الزواج على طريقتي !

الزواج على طريقتي !

دينا نجم

دينا نجم

03 يناير 2016

يتحدث صديقي عن عدم سعادته في زواجه وعن شعوره بالندم الشديد على الإقدام على تلك الخطوة، وإنه لو عادت به الأيام ما كان سيتزوج أبدًا قائلًا: "كيف يتخلى المرء عن حريته بتلك البساطة؟ إنه جنون".. مؤكدًا إنه لا يهوّن عليه ويقلل من كآبته سوى ابنه الوحيد الذي يحبه لدرجة الجنون أيضًا.. ثم ينتهي بنا الحديث وهو يسألني متى سأرتبط وإن كنت أعيش قصة حب في الوقت الحالي قائلًا وهو يضحك: "الشخص المناسب سيظهر في الوقت المناسب".


تفتتح صديقتي مكالماتها الهاتفية لي بالبكاء الشديد والشكوى من معاملة زوجها وعدم تحمله لأي مسئوليات وإحساسها الدائم أنها "الراجل" في العلاقة وإن الزواج قتل كل أحلامها وتهنئني على كوني حرة طليقة غير مرتبطة قائلة: "يا بختك.. خليكي كده متتجوزيش".

وفي المكالمة التالية تلومني بعشم: "إنتي شكلك فيه حد ومخبية، يلا بقى حموت وأحضر فرحك".


أرى صور رومانسية هنا وهناك تنم عن سعادة بالغة وحب كبير. ثم أقرأ اعترافات أزواج وزوجات عن حياة بائسة تعيسة وسجن كبير يحلمون بالهروب منه. ثم أنظر إلى من حولي فأراهم جميعًا يطالبوني بالزواج عشان "يفرحوا بيا" ولا أعلم من أين ستأتي الفرحة بالضبط أو كيف لي أن أتوقعها أو حتى أتمناها؟ هل يريدون لي التعاسة التي يعيشونها؟ هل يخدعوني؟ هل يتمنون أن ألقى نفس هذا المصير الحزين؟ بالطبع ليست هذه نواياهم.. فأتطلع بمنتهى الأمل والرجاء إلى السعداء وأنتظر منهم أن يحدثوني عن سعادتهم واللحظات الرائعة التي يقضونها مع شركاء حياتهم.. ولا يفعلون.. هل لأنهم ليسوا سعداء فعلًا؟ هل يدّعون السعادة أمام الأعين فقط؟! أم إن السعيد لا يتحدث عن سعادته والبائس فقط هو من يشاركنا بؤسه؟ لا أعلم.


أهرب بسرعة إلى هذا الصديق الذي تزوج عن قصة حب عنيفة شبيهة بأفلام السينما، فأسأله بمنتهى البراءة: هو الجواز وحش بجد؟ فيبتسم وكأنه يطبطب علي رأسي مثلما يفعلون مع الأطفال عندما يبالغون في أسئلتهم الساذجة قائلًا: "متتجوزيش غير لما يبقى فيه واحد حتموتي من غيره.. الجواز صعب أوي". 


أؤمن بشدة إن في الحياة أشياء كثيرة جدًا لن تفهمها أبدًا إلا إذا عشتها بكل تفاصيلها وأنا لا أفهم الزواج لأني لم أعشه.. ولكني في محاولات دائمة لتخيل أو تخمين شكل الحياة بعده.. فأشطح بأحلامي الرومانسية لأرى قصة حب لم يعرف لها مثيل ورجل صادق ومخلص يحبني كما لم يحب أحدًا أبدًا ويفتخر بوجودي إلى جانبه وينظر إلىَّ أمام الجميع نظرة: "هذه لي" ثم أفيق فجأة على صوت صديقتي المزعج: ليس هناك رجلًا مخلصًا ومهما كانت مقاومة الرجل، تظل أي إمرأة قادرة على إلحاقه لقب "خائن" ثم تحكي لي كيف اكتشفت صديقتها خيانة زوجها بعد عشر سنوات من الزواج والعشرة الطويلة. فيشرد ذهني: هل فعلًا كل الرجال خائنون؟ 

 

ليس لدي إجابات واضحة على كل هذه الأسئلة.. بل ليس لدي إجابات من الأساس.. وأتفهم إن الدنيا ليست فقط أبيض أو أسود وإنه ليس باستطاعة أحد أن يجيبني إجابات مريحة مطمئنة.. ولكني أتسائل دائمًا لماذا لا يتفهم أحد حيرتي؟ ولماذا يقللون من مخاوفي إذا كانوا هم مصدرها؟ ولماذا يطالبوني بالحاجة وعكسها؟ ولماذا يريدون تقرير مصيري؟ ولماذا يظنون إنهم يعرفون الطريق إلى سعادتي؟  

إذا كان الزواج سيئًا فعلًا فلا أريد أن أعرف ذلك.. أريد أن أحتفظ بأحلامي البريئة التي لم تشوهها بعد آلام التجربة والفراق والفتور والخيانة.. لا أريد أن أصدق إن قصة الحب التي طالما رسمتها في خيالي ما هي إلا بداية لفيلم درامي كئيب ينتهي نهاية حزينة أو نهاية مفتوحة غامضة لا تعرف فيها مصير البطل والبطلة.

أريد أن أثق في قدرتي على الاختيار والحكم على الناس.. وأن أؤمن بإنني لن أختار رجلا يخونني بعد أن أحبه وأخلص له.. أو أكتشف إنني لم أعرفه كما يجب وأُصدم فيه.. أريد أن أوعد قلبي إنني لن أتركه للحب وحده يقوده بل سأقوده أنا بعقلي.

أريد أن أصدق إنني لن أعيش حياة فاترة مملة مع شخص لا يربطني به سوى أطفال فرضوا علينا واقعًا قاتمًا نرفضه.. أريد أن أقتنع بإني سأبدأ حياتي مع شخص وسأنهيها مع الشخص نفسه.. دون أن أفقد احترامي لنفسي أو أتنازل عن أحلامي.. أريد أن أحلم.. ولذلك سأترك لكم الواقع بكل ما فيه.. أما الأحلام فلتتركوها لي!