الجو والبحرية)، وترجح كفة نظمها للاتصالات الحديثة والإدارة وتدريب الموظفين، وفي جعبتها كميات كبيرة من أسلحة عالية الدقة.
ويرجح أن تضيق على القوات الروسية وتستنزفها وتحطم معنوياتها. فتضطر هذه الى التراجع على وقع استقدام تعزيزات من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. هذا كله طبعاً، ما لم يستخدم المتواجهون أسلحة نووية.
ويأمل مسؤولون في موسكو بأن يبادر، الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب الى إلغاء قرارات نشر الناتو في شرق أوروبا. ومع الإلغاء هذا، تتآكل الأوضاع على الحدود الغربية ويضعف الناتو، وينهار الاتحاد الأوروبي، ومن الواضح أن أوكرانيا، وما يتعلق بها، لا تشغل ترامب والمقربين منه. وأكد ترامب أنه مستعد للتفاوض مع بوتين والبدء برفع العقوبات، اذا اتفق معه على التعاون المشترك ضد التطرف الاسلامي و «مسائل مهمة أخرى».
والرئيس الأميركي مستعد للتفاوض، لكنه يسأل الكثير في المقابل. فهو على استعداد لصداقة مع روسيا، لكنها صداقة ضد إيران والصين، وأصدقاء روسيا من أمثال «حماس» و «حزب الله». ويحتاج ترامب في المفاوضات مع موسكو إلى انتصار واضح. وإذا أصرّ الكرملين على أن نشر الدبابات الأميركية في بولندا يهدد مصالح روسيا وسلامتها، سلط الضوء على خوف موسكو. وفضح الخوف هذا هو ورقة بارزة في المساومة.
وهذا كله سخافات: لن يقدم ترامب على تنازلات جذرية ولن يرفع العقوبات، ولن يسحب الكتائب من شرق أوروبا. وفي الواقع، لا يخطط أي طرف لمهاجمة الآخر. والتهديد العسكري الأميركي ظاهري وشكلي فحسب. ولكنه مفيد ويساهم في تخصيص وزارة المالية الروسية تريليونات الروبلات للتسلح. والوضع في واشنطن مشابه في كثير من الأوجه. وعليه، ليس مرجحاً وقوع أي تغييرات.
نقلًا عن جريدة الحياة اللندنية..