(صور) «تيتو».. رحال يقضي ليالي العيد مسافرًا بالعجلة

كتب: آيات قطامش

فى: أخبار مصر

19:17 22 أغسطس 2018

فى طرق حالكة السواد ليلًا .. يضيء بعضها أعمدة إنارة أو وميض السيارات القادمة ذهابًا وإيابًا، ويكسوه صمت يتخلله صوت بدال دراجته الذى لا ينقطع إلى كل عدة ساعات لأخذ قسطًا من الراحة،  عن يمينه ويساره تارة صحراء شاسعة لا ترى لها أول من آخر، أو جبال شاهقة، وتارة أخرى أراض زراعية أو بحر  يظل هكذا طوال رحلته التى غالبًا ما يقطعها وحده إلى أن يصل للعمار فى المحافظة التى يقصدها.

 

"الرحال".. هكذا عرف بين اقرانه ليس لكونه كثير السفر فحسب، ففكرة التنقل من محافظة فى اقصى اليمين لأخرى فى اليسار أمر صار يستهويه، وبات اقرب  لقلبه من أى شيء، رغم المجهود الشاق الذى يتكبده لقطع مئات الكيلو مترات وهو يقود عجلته من هنا بالقاهرة لأى مكان يقصده.

العيد تلك المرة قرر أن يقضيه على طريقته الخاصة، حيث اعد دراجته وزودها بالماء والطعام وعدة الصيانة والخيمة، وانطلق  فى الخامسة من مساء أمس أول أيام العيد من القاهرة، ووصل السويس فى الحادية عشر استقر بها لفجر اليوم التالى لينطلق منها لرأس سدر وهناك وصل ظهرًا ونصب خيمته بصحبة رفيق له قرر أن يشاركه تلك الرحلة، ومن المقرر بعد استراحة أن ينطلق مجددًا بدراجته قاصدًا طابا ودهب. 

تواصلت (مصر العربية) مع الرحال  لبالغ من العمر 27 عامًا، ويدعى محمد حسن الشهير بـ "تيتو الرحال".. وبينما كنا نتحدث إلى كان وصل للنقطة التالية فى رحلته صباح ثانى أيام العيد، وينصب خيمته فى رأس سدر.

 

أخبرنا "تيتو الرحال"..أنه بشكل عام بعيدًا عن "العجلة" كان يهوى السفر من الصغر، ولفت إلى أنه يعمل فى شركة بترول ويعمل إلى جوارها فى سواقة السيارات مع احدى الشركات، وكان ينتظر التكليفات التى بها سفر من محافظة لأخرى. 

 

أما عن قصة  ترحاله هو بالدراجة فيقول: "منذ عام ونصف شجعنى أحد زملائى فى العمل على شراء عجلة،  للتوجه بها لمقر عملى بدلًا من المواصلات، وبالفعل قمت بذلك،  وفوجئت بذات الشخص يعزمنى عن والده بالعجمى فى الاسكندرية على افطار رمضان قبل الماضى، واتفق معى على أن نتوجه إلى هناك كل منا على دراجته".

 

كانت التجربة الأولى له مرهقة قائلًا: "البداية لم تكن سهلة فصديقى كان يريد أن يسير 50 كيلو متواصل دون أن أخذ قسطًا من الراحة، فى حين أنا لم أكن مؤهلًا لذلك، فكنت احتاج إلى التوقف كل فترة، ولكن فى النهاية أكملت معه الطريق من القاهرة للاسكندرية بالدراجة فى تجربتى الأولى، وكنت حينها صائمًا حيث خرجنا من بعد الفجر ووصلنا للعجمى فى السادسة صباحًا".

علمنا منه أنه بعد ذلك استهوى فكرة السفر بل أنه تفوق على قرينه، وخرج عدة رحلات بمفرده، أطولها مسافة كانت من القاهرة لأسوان واستغرقت معه 6 أيام، حيث توجه من القاهرة قاصدًا طريق البحر الأحمر ومنه لقنا ولأقصر. 

 

يجتاز "محمد" البوابات بين المحافظة والأخرى دون الحاجة لدفع الرسوم،  ويقول: لم يحدث ذات مرة أن استوقفه أحد سوى واحد فى كمين اسنا طلب بطاقته للكشف عنها. 

 

30 كيلو فى الساعة.. باتت هذه متوسط السرعة التى يقطعها تيتو الرحال فى الساعة الواحدة، لافتًا إلى أنها يمكن أن تقل إلى 10 كيلومترات فى حال وجود تيار هوائى شديد فى مواجهته يعيق ويحد من سرعة حركته. 

 

أما عن احتياطات الأمان التى يحرص على أن تكون بحوزته؛ يشير إلى أن يضع باستمرار فى العجلة عدة الصيانة بكافة مشتملاتها، ولكن الأجمل  أنه بات يعكف على تزويد دراجته بكل ما من شأنه توفير سبل الراحة له فى سفره، لافتًا إلى أنه قام بعمل مكان عند الدراجة الأمامى يضع عليها حقائبه حتى لا يضطر إلى حملها على ظهره كل هذه الساعات. 

 

كما أنه زود دراجته بزجاجة مبرده للمياه يخرج منها خرطوم يدخل فى "الجادون" يسحبه ويشرب منه كلهما احتاج لذلك، ومكان لكولمن فى العجلة من الخلف، وغطاء للجنزير ، وقام بتركيب كاسيت".

رغم أن الدراجة كلفته فى بادئ الأمر عند شرائها  8 آلاف  جنيه، إلا أنها الأن أكثر وسيلة تدخل على قلبه الراحة، ووفرت عليه الكثير فلا وقود ولا تكلفة مواصلات  أو بوابات.

 

لم ينس الرحال أن يأخذ معه فى حقيبته خيمة وسليبنج باج وأكل فى معلبات وعصائر وسبرتايه.

 

لم تكن هذه الرحلات فقط التى قطعها، ولكن توجه فى وقت سابق للسلوم  وحدود ليبيا وحلايب وشلاتين وغيرها من المحافظات، ولم يتخلل القلب لخوفه وهو يسير وحده فى طريق سفر طويل موحش مستندًا لكلمات أمه ودعواتها التى قذفت الطمأنينة فى قلبه. 

اعلان