صور|جاسيندا أرديرن.. رئيسة وزراء نيوزلندا الشابة اليسارية في مواجهة الإرهاب

كتب: سارة نور

فى: أخبار مصر

10:00 17 مارس 2019

حزن لا تخطئه عين يعتلي وجهها الثلاثيني، بينما تقف على المنصة تعزي شعبها في استشهاد نحو 53 شخصا وإصابة آخرين بجروح خطيرة لم يرتكبوا جرما سوى أداء الصلاة في مسجدين بـ"برايكست تشرتش" في نيوزلندا. 

 

بملابس الحداد، ونبرة صوت حزينة لا تخلو من الصدمة.. تفاعلت جاسيندا أرديرن رئيسة الوزراء النيوزلندية مع الحادث الذي أشعل بلادها الهادئة منذ اللحظات الأولى، واعتبرته يوما أسود في تاريخ بلادها. 

على مدار اليومين الماضيين لم تهدأ "أرديرن" تتابع تداعيات الحادث الأرهابي والقبض على الأرهابيين بالإضافة إلى اتخاذ التدابير الحمائية اللزمة لمنع وقوع المزيد من الضحايا، ولم يفوتها طمئنة شعبها بين الحين والأخر لتطلعه على آخر المستجدات في مؤتمراتها الصحفية.

 

في مبادرة تضامنية، ارتدت "أرديرن" حجاب وعباءة سوداء تشبه إلى حد كبير الأزياء التي ترتديها المرأة العربية، أثناء زيارتها مركز "كانتبري" للاجئين في مدينة كرايست تشيرش للقاء ممثلين عن الجالية الإسلامية وعائلات وأقارب ضحايا الحادث الإرهابي. 

"نشعر عميقا في قلوبا ما حصل لكم، نشعر بالأسى وبالظلم وبالغضب ونحن نتشارك بهذا معكم، تريدون عودة احبائكم لكم، وأعلم أن هناك أمور دينية فيما يتعلق بالدفن وهذا أمر في قائمة أولوياتنا".. هكذا تحدثت أرديرن التي حرصت على إظهار تعاطفها تجاه الضحايا و ذويهم.

 

وقالت رئيسة الوزراء النيوزلندية، أمس السبت: "واحدة من بين الأمور التي واجهناها كانت المساجد، كان يتوجب علينا التأكد من أنها آمنة للأشخاص، وحالما تمكنت الشرطة من القيام بذلك بدأت بالتعرف وتحديد هوية أحبائكم، بالطبع سيقومون بذلك بأكبر سرعة ممكنة".

وأضافت أرديرن: "تأكدوا أننا نعلم مدى أهمية التسريع في هذه العمليات بالنسبة لكم ونحن نقوم بكل ما يمكننا القيام به حاليا.. سلامتكم هو الأمر الثاني الذي أريد التأكيد عليه، وأن يكون لكم أماكن آمنة للعبادة وأن تشعروا بالأمان خلال عبادتكم"

 

في مؤتمر صحفي سبق لقائها بأهالي الضحايا، تعهدت رئيسة الوزراء النيوزيلندية تشديد قوانين حمل الأسلحة، إذ تبين أن المهاجم كانت لديه رخصة حمل أسلحة حصل عليها فينوفمبر 2017، قائلة: "مجرد أن هذا الشخص حصل على ترخيص وحاز أسلحة من هذا النوع، يدفعني الى القول إن الناس يريدون أن يتغير ذلك، وسأعمل على هذا التغيير".

وفي مفارقة، طلبت رئيسة وزراء نيوزيلندا، من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبداء «التعاطف والمحبة» حيال كافة المجتمعات المسلمة، على حد قولها، ويبدو أن هذا له علاقه بوصف المتهم بالهجوم أن ترامب رمزا للهوية المتجددة.

 

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أدان الحادث بعد ساعات طويله بعكس رؤساء باقي الدول، قائلا على حسابه على تويتر:"أعرب عن أحر مشاعر المواساة وأطيب التمنيات للنيوزيلنديين بعد المجزرة المروعة التي استهدفت المسجدين".

قبل  10دقائق من ارتكابه الحادث الإرهابي، وصل القاتل إلى العنوان العام لأرديرن ، وأرسل إليها  خطابا كانت صياغته توحي بأن الجريمة قد وقعت وأنه يأتي تفسيرا لما قد حدث، بحسب المتحدث باسم رئاسة الوزراء النيوزلندلية، لكن أرديرن لا تنوي نشر هذا الخطاب. 

 

جاسيندا أرديرن رئيسة الوزراء النيوزلندية التي تبدو أنها تدير الأمور بمهارة وتتفاعل مع الأحداث بما يليق بها، تولت زمام البلاد كثالث أمرأة تحتل منصب رئيسة وزراء في بلادها في أكتوبر 2017 ولم تكن تبلغ من العمر سوى 37 عاما.

 

جاسيندا التي تنتمي إلى يسار الوسط، انتخبها مواطني بلادها بعد أشهر قليلة من استلامها زعامة حزب العمال في نيوزيلندا أن كسبت دعم حزب "نيوزيلندا أولا" وكذلك دعم رئيسة الوزراء النيوزيلندية السابقة عن حزب العمل هيلين كلارك، وكانت كلارك معروفة في الخارج بتأسيس وحل أسراب مقاتلة لسلاح الجو النيوزيلندي.

 بعد انتخابها، واجهت رئيسة الوزراء معضلة قيادة ائتلاف ائتلافًا يتكون من أعضاء البرلمان التابعون لحزب العمل والخضر والنواب التسعة في حزب "نيوزيلاندا أولًا" الذي يرأسه القومي ونستون بيترز، والذي شن حملة ضد الهجرة ومبيعات الأراضي والمساكن للأجانب.

 

وبعد إعلان ونستون بيترز عن نواياه المعادية للمهاجرين، ظهرت جاسيندا في مؤتمر صحفي قائلة: "هذا يوم رائع، نحن نطمح إلى أن نكون حكومة لجميع النيوزيلنديين وأن نغتنم الفرصة لبناء نيوزيلندا أكثر عدلًا وأفضل".

قبل توليها رئاسة الوزراء، ظلت أرديرن نائبة برلمانية تابعة لحزب العمل لمدة تسعة أعوام ولم تشغل قط مناصب وزارية، بدأت جاسيندا حياتها المهنية بعد تخرجها من جامعة وايكاتو في عام 2001 بالعمل كباحثة في مكتب رئيسة الوزراء هيلين كلارك.

 

وعملت لاحقاً في المملكة المتحدة كمستشارة سياسية لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير وتم انتخابها رئيسة للاتحاد الدولي للشباب الاشتراكي في عام 2008 وشغلت المنصب لما يقارب العشر سنوات.

وكثاني رئيسة وزراء على مستوى العالم بعد رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بينظير بوتو في 1990، أخذت "أرديرن" أجازة وضع لتضع مولدتها الأولى التي سمتها "نيف تي" من زوجها مقدم البرامج التليفزيونية كلارك جيفرود وعادت في أغسطس 2018 لرئاسة اجتماعات حكومتها. 

لأول مرة، ببطاقة مرور أمني مسجل عليها "طفلة نيوزيلندا الأولى"، دخلت نيف تي وهي عمرها ثلاثة أشهر أروقة وقاعات الأمم المتحدة، في سبتمبر 2018، بينما أرديرن كانت تلقي كلمة في قمة للسلام بالجمعية العامة في لفتة أثارت إعجاب الأمين العام والصحافة العالمية.

اعلان