"أنا كده ومش هتغير" عبارة تشعل نار الخلافات الزوجية
"أنا كده ومش هتغير" عبارة بسيطة تتكون من أربع كلمات، ولكنها تحمل معاني سلبية كثيرة، وهي أحد الأسباب الواقعية وراء الخلافات الزوجية، ومشاكل العلاقات الأسرية.
وترى الدكتورة دعاء راجح الاستشارية الاجتماعية والأسرية أن هذه العبارة "من أسوأ الكلمات المثيرة للأعصاب، والهادمة للعلاقات والمحفزة للمشكلات".
وقالت راجح في تدوينة لها عبر فيسبوك: "الكلمة دي بتتقال لما أحد الطرفين يبدأ يضغط على الطرف التاني علشان يتغير في جانب معين، ويبدأ يزن بأساليب مختلفة، ويلعب كل الألاعيب الممكنة لإحداث هذا التغيير، فالتاني بيحس بالضغط الشديد عليه ويبقى عايزه يبطل ضغوطه دي فيقوله: أنا كده ومش هتغير".
وأضافت الاستشارية الاجتماعية: "فالتاني يحس بالإحباط الشديد واليأس والخذلان وخيبة الأمل والألم، وينعكس كل دا على تصرفاته أكيد نكد وغضب وسوء".
وأوضحت راجح أن "التغيير بصفة عامة صعب جدا لكنه ممكن ومحتاج وقت طويل، وتدريب مستمر للنفس عليه، ومش بالسهولة الي الناس متخيلينها"، لافتة إلى أن "احنا مش موبايلات علشان نعمل تاتش اسكرين يقوم الشاشة تتغير، احنا بني آدمين تحكمنا قناعات وأفكار ومعتقدات واحتياجات ومشاعر وانفعالات وعادات، وسلوكياتنا بتطلع نتيجة تفاعلات كثيرة جدا في مخنا".
وتابعت: "الطرف الي بيضغط دا عنده احتياجات نفسية مشروعة محتاجها من الآخر علشان يستقر نفسيا ويتوازن وعلشان يكون سعيد في العلاقة، لما يعبر بشكل هادىء عن احتياجاته دي ومشاعره، ويعبر عن طلباته بشكل واضح وصريح؛ بيبقى أفضل كتير من الضغط بالنقد والسخرية والأمر والتعليمات والتوجيهات والمقارنة واللوم والزن".
وذكرت راجح مثالا يوضح هذا الأمر: "على سبيل المثال: أنا محتاج للسلام والهدوء في بيتي، وبحس بالغضب لما أدخل البيت ألاقي دوشة وفركشة وصراخ وجدال، وأتمنى أني لما آجي البيت ألاقي الدنيا مترتبة، ونأجل أي مشاكل أو جدال لما ارتاح شوية".
وعلقت راجح على المثال، قائلة: "علشان يتنفذ الطلب دا محتاج مجهود كبير، محتاج أنها تفهم أساسا ليه أنت بتطلب كده وقيمة السلام والهدوء عندك، محتاجة تحس بمشاعرك وتتعاطف معاك، محتاجة تتدرب على أنها ترتب البيت، أو تتدرب على أنها تأجل الكلام لحد ما ترتاح، محتاجة أنها تحترم أصلا رغبتك دي جواها".
وأضافت: "هي علشان تستجيب محتاجة ذكاء علشان تفهم، محتاجة حساسية علشان تحس، محتاجة مرونة وقدرة على تدريب النفس على سلوكيات جديدة علشان تقدر تنفذ، ودي حاجات صعب تتوجد من تاني يوم، هي ممكن تكون فهمت كلامك بس ماحستش بيك، ممكن تكون حست بيك وبمشاعرك بس مافهمتش".
وأكدت راجح: "ممكن تكون أصدرت أحكام علطول عليك؛ أنك أناني وطماع ومش هامك إلا راحتك، ومش بتبص لراحة الآخرين، ممكن تكون مش حاسة أساسا أن دي حاجة مهمة، ممكن تكون فهمت وحست وعايزة تطبق فعلا الكلام بس مش عارفة ومحتاجة وقت تدرب نفسها على الكلام دا".
واستطردت الاستشارية الاجتماعية: "الناس عايزة تقول الكلمة تتسمع من تاني يوم، ومش كده بس لما ما تتنفذش وتتسمع يصدر هو كمان أحكام عليها أنها عنيدة أو جبلة مش حاسة بيا أو غبية أو مهملة".
وأشارت راجح إلى مثال آخر، قائلة: "الزوجة تقول لجوزها أنا معنتش بحس باهتمامك أو أنت معنتش بتحبني"، مطالبة المرأة "عبري عن احتياجك وعايزه إيه بالظبط تحديدا، أنا عندي احتياج لأني أحس بالأهمية عندك، وببقى مستاءة جدا لما تسيبني زعلانه وتخرج، أتمنى أنك بس تاخدني في حضنك وتطبطب علي وماتسيبنيش وتخرج".
ولفتت راجح إلى أن الرجل "علشان يعمل كده محتاج أنه يفهم هي ليه عايزه كده، ومحتاج يحس بيها وبمشاعرها لما بيعمل كده، ومحتاج يبطل إصدار أحكام عليها أنها بتدلع وأنها ست هايفة وفاضية، أو أنها مابتحسش بي وكل همها أني أصالحها وخلاص".
وأضافت: "والأهم أنه محتاج يحارب القناعة الي مخه أن لو صالحتها يبقى اعتراف مني أني أنا الغلط، وأنا مش ممكن هبين أني غلطان لأن دا ضعف هي ممكن تستغله وتتحكم في، يعني لازم يحارب بينه وبين نفسه الأول، علشان يتغير محتاج مجهود نفسي جبار وشغل كتير جواه و جوا عقله وقلبه علشان يقدر ينفذ".
وأوضحت راجح أن التغيير "صعب جدا ومحتاج وقت طويل ومرونة عالية، ومحتاج ذكاء وقدرة على فهم الآخر، ومحتاج حساسية وقدرة على الإحساس بما يشعر به الآخر، ومحتاج معالجة للأحكام والتحليلات الي بيحلل بيها موقف الآخر، وممكن محتاج حرب نفسية بينه وبين قناعاته السابقة وتقاليد مجتمعه، ومحتاج قهر للنفس وتدريب متواصل على السلوك الجديد".
وتابعت: "ومع ذلك ما تقولش أنا كده ومش هتغير، قل أنا فاهم كويس احتياجاتك حتى لو مش فاهم دلوقت، وحاسس بمشاعرك حتى لو مش حاسس دلوقت، وهحاول أعمل الي أنت عايزه حتى لو مش ناوي دلوقت، بس أنت ساعدني على أني أتغير، واصبر علي شوية فأنا هكون مقدر هذا الأمر جدا".
ونصحت راجح: "لما تهدأ مع الوقت حاول تبص لاحتياجات الطرف التاني ومشاعره بعيدا عن أسلوبه، وحاول تقنع نفسك بأهميتها بالنسبة ليه، وحاول تبادر ولو مش عايز دي حريتك برده أنت حر تماما في قبول طلبات الآخر أو رفضها، بس بدل ما تقول أنا كده ومش هتغير قول أنا حاولت بس أنا مش قادر لسه، سامحني وساعدني".