«خلاخيل».. دعاء خطيب تسرد حكايات الأنثى
"جملة من الخواطر والحكايات والصور الحياتية والنصوص الشعرية القصيرة من مشاهداتها وذاكرتها التي تستعيدها من بئر الطفولة" تدونها الكاتبة دعاء زعبي خطيب، في كتابها "خلاخيل" الصادر حديثًا عن الآن ناشرون وموزعون، في عمان.
ويشي عنوان الكتاب، بالمعنى الذي ينطوي عليه أسلوب الكاتبة وموضوعاتها التي لا تبتعد عن حسّ الأنثى ورؤيتها للحياة والوجود والأشياء، و"الخلاخيل" التي تمثل أدوات الزينة القديمة للمرأة ليست مجرد حلي للزينة، بل هي أيضا لغة تصدر عنها موسيقى (ورنّة) تؤكد حضور المرأة وصوتها.
وتحكي المؤلفة، في الكتاب الذي يقع في 115 صفحة من القطع الكبير، الكثير من القصص التي تتصل بعالم المرأة وكينونتها ووجودها.
ومن عناوين النصوص: "متأرجحة بين الوجود والعدم، دعاها للرقص.. تمنعت، رفضت، انتفضت، ثم دعاها مجددًا ومجددًا، فرقصت حتى ثملت برقصها أكوانُها".
تسرد المؤلفة خلال الكتاب الذي يشبه تدوين ما حملت الذاكرة بعض القصص التي تكتبها بلغة شعرية عن أحداث مرّت في حياتها ومواقف جرت معها، ومنها "نوال" التي تحكي فيها عن صديقتها التي تحملها الأقدار والسفر للغياب، وتلتقي بها مصادفة، وهو اللقاء الذي يعيد إليها ذكريات الطفولة والزمن الماضي وأيام الدراسة والطفولة البريئة.
وفي "هنيئا لك يا حاييم"، تصور الكاتبة حالة القهر والتمييز التي يعانيها العربي في المجتمع الإسرائيلي، واستحالة التقاء المشاعر بين الجلاد والضحية، التي تتمنى الأخيرة أن يذهب ولا يعود، وتتحقق الأمنية فتبتلع الحرب "حاييم" الذي كان يطاردها كما طاردتها الشرطة في المظاهرات، ولكن الضحية لا تستطيع أن تنسى صورة الجلاد التي تعود لها كل عام في أيلول.
وتدون الكاتبة بعض الذكريات عن حكايات الطفولة ، ومنها "مظلتي وما بعد ال 67"، في الرحلة التي قطعتها صغيرة من الناصرة إلى نابلس التي أصبحت قبلة الفرح بلقاء أقاربها والتي ارتبطت بمظلتها التي اشترتها لها أمها من أسواق نابلس، وكانت الطفلة السعيدة بها تنتظر المطر، وحينما جاء خانتها المظلة التي سكبت ألوانها على وجه الطفلة.
هذه هي الحكايات التي تبقى مع الإنسان من طفولته، المواقف المتناقضة التي تدعو للضحك، والذكريات السارة، ولكن الشيء الذي يحفر عميقا هو الحزن الذي يقيم في أعماق الإنسان وهو يعلم أنه يعيش أسيرا في بلاده.
وتستعيد الطفلة في "لم ينته الدرس بعد يا شادية"، مذبحة مدرسة (بحر البقر) التي أودت فيها الطائرات الإسرائيلية بحياة عشرات الطلاب، وتستعيدها الكاتبة في أغنية شادية.. "الدرس انتهى، لموا الكراريس، بالدم اللي على ورقهم سال، في قصر الأمم".
وتلتفت الكاتبة إلى بعض المشاهد الإنسانية في"كعك وسمسم وحلب" التي تصور فيها الرجل الستيني، فأنها تستعيد طفولتها بالرائحة التي تزكمها رائحة الحروب والموت الذي شاهدته في طفلين سوريين مضمخمين برائحة الزعتر والسمسم الشامي الجريح.
وتربط الكاتبة تربط بين ذكرياتها القديمة ومشاهداتها التي تصنع الحكاية بكل ما فيها من ألم، تقول"لقد أصبح للكعك في هذه اللحظات طعم آخر غير الذي عرفت، فكيف لي بعد ذلك أن أشتهي الكعك".
تكتب دعاء خطيب، بحس الأنثى ومشاعرها وذاكرتها ومتخيلها الذي ينظر للوجود بعين المحبة، وفي الوقت نفسه تكتب بروح المرأة المتمردة كما في "قرار" التي تريد أن تتخلى عن كل قيودها فتنزع الحلق والأساور، ثم تنتبه إلى الخلخال، فتنظر إلى المرآة، وتقول: "أهديتها ابتسامة صفراء وأنا أنزع ما تبقى من قيود".
يذكر أن، دعاء زعبي خطيب؛ من مواليد الناصرة، حاصلة على اللقب الأول في الدراسات العامة (لغة عربية وتاريخ شرق أوسط)، واللقب الثاني في (التربية والمجتمع)، عملت في التعليم، وهذه الطبعة الثانية من "خلاخيل".