«الجذور التاريخية للأزمة اليمنية».. في كتاب جديد
"الكتاب يتضمن، وبشكل مكثف، التاريخ السياسي لليمن منذ بدء الإسلام وحتى العصر الحديث" بهذه الكلمات بدأ الباحث اليمني عبد الناصر المودّع، قراءته النقدية بكتاب "الجذور التاريخية للأزمة اليمنية".
وأشار عبدالناصر المودع، إلى أن الكتاب ركز بشكل خاص على تاريخ الدولة الزيدية في اليمن منذ تأسست على يد الإمام الهادي يحي بن الحسين في عام 284هـ ، وهي الدولة التي لعبت دورًا هامًا ورئيسًا في تشكيل التاريخ اليمني، وتحديدًا في المناطق الشمالية من البلاد.
جاء ذلك في أمسية ثقافية، بدائرة المكتبة الوطنية، بعمان، لتوقيع ومناقشة كتاب "الجذور التاريخية للأزمة اليمنية" للباحث الدكتور محمود الجبارات، الصادر حديثًا عن الآن ناشرون وموزعون.
وأوضح المودّع، أن الكتاب يُظهر إحدى الحقائق الهامة عن اليمن، والمتمثلة بتلازم وجود الدولة، وضعفها في ما يُـعرف اليوم بالجمهورية اليمنية، حيث شهدت المنطقة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام وجود متواصل للدولة، إلا أن هذا الوجود اتّصف بعدم ثبات الرقعة الجغرافية التي كانت تصلها حدود سلطة الدولة أو الدول التي كانت تنشأ خلال هذه الفترة، وبضعف هذه السلطة لاسيّما في المناطق القبلية والمناطق الجنوبية.
واختتم ورقته النقدية بالتأكيد على أن الكتاب هو محاولة لقراءة الجذور التاريخية للأزمة اليمنية عبر تتبع تاريخ اليمن، وهو جهد قيم ويستحق التقدير.
أما المؤلف د. الجبارات، أشار في مداخلته، إلى أن الدراسة تقوم على تتبّع علاقة المذهب بالدولة / السلطة في تاريخ تجربة الزيدية في اليمن في مختلف مراحله التاريخية، منذ نشأت الدولة الزيدية الأولى على أرض اليمن في القرن الثالث الهجري، العاشر الميلادي إلى وقتنا الحاضر.
ورصدت الدراسة هذه التجربة ولخّصتها بشكل مكثّف يعالج التجربة التاريخية للفرقة الزيدية أو المذهب الزيدي في الحكم على شكل معارضة سياسية لنظام سياسي قائم، أو أداء أتباعها عند وصولهم إلى السلطة، وتأسيس دولهم العديدة في اليمن.
وحاول المؤلف، خلال صفحات كتابه، توضيح الخلفية المذهبية لجماعة الحوثيين، وخلفية الصراعات السياسية والمذهبية في اليمن.
يضم الكتاب دراستين متصلتين بذات الموضوع، الزيدية، وهو المذهب الذى ينتمى إليه الحوثيون، وغيرهم من العشائر اليمنية، والجذور التاريخية للأزمة اليمنية المعاصرة.
ويقول المؤلف: "كان تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، وما يزال، مجالاً بكراً، قلًما تستوفى أدواته ووثائقه وشروط الكتابة التاريخية فى موضوعاته، وذلك لتعقيدات مدخلاته وتشابك علاقاته الداخلية والخارجية، إضافة إلى المزاج العام المرتبط باتجاهات ورؤى دارسيه، فضلا عن رؤى أبنائه ومواقفهم من هذا التاريخ ومآلاته".
وبيّن الكاتب أن الأزمة اليمنية منذ اندلاعها عام 2011 كشفت عن بعض مكنونات المجتمع اليمنى ورؤاه واحتقاناته المتماهية مع واقع مكوناته الداخلية وعلاقات قواه الحيّة مع محيطها الإقليمى، وشكّلت الأزمة، بصورة عرضية، ظاهرة تشى وتُغرى بإعادة قراءة صيرورة تاريخ اليمن المعاصر بمناهج وأدوات وطرائق تفكير جديدة.
أما الدراسة الثانية، اهتمت بالمذهب الزيدى، من خلال المصادر التاريخية والفقهية، وفى مختلف مراحل تاريخ اليمن، وبيان تاريخ علاقات الزّيدية مع التيارات السياسية والاجتهادات الفقهية فى اليمن، وطريقة أداء الإمامة الزيدية السياسى كدولة، وتطور اجتهادها المذهبى خلال الظروف السياسية المستجدة بمنظور تاريخى.
أما الفصل الثاني، تضمن عدة محاور، منها: مقدمات الأزمة، انطلاق ثورة الربيع العربي في اليمن، المبادرة الخليجية لاحتواء الأزمة.
ويؤكد الباحث، أن المبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة ما زالت صالحة لأن تكون إطاراً متوافقاً عليه، وقابلاً للتطوير عليه فى حل المسألة اليمنية، كما أن قرارات مجلس الأمن المتصلة باليمن كانت توافقية فى الأفق الدولى، ويمكن تفعيلها وصولاً إلى حل فى المسألة اليمنية.
يذكر أن، الدكتور محمود الجبارات، من مواليد الشوبك في الأردن سنة 1958، حاصل على شهادة الدكتوراة في التاريخ في جامعة اليرموك، عام 2005، خدم في القوات المسلحة الأردنية، وعمل محاضرًا في المعاهد العسكرية، حاز وسام الخدمة الطويلة المخلصة قبيل تقاعده.
يعمل الجبارات، أستاذًا للتاريخ الحديث والمعاصر في جامعة البلقاء التطبيقية منذ سنة 2006، ومن مؤلفاته: العلاقات اليمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية (1904- 1948م )، 2008م. دراسات في تاريخ اليمن المعاصر، 2014م، وله أكثر من عشرين بحثا علميا محكّما منشورة في مجلات علمية محلية وعالمية.
عبدالناصر حسين المودّع باحث يمني، حاصل على ليسانس علوم سياسية في جامعة صنعاء ، 1987، وهو كاتب وباحث في العلوم السياسية، الاقتصاد ، الإعلام ، الاجتماع، ويعمل استشاريًا اقتصاديًا واجتماعيًا، ومدربًا في مجال الحملات الانتخابية، وفن التفاوض السياسي، والتنمية السياسية، وله عدد من الكتب والأبحاث المنشورة.