«لا كرامة لنبي في وطنه»
«إشادات عالمية» في مواجهة الهجوم على الأزهر الشريف
هجوم واسع يستهدف الأزهر الشريف، بدعوى فشله في تجديد الخطاب الديني ومواجهة الإرهاب، بل إن بعض الإعلاميين ذهب أبعد من ذلك، ليقول إن المؤسسة، التي يتجاوزها عمرها الألف عام، ماتت. واتهم بعضهم الآخر المرجعية الكبرى للمسلمين السنة بتخريج الإرهابيين.
لم تمر حملة الهجوم على الأزهر الشريف مرور الكرام على أبنائه، حيث بادروا بالرد، ولجأ بعضهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي معلنا تواصل عدد من المؤسسات العالمية والدول مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر للاستعانة بمنهجه في مواجهة التطرف.
في الأول من مارس الماضي قال نبيل حجلاوي قنصل عام فرنسا بالإسكندرية، إن بلاده تتعاون مع الأزهر الشريف في نشر الدين الإسلامي الوسطي والاستفادة من خبرات أئمته.
وفي صيف العام الماضي 2016، وقع الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر، بروتوكول تعاون بين جامعة الأزهر والجامعة الكاثوليكية في باريس، وذلك فى مجالات الثقافة والترجمة والأدب وحوار الأديان.
وكما زارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأزهر، في مارس الماضي، وطلبت خلال لقائها بشيخ الأزهر، التعاون مع ألمانيا في مواجهة التطرف.
وقالت ميركل في تصريحات صحفية وقتها: "إنه لشرف عظيم أن أحل ضيفة على أعلى مرجعية سنية في العالم، ودائما ما تدعو للتسامح الإنساني. صوت الأزهر مسموع في كل البلدان".
ولم يتوقف الأمر على بعض البلدان الأوروبية التي تسعى للتعرف على طرق مواجهة الأزهر للإرهاب، ففي نوفمبر الماضي، بعث الرئيس السنغافوري، تونى تانكينج يان ببرقية شكر لشيخ الأزهر الشريف، قال فيها إن الأزهر يلعب دورا قياديا في العالم الإسلامي كونه "صوت للاعتدال".
كما سبق أن رحب الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، بالإمام الأكبر وأعضاء مجلس حكماء المسلمين، في زيارتهم لإندونسيا مؤكدا أن دور الأزهر في آسيا والعالم كبير جدا ومهم، كما أن خريجي الأزهر أسهموا بشكل كبير في النهضة التي تشهدها إندونيسيا حاليا.
وقال :"الأزهر الشريف حصن الأمة من التطرف، ونعول كثيرا على علماء الأزهر في نشر صحيح الدين وتوعية الناس بمخاطر التطرف والإرهاب".
إشادة دولية واسعة رغم الهجوم على الأزهر الشريف في الداخل، أمر يعلق عليه الدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية الوافدين بجامعة الأزهر، بالقول إن من يهاجمون الأزهر لا يقدمون أدلة على اتهاماتهم.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن الهجوم على أي شخص أو مؤسسة " أمر سهل"، لكن "قل هاتوا برهانكم" مشيرا إلى أنه بإمكان أي شخص أن يتطاول على الأزهر “لكنهم لا يعلمون مدى خطورة هذه الاتهامات”.
وأوضح عميد كلية الوافدين بالأزهر الشريف أن أكثر من 112 دولة تتعاون مع مؤسسات الأزهر، ويرسلون أبناءهم للتعلم فيه، و يستقبلون مبعوثي الأزهر لتعليم الجاليات الإسلامية حول العالم مفاهيم الدين الحنيف.
وعن اتهام مناهج الأزهر بأنها تنشر أفكار الكراهية ورفض الآخر، رد فؤاد قائلا:" قتل الخراصون"، مطالبا من يهاجم الأزهر بتقديم أدلته، لافتا إلى أن الأزهر أقر مؤخرا كتاب الثقافة الإسلامية على مراحل ما قبل التعليم الجامعي لنشر الأفكار الصحيحة عن الإسلام.
وألمح إلى أن جامعة الأزهر تعقد لقاء نصف شهري تحت عنوان ندوات "شبهات وردود" ويحضرها حوالي 6 آلاف طالب غير مصري، منتقدا وسائل الإعلام التي تهاجمه بعدم التطرق لمثل هذه الفعاليات.
واستنكر أستاذ العقيدة الإسلامية الهجوم الذي تزامن مع تفجيرات الأحد الماضي الذي استهدف كنيستي طنطا والإسكندرية وخلف قرابة 54 شهيدا، و119 مصابا، قائلا: يهاجمون الأزهر وكأنه من فجر الكنيستين أو حتى طلابه من قاموا بذلك على الرغم من أن كل المتهمين ليس بينهم أزهري واحد، ولا يوجد أي قيادة إرهابية تعلمت في الأزهر".
وقال فؤاد إن الفترة الأخيرة شهدت طلبات عدة من بعض البلدان الأوروبية تريد الاستعانة بمنهج الأزهر وشيوخه في مواجهة الأفكار المتطرفة، على رأسها فرنسا وألمانيا، وماليزيا.
وأضاف أن خريجي الأزهر يحتلون مناصب عليا ببلدان آسيا، ففي آخر زيارة لشيخ الأزهر لدولة إندونيسيا كان يجلس أمامه 17 وزيرا أزهريا ضمن أعضاء بحكومة الدولة.
وقال الدكتور حسام شاكر، الأستاذ المساعد بكلية الإعلام جامعة الأزهر، إن هناك تعاون كبير بين مؤسسة الأزهر، وبعض الحكومات على مستوى العالم.
وأضاف لـ"مصر العربية" بأن هناك اتفاقات أكاديمية مع بعض الجامعات الآسيوية والأوروبية لتعليم أبنائها اللغة العربية على يد أزهريين وبالاستعانة بمناهج الأزهر.
وتاريخيا كانت العلاقات الأزهرية مع الصين سابقة على التواصل الدبلوماسي بين القاهرة وبكين، بحسب شاكر، والتي ترجع للثلاثينات من القرن الماضي.
وأوضح أن الفضل يرجع لعدد من خريجي الأزهر وهم عبد الرحمن اتشونج، ومحمد مكين، ورضوان لي، في إنشاء قسم اللغة العربية في جامعة العلوم الشرقية ببكين.
وتابع أن ماليزيا حاليا تنسب النهضة التى تحققت فيها لما أسهم به أبناءها الذين تخرجوا في جامعة الأزهر، كما أن بعض رؤساء الولايات في إندونسيا تخرجوا في الأزهر، ويوجد أربعة من مستشاري رئيس الدولة من أبناء الأزهر.
وفي السياق ذاته قال الفقيه الدستوري المستشار طارق البشري إن حملة الهجوم على الأزهر الشريف تهدف إلى النيل من استقلاله.
وأضاف في تصريح لـ"مصر العربية" إن الدستور الحالي منح الأزهر استقلالية كاملة لكن هناك محاولة لخدش هذه الاستقلالية، وإخضاع المؤسسة العريقة، بحسب وصفه.
وأضاف أن هناك رغبة من قبل بعض الجهات ﻷن يتحول الأزهر لمؤسسة خاضعة تنفذ ما يملى عليها، دون تدخل منها حتى في شؤونها الداخلية.
وتابع أن هذه الحملة مرفوضة من الناحية الدستورية والتاريخية، ﻷن قامة الأزهر عالية وله دور وطني، ولا يجوز النيل من استقلاليته، ﻷنه من المؤسسات الأساسية لمصر المعاصرة.
وأوضح أن الهجوم الذي يشن على الأزهر لن ينال منه، لكنه سيظل باقيا وقائما بدوره التنويري العالمي، ونشر الثقافة الإسلامية في العالم، وقريبا سنرى نهاية من يهاجمونه.